شاهد على العصر

عبد الفتاح مورو: المنهج الجاف أوجد تنظيم الدولة ج1

تحدث عبد الفتاح مورو، أحد مؤسسي حركة النهضة التونسية ونائب أمينها العام، في الحلقة الأولى من سلسلة شهادته للبرنامج عن البيئة التي نشأ فيها وتأثيرها على مسيرته.
قال عبد الفتاح مورو، أحد مؤسسي حزب حركة النهضة التونسية، إن البيئة المنفتحة التي نشأ وتربى فيها لعبت دورا كبيرا في تكوين شخصيته وفي صقل مواهبه، بدءا من حي باب السويقة التي كانت -بحسبه- منطقة للتغيير، وصولا إلى جامع الزيتونة والمدرسة الصادقية ثم مدرسة الحياة.

فباب السويقة الذي ترعرع فيه مورو كان مهدا ومنطلقا لمجالات عديدة، وكان بيئة مفتوحة -مثلما يؤكد هو نفسه في شهادته الأولى لبرنامج "شاهد على العصر"- تعلم من مناهجها التربوية معارف ومعلومات، ومن مناطقها الشعبية كيف يتعامل مع الناس ويتأقلم مع الواقع.

وفي المدرسة الصادقية التي خرجت منها معظم الأطر التي بنت الدولة التونسية، تعلم نائب رئيس حركة النهضة التونسية اللغات والعلوم، ولم يكتف بما كان يتلقاه في المدرسة لأنها "لا تعطي سوى رؤوس أقلام"، وإنما قام بصقل شخصيته من خلال الكتب التي كان يشتريها -كما يقول- وهو صغير السن حتى كوّن مكتبته الخاصة.

انتمى مورو إلى طرق الصوفية، لكنه يقول إنه لا يؤمن بالخزعبلات التي توجد فيها، ومن وجهة نظره فإن "العقل العربي لم يصفُ حتى الآن من خرافات ما أنزل بها الله سبحانه وتعالى من سلطان"، وإن خروج العرب من التخلف لن يكون إلا بإلغاء الخرافات.

وينفي أن تكون المساجد هي التي أنشأت تنظيم الدولة الإسلامية، وإنما "المنهج التربوي الجاف الذي لا ينفتح على آفاق العقل والروح والضمير.."، فلا يقرأ صاحبه الشعر ولا يسمع الموسيقى.

بورقيبة
وعرج ضيف "شاهد على العصر" أيضا على المرحلة التي عايشها في عهد الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، وقال إنها عرفت العديد من الإجراءات التي اتخذها بورقيبة في ظل الفراغ القانوني في تونس (1956-1959)، مثل إغلاق جامع الزيتونة وإلغاء الأوقاف (الأحباس)، وهي إجراءات كان لجأ إليها بورقيبة "خوفا من الإسلاميين ومن التيار الزيتوني".

وبحسب مورو، فإن التونسيين لم يفهموا وقتها أن تلك الإجراءات "تقطع من تاريخ لتفتح على تاريخ جديد"، بحجة أن تلك الأنظمة التعليمية اتهرأت وأصبحت متخلفة.

غير أن الدواء لم يكن الإلغاء -يضيف مورو- وإنما الإصلاح، ويشير إلى أن العالم والفقيه التونسي الشيخ الطاهر بن عاشور ألف كتابا عام 1923 بشأن إصلاح التعليم عنوانه "أليس الصلح بقريب؟"، جاء فيه أن النظام التعليمي في الزيتونة تحول من "تكوين ملكات إلى جمع مجموعة معلومات" أي حفظ فقط، لكن بورقيبة لم يستمع إلى هذا الصوت.

وخلص ضيف "شاهد على العصر" إلى أن بورقيبة كان عنده مخطط سابق يتعلق بعلمنة الدولة بدأ في تنفيذه بمجرد وصوله إلى الحكم، وهو شخص "كان قد أخذ بعقول وقلوب الناس"، وكان "زعيما ميدانيا" لأنه يقوم باتصالات مباشرة مع الناس.