الصندوق الأسود

رفح.. الاتصال مفقود

فتح فيلم “رفح.. الاتصال مفقود” أسرار اليوم الـ23 من العدوان على غزة، إذ بررت إسرائيل قصفها العنيف بأن مجموعة تابعة لكتائب القسام اخترقت التهدئة وأسرت أحد ضباطها.

في اليوم الـ23 من الحرب على غزة العام الماضي، وعلى الرغم من إعلان هدنة في القاهرة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية يبدأ سريانها في اليوم نفسه، تحوّل شرق مدينة رفح مع بدء عودة المئات من السكان إلى منازلهم ومزارعهم، إلى مسرح لتصعيد إسرائيلي مباغت ودون سابق إنذار، وذلك بعد ساعة ونصف الساعة من إعلان التهدئة.

وصفت إحدى الفلسطينيات تلك الساعات بيوم الحشر، فقد قصفت إسرائيل بشكل هستيري مدينة رفح موقعة حوالي 140 شهيدا فلسطينيا وأصيب المئات في "الجمعة السوداء".

هدار غولدن
بررت إسرائيل فعلتها يومها بأن مجموعة من كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة حماس اخترقت التهدئة وأسرت أحد ضباطها، وهو الضابط "هدار غولدن"، بينما ظلت المقاومة تتكتم على ما حدث.

في الفيلم الجديد "رفح.. الاتصال مفقود" ضمن سلسلة "الصندوق الأسود" تتبّع مراسل الجزيرة تامر المسحال ما حصل في ذلك اليوم، الذي ظلت الكثير من تفاصيله مجهولة، خاصة أن كتائب القسام أصدرت يومها بيانا رسميا أعلنت فيه فقدان الاتصال بالمجموعة التي نفذت العملية، ونفت علمها بوجود أي أسير إسرائيلي.

عاد المسحال وفريق العمل لبدايات ذلك اليوم، متتبعين أحداثه من خلال الأرشيف وشهود عيان وفيديوهات مسربة من الجيش الإسرائيلي حول العمليات التي قام بها، بالإضافة إلى محاولاته لإنقاذ الجندي الأسير، وفق زعمه، وكيف استهدف العديد من الأماكن ومراكز الاتصالات لمدينة رفح بهدف عزلها، بالإضافة إلى تهديداته بقصف مستشفى أبو يوسف النجار الرئيسي بالمدينة، الذي تعرض محيطه إلى قصف مدفعي وإطلاق نار، ولم تكن هناك حينها أي معلومات رسمية مؤكدة من الفصائل الفلسطينية بشأن عملية اختفاء هذا الضابط أو أسره.

حاول فيلم " رفح.. الاتصال مفقود" كشف الأسباب الحقيقية خلف الرد الإسرائيلي العنيف حينها، عبر البحث والاستقصاء عن المسؤول عن اختراق التهدئة، وتفاصيل توقيت عملية أسر الضابط، وجمع كافة المعلومات عن العملية لفك ألغاز ذلك اليوم.

ونجح فريق العمل في الوصول إلى كتائب القسام لسماع روايتها بشأن ذلك اليوم، وتفاصيل ما حدث فيه، وخلال اللقاءات تم كشف معلومات حصرية وجديدة من قبل الجناح العسكري لحركة حماس للمرة الأولى بشكل رسمي بعد تكتم دام أكثر من عام.

رواية القسام
تقول رواية كتائب القسام إن الاشتباك وقع قبل 25 دقيقة من بدء سريان التهدئة، وإن الاتصال ما زال مفقودا مع "المجاهدين الذين نفذوا العملية".

وخلص الفيلم إلى أن السيناريو الأقرب لتلك اللحظات السابقة للقصف يشير إلى وقوع اشتباك استشهد على إثره القائد الميداني وليد توفيق مسعود وقتل اثنان من الجنود الإسرائيليين. وكان مسعود يرتدي الزي العسكري الإسرائيلي، فظن الجيش الإسرائيلي أنه أحد جنوده ليكتشف بعد ساعتين أن ثمة جنديا مفقودا، ليبدأ القصف العنيف لرفح.

الصحفي والمحلل في القناة العاشرة ألون بن دافيد قال إن ما فعله الجيش الإسرائيلي هو محاولة تدمير جميع الفتحات التي تسهل تهريب الضابط الأسير وإعاقة كتائب القسام قدر الإمكان.

لكن القصف العنيف اتبع خيار هنيبعل بضرورة أن يقتل الجيش الإسرائيلي إذا لزم الأمر من يقع أسيرا في يد العدو.

أما اليوم الـ23 من الحرب على غزة، فله في منظمة العفو الدولية توصيف آخر، فقد كان جريمة عقاب جماعي كاملة التفاصيل، هذه الجريمة التي وقعت في وقت كان فيه الأمين العام للأمم المتحدة بان غي مون يبدي خيبة أمله، متبنيا الرواية الإسرائيلية.