الواقع العربي

أثر الانفصال على الأوضاع الاقتصادية بجنوب السودان

سلطت حلقة الجمعة من برنامج “الواقع العربي” الضوء على الوضع الاقتصادي في دولة جنوب السودان ومدى تأثيره على وفاء الدولة الحديثة بالتزاماتها تجاه مواطنيها، وحاولت تقييم تجربة الانفصال عن السودان.
تتصدر دولة جنوب السودان -أحدث دولة في العالم- قائمة الدول الهشة (الفاشلة سابقا)، وذلك وفق مؤشرات مختلفة من بينها غياب التنمية الاقتصادية وفساد النخبة السياسية وغياب الشفافية.

ويعاني أكثر من نصف سكان دولة جنوب السودان -التي انفصلت عن السودان في 9 يوليو/تموز 2011- من فقر مدقع رغم أن البلد غني بالموارد الطبيعية والثروات المعدنية وخاصة النفطية.

حلقة الجمعة (24/10/2014) من برنامج "الواقع العربي" سلطت الضوء على الوضع الاقتصادي في دولة جنوب السودان بين الطموح والواقع، وتساءلت: كيف أثر هذا الواقع على وفاء الدولة الحديثة النشأة بالتزاماتها تجاه مواطنيها؟ وكيف يمكن قراءة تجربة دولة جنوب السودان في ظل واقع عربي تثار فيه دعاوى الانفصال في أكثر من بلد؟

القيادي في حزب الحركة الشعبية الحاكم في جنوب السودان أتيم قرنق قال إن أوضاع بلاده تشبه جميع أوضاع الدول الأفريقية حيث تكون "الدول غنية والشعوب فقيرة"، لكنه عزا هذا الوضع إلى ما سمّاها "مشاكل موروثة" من فترة الوحدة مع السودان.

وعن المؤشرات الدولية التي تؤكد استشراء الفساد في الدولة الوليدة، أوضح قرنق أن الفساد مرض اجتماعي قديم اعترفت به الدولة الجنوبية ووضعت آليات لمكافحته لكنها لم تفعّل حتى الآن، وأشار إلى وجود مؤسسة تختص ببحث قضايا الفساد لتقديم من وصفهم باللصوص إلى المحاكمة في القريب العاجل.

ورفض الاعتراف بوجود محاباة قبيلة في جنوب السودان لصالح قبيلة الدنكا، وقال إن هذه الأحاديث "تضخم من جانب الإعلام السوداني".

عودة الوحدة
وشبّه إمكانية عودة الوحدة بين السودان وجنوب السودان بشكل مغاير للوضع السابق بأنها "تشبه أحلام العرب بالعودة إلى الأندلس". وقال القيادي بالحزب الحاكم "قررنا التحرر بإرادتنا وتضحياتنا".

وردا على تصدر جنوب السودان قائمة الدول الهشّة، أكد قرنق أن بلاده يعتبر وضعها أفضل من الصومال والسودان والكونغو.

بالمقابل قال الخبير الاقتصادي السوداني محمد الناير إن حلم الدولة الذي صاحب السياسيين وقت الانفصال يكاد يتحول إلى كابوس، مشيرا إلى أن ثلاث سنوات كانت كافية لتحقيق تقدم في مجالات مختلفة بالبلد الذي يتمتع بوجود موارد طبيعية ضخمة في باطن الأرض أهمها البترول.

وأضاف أن النزاعات والحروب التي شهدتها دولة جنوب السودان منعت التنمية وزادت نسبة الفقر ونزوح السكان، وذلك لعدم قدرة الحكومة على توفير مقومات الحياة الأساسية للمواطنين.

إنتاج النفط
وأكد الناير أن إنتاج جنوب السودان من البترول انخفض بنسبة 50% عن وقت الوحدة، مما أثر على الموازنة العامة للدولة التي تعتمد على عائدات البترول بنسبة 99%.

وحمّل السياسيين مسؤولية الأوضاع الراهنة في جنوب السودان، وقال "الحكومة والمعارضة تتحملان الأوضاع التي آلت إليها البلاد".

وردا على اتهامات جوبا للخرطوم بإثارة القلاقل في الدولة الجديدة ومحاولة تعطيل مسيرتها، وصف الناير هذه الأحاديث بأنها "اتهامات غير صحيحة"، موضحا أن السودان لو أراد ذلك من البادية لما سمح للدولة الجنوبية بتقرير المصير ولم تكن لتعترف بها بعد قرار الانفصال.

وأشار إلى أن استمرار الوضع الحالي في جنوب السودان قد يدعم خيار الوحدة مستقبلا بشكل آخر غير ما كانت عليه، ويعطي درسا لأي دولة قد تتأخذ قرار الانفصال.