من واشنطن

موقع تونس في الإستراتيجية الأميركية بالشرق الأوسط

ناقشت الحلقة عدة محاور ذات صلة بالإستراتيجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وموقع تونس فيها.

قبل انتخابات الرئاسة في تونس، كان التونسيون قد خاضوا غمار انتخابات برلمانية فاز فيها نداء تونس بزعامة الباجي قايد السبسي، فيما احتلت حركة النهضة بزعامة راشد الغنوشي الموقع الثاني.

وقد وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما تلك الانتخابات بالمَعلم الجديد على درب التحول الديمقراطي في تونس، وأضاف أن الشعب التونسي قد ألهم مجددا شعوب المنطقة والعالم بعد ثورته في العام 2011.

تونس بلد صغير جغرافيا وسكانيا، كما أنه يرتبط تاريخيا واقتصاديا بأوروبا أكثر من ارتباطه بالولايات المتحدة.

حلقة الثلاثاء (25/11/2014) من برنامج "من واشنطن" ناقشت محاور ذات صلة بالإستراتيجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وموقع تونس فيها، وتساءلت عن نظرة واشنطن إلى أهمية تونس الاقتصادية والإستراتيجية اليوم وغدا.

تطلعات الشعوب
وفي مستهل الحلقة، ذكر بن رودز نائب مستشارة أوباما لشؤون الأمن القومي، أن الولايات المتحدة تسعى إلى التأكيد على أنها تقف مع ما يريده الناس وترفض النظر إليها على أنها ضد تنظيم الدولة الإسلامية فحسب.

وأكد رودز أن بلاده تعرّف نفسها على أنها تدعم تطلعات الشعوب في بلدان كتونس أو أي بلد آخر في المنطقة العربية.

وفي تقرير جديد للبنك الدولي في واشنطن عن تونس تحت عنوان "الثورة غير المكتملة"، يقول الخبير الاقتصادي الإيطالي أنطونيو نوتشيفرا، إن الفساد والمحسوبية في عهد بن علي أعاقا نمو اقتصاد البلاد إلى درجة أدت في نهاية المطاف إلى اندلاع الثورة، مشيرا إلى أن قطاعات كبيرة وحيوية من الاقتصاد التونسي كانت تحتكرها أسرة بن علي.

وأوضح نوتشيفرا في مداخلة في البرنامج أن تونس زمن بن علي كانت تحكمها آلية تعمل وتستحوذ على ثروات البلاد لصالح أقلية صغيرة.

وأضاف أن اللوائح والسياسات في البلاد تم التلاعب بها للحيلولة دون إتاحة الفرص وفتح نطاق المنافسة بين الجميع.

ورأى أنه كي تتجاوز تونس وضعها الاقتصادي الصعب، لا بد من إرساء نظام اقتصادي يحظى في جميع التونسيين بنفس الفرص الاقتصادية، لافتا إلى وجود متاهات بيروقراطية تحبط التونسيين وتمنع صغار رجال الأعمال من بدء أي نشاط اقتصادي.

أوروبا عاجزة
ومن باريس، تحدث حسني عبيدي مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسط، وقال إن أوروبا الآن غير قادرة على تلبية حاجات دول الربيع العربي، لذلك أصبحت بعض هذه الدول تلتفت للولايات المتحدة ودول أخرى.

وأعرب عبيدي عن اعتقاده بأن الحل يتمثل في التعاون "جنوب جنوب"، وبين أن الدول العربية الغنية وبعض الدول الآسيوية يمكن أن تساعد دول الانتقال الديمقراطي من أجل تقوية اقتصادها وبالتالي إضعاف احتمالات الهزات السياسية والأمنية.

من جانبه، أوضح رضوان المصمودي مؤسس ورئيس مركز دراسة الإسلام والديمقراطية، أن منظومة الفساد التي كانت منتشرة في تونس كانت محمية بالاستبداد.

وقال إن الإدارة الأميركية فهمت أن الاستبداد هو من أسباب تفشي ظاهرة الإرهاب، وهو أيضا لا يسمح بالتنمية.

وبيّن أن السوق الحرة أصبحت اليوم ضرورة، ودونها ليست هناك تنمية.

وشدد المصمودي على أن الحاجة اليوم في تونس لحوار وطني ينكب على الإصلاحات الاقتصادية، لافتا إلى أن الولايات المتحدة لن تستطيع فرض نظامها الاقتصادي على الشعب التونسي.

كما استضافت الحلقة أيضا المحلل السياسي والاقتصادي حافظ غويل الذي اعتبر في مستهل مداخلته أن تونس تمثل للولايات المتحدة الفرصة الوحيدة المتضمنة لقدر من المصداقية من شأنه تصفية المياه العكرة من الفساد والاستبداد والتطاول على حرية الناس.

وبيّن غويل أن نجاح الانتقال الديمقراطي في تونس سيزيد من تأييد الولايات المتحدة للمنطقة العربية، بينما إذا كان مآلها الفشل فسيؤيد ذلك الأصوات الموجودة في أميركا التي تقول إن الشعوب العربية لا تصلح لأن تظهر فيها أنظمة ديمقراطية.