شاهد على العصر

البكوش: أحداث قفصة تمت بترتيب جزائري ليبي ج9

في شهادته التاسعة، كشف رئيس الوزراء التونسي الأسبق الهادي البكوش تفاصيل صراع الأجنحة بتونس في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، وهو الصراع الذي أطاح بوجوه سياسية وجاء بأخرى.

واصل التونسي الراحل الحبيب بورقيبة في نهاية السبعينيات الإطاحة بالمناوئين له، وهذه المرة كان دور رئيس حكومته الهادي النويرة الذي أصيب نتيجة الضغوط بجلطة أخرجته من الحياة السياسية. كما أطاح بورقيبة بنتائج المؤتمر العاشر للحزب الاشتراكي الدستوري الذي عقد عام 1979 بحجة تدخل الجيش فيه.

وقال رئيس الوزراء التونسي الأسبق الهادي البكوش في شهادته التاسعة لبرنامج "شاهد على العصر"، إنه في إطار الصراع على الخلافة في تلك الفترة قامت جماعة تضررت من نتائج الانتخابات داخل الحزب الاشتراكي -وبينها الشخصية الوطنية الراحل الحسن بلخوجة، وكان مقربا من بورقيبة وزوجته وسيلة بن عمار (طلقها لاحقا)- بإقناع بورقيبة بتدخل الجيش في المؤتمر، مما دفعه إلى إبعاد المشرفين على المؤتمر.

وبموجب أوامر بورقيبة، تم إبعاد البكوش إلى خارج تونس، ووزير الدفاع عبد الله فرحات ترك منصبه في وزارة الدفاع، أما النويرة الذي فرضت عليه تلك القرارات -بحسب شهادة البكوش- فكانت ضربة قوية له، ووضع بين خيارين: إما الاستقالة أو الخضوع والسجن. 

ويذكر أن البكوش -الذي عين عام 1978 مستشارا سياسيا للنويرة- كان قد أدخل السجن عام 1969 بتحريض من وسيلة، وفي عام 1974 نفاه بورقيبة إلى مدينة جندوبة التونسية لمدة سنتين، ومن 1979 إلى 1985 أبعده ست سنوات متتالية، من قنصل عام في ليون بفرنسا إلى سويسرا إلى الجزائر ليعود عام 1985.

ونتيجة الضغوط التي تعرض لها إثر أحداث 1978، خرج النويرة من الساحة السياسية التونسية بسبب الجلطة التي أصابته بداية عام 1980، حيث نقل إلى ليون للعلاج، لكنه لم يحظَ بالعناية من قبل الدولة التونسية، وكانت هناك محاولات لتشويه صورته وهو مريض.

كما أن النويرة كان ملاحقا من قبل العقيد الليبي معمر القذافي، وأرسل جماعة لاغتياله في ليون، حسب ما يؤكده البكوش، الذي قال إن خروج النويرة من الساحة السياسية لم يكن مشرفا له وكان مؤلما، وقبله كان خروج رئيس الحكومة الباهي الأدغم غير مشرف أيضا، وكان الاثنان مرشحين لخلافة بورقيبة وأطيح بهما.

أحداث قفصة
وبشأن أحداث خطة الهجوم على قفصة في 27يناير/كانون الثاني 1980، أكد رئيس الوزراء التونسي الأسبق أن العملية تمت بترتيب جزائري ليبي، حيث وافق الرئيس الجزائري الراحل الهواري بومدين (قبل وفاته عام 1978) القذافي على "تنظيم عملية لزعزعة النظام التونسي وإن أمكن تغييره".

وفي تفاصيل العملية، يؤكد البكوش أن القذافي أرسل عشرات من المعارضين التونسيين (27 شخصا) إلى قفصة للقيام بالمهمة، وتمكنوا من الهجوم على ثكنة كان بداخلها جنود متربصون، وقتلوا بعضهم، وكانت خطتهم أن تكون قفصة هي البداية، لكن الجيش والأمن التونسي استطاعا أن يقوما برد فعل سريع.

ويضيف البكوش أن وفاة بومدين ومجيء الشاذلي بن جديد خليفة له أفشلا العملية المسلحة في قفصة، حيث أمر بن جديد باتخاذ "كل الإجراءات لإيقافها بعد أن بلغه الأمر"، ليبقى القذافي وحده يدير المجموعة التي تم إيقافها لاحقا. 

وكانت لبومدين والقذافي مآخذ على تونس -بحسب البكوش- فالأول كان معارضا للوحدة بين تونس وليبيا التي عقدت عام 1974، والثاني كان غاضبا من رئيس الحكومة التونسية وقتها النويرة لإحباطه هذه الوحدة.

وحسب ضيف "شاهد على العصر"، فقد أخذت القضية بعدا دوليا، حيث أعطت كل من فرنسا والمغرب تعليمات صارمة لتقديم كل المدد لتونس، وحتى أميركا أعربت وقتها عن استعدادها لمواجهة التدخل الليبي في تونس.

وعن دور مدير الأمن زين العابدين بن علي (الرئيس التونسي المخلوع) في أحداث قفصة، استبعد البكوش تورطه في العملية بقوله "في رأيي وحسب علمي لا علاقة لبن علي بالقذافي خلال هذه الفترة، ولا علاقة له بالجزائر أيضا". وأضاف "كان ذلك ضعفا من جهاز الأمن وليس تواطؤا".