شاهد على العصر

حنيني: جهزنا أول عملية استشهادية بآلة مولينكس ج3

كشف عبد الحكيم حنيني -أحد مؤسسي كتائب عز الدين القسام- في الحلقة الثالثة من شهادته لبرنامج “شاهد على العصر” تفاصيل أول عملية استشهادية عام 1993.
 

بعد نجاح المهندس يحيى عياش في تصنيع المتفجرات، بدأ تفكير المجاهدين في كتائب عز الدين، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ينصب على ضرورة ابتكار أدوات جديدة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، فجاء الاتفاق على تصنيع عبوة ضخمة يجري تفجيرها في مركز تجمع لجنود الاحتلال. 

وكانت فكرة المهندس الشاب الذي خطط لأول عملية استشهادية -كما يؤكد حنيني، أحد مؤسسي كتائب القسام لحلقة 25/1/2015 من برنامج "شاهد على العصر"- أن يتم تحضير المواد اللازمة لصنع المتفجرات، ثم وضعها في أسطوانات غاز ضخمة، لكن المشكلة كانت في كيفية الحصول على هذه الأسطوانات بسبب قيود الاحتلال.

ولجأ حنيني إلى شراء خمس أسطوانات فارغة تحت ذريعة حاجته إليها لأنه يريد فتح محل حلويات، وبعدها قام رفقة مجاهد آخر يدعى أبو مصطفى بشراء المواد اللازمة لصنع البارود البدائي، وهو عبارة عن السماد الذي يستخدمه المزارعون والفحم العادي والكبريت الذي يستخدم كمبيد للحشرات.

ويؤكد حنيني أن كيفية طحن الفحم حتى يدمج مع بقية المكونات، كانت مشكلة أخرى واجهتهم، لكن أبو مصطفى وزوجته اقترحا أن يكون مطبخ بيتهما هو المكان المناسب لذلك، فتم شراء أربع آلات من نوع " مولينكس" لطحن الفحم.

بعد تجهيز كل المواد اللازمة، قام حنيني وأبو مصطفى بنقلها إلى مخزن سري، وجيء بيحيى عياش ليعمل خلطة المتفجرات التي ستستخدم في العملية الاستشهادية ضد جنود الاحتلال. وتمت تعبئة خمسين كيلوغراما من البارود المتفجر في كل أسطوانة.

ويشهد حنيني أنه لا هو ولا أبو مصطفى كانا يعرفان اسم ولا بلدة عياش، حيث قدم لهما من طرف زاهر جبرين على أنه مهندس في كتائب القسام وفقط، وعياش أيضا لم يكن يعرف عنهما شيئا، وذلك من باب الاحتياطات الأمنية داخل كتائب القسام.

وكان زاهر مطاردا من الاحتلال، ومسؤولا عن كل المطاردين وكان عددهم عشرة.

بعد الانتهاء من تجهيز السيارة التي ستتم بها العملية، فوجئ المجاهدون باعتقال زاهر من طرف الاحتلال في أبريل/نيسان عام 1993 في نابلس بالضفة الغربية، مما جعلهم يسارعون إلى تغيير مكان السيارة، وذلك بالتنسيق مع نديم دوابشة الذي حل مكان زاهر المعتقل.

وكان مقررا أن يتم وضع السيارة وبداخلها العبوة في تجمع للجنود الإسرائيليين وتفجيرها عن طريق هاتف لاسلكي، غير أن -يواصل حنيني في شهادته- غلق أراضي 48 جعلهم يبحثون عن بدائل لتنفيذ العملية، فطرح يحيى عياش فكرة العمل الاستشهادي، أي أن يقود شخص ما السيارة ويفجرها.

   

 

لكن فكرة عياش (اغتاله الاحتلال عام 1996 بغزة) تطلبت اللجوء إلى فتوى شرعية من شخص يثقون في دينه وفقهه، فاستنجد "ضيف شاهد على العصر" بأحد أساتذة الشريعة في جامعة النجاح -لم يذكر اسمه- والذي أكد له أن من يقوم بهذا العمل يعتبر "سيد الشهداء، وأن اقتحامه جنود العدو وتفجير نفسه فيهم يعد شيئا عظيما عند الله سبحانه وتعالى"، وطبعا لم يكن الدكتور المفتي يعلم أن محدثه ينتمي لكتائب القسام.

تنافس على الشهادة
وذهب دوابشة إلى جماعة المطاردين من طرف الاحتلال ليبحث عن متطوع استشهادي، ليقع الاختيار على أشرف الواوي ليقوم بالعملية من بين المتنافسين الذين أصبح عددهم ما بين خمسة وستة، بعد الاعتقالات التي طالتهم.

وفي 13 أبريل/نيسان عام 1993، نفذت أول عملية استشهادية لكتائب القسام بنجاح، واستهدفت مطعما لجنود الاحتلال في مستوطنة قريبة من منطقة بيسان.

واتصل حنيني في اليوم التالي -كما يؤكد هو نفسه- بصحفي من وكالة رويترز في قطاع غزة ليخبره أن العملية من تنفيذ كتائب الشهيد عبد الله عزام، واسم الاستشهادي هو أشرف الواوي.. لكن المفاجأة كانت في أن الذي قام بالعملية ليس الواوي وإنما الشاب ساهر تمام (عشرون عاما) الذي أصرّ بشدة على أن يكون هو منفذ أول عملية استشهادية ضد الاحتلال.

وكان ساهر ينحدر من عائلة غنية في نابلس، لكنه آثر -كما يؤكد حنيني نقلا عمن عاشروه- العمل الجهادي ومقاومة الاحتلال حتى أصبح مطاردا.

وجاء في شهادة حنيني الثالثة لبرنامج "شاهد على العصر" أن أولى عمليات كتائب القسام لم تكن تستهدف المدنيين الإسرائيليين وإنما الجنود فقط، وأن الذي جعلها تغير منهجها هو جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني ومجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994.  

يُذكر أن حنيني ولد عام 1965 بقرية بيت دجن بشرق نابلس بالضفة الغربية من عائلة بسيطة، حيث كان والده يمارس الزراعة ورعي الغنم، ووالدته كانت ربة بيت، وهو أسير محرر، كان قد أُبعد فور إطلاقه ضمن صفقة "وفاء الأحرار" يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول 2011 التي أفرجت إسرائيل بموجبها عن 1050 أسيرا وأسيرة من سجونها مقابل الجندي جلعاد شاليط الذي أسرته المقاومة عام 2006.