الإسرائیلیون والفلسطینیون یعملون معا ضد فیروس كورونا

Palestine declares state of emergency over coronavirus- - BETHLEHEM, WEST BANK - MARCH 05: Palestinian police officers wear masks to protect themselves from coronavirus (COVID-19) as they stand guard after a hotel in Bethlehem was quarantined due to a number of suspected cases, in front of the hotel in Bethlehem, West Bank on March 05, 2020. The Palestinian Health Ministry on Thursday announced a state of emergency in the West Bank cities of Bethlehem and Jericho over suspected coronavirus cases.

* بقلم: جیسون غرینبلات (مساعد سابق للرئیس الأميركي دونالد ترامب) وبشارة بحبح (عضو سابق في الوفد الفلسطیني إلى محادثات السلام المتعددة الأطراف)

یتشارك الإسرائیلیون والفلسطینیون خندقًا في قتالھم ضد عدو مشترك هو انتشار فیروس كورونا. وبخلاف بعض الاستثناءات القبیحة؛ یدرك كل مجتمع أنه تجب عليه مواجھة ھذا العدو القاتل الصامت معًا، بدون سیاسة أو دعایة.

إن هذا الوباء یذكّر الفلسطینیین والإسرائیلیین بمدى ترابط مصیرھم؛ فالحدود بین إسرائیل وما یسمیه البعض الضفة الغربیة والبعض الآخر یھودا والسامرة، حدود مسامیة؛ حیث یعبر عشرات الآلاف من الأشخاص یومیاً من جانب إلى آخر.

إن الأخطار التي یتعرض لھا الإسرائیلیون ھي نفس الأخطار التي یتعرض لھا الفلسطینیون في الضفة الغربیة وقطاع غزة. وإذا لم یكونوا متیقظین، وإذا لم یقاتلوا ھذا الفیروس بجدّ معًا؛ فسیعانيان كلاھما.

إن الرد على الوباء من قِبل كل من إسرائیل والسلطة الفلسطینیة ھو مؤشر على أن الإسرائیلیین والفلسطینیین قادرون على التغلب على بعض المآزق التي لا یمكن التغلب علیھا، والتي میزت علاقتھم على مدى العقود الماضیة.

ونحن ندرك أن الكثیر من ھذا التعاون یرجع إلى الاعتراف بأن صحتھم الجماعیة، ورفاھھم الاقتصادي وأمنھم، یمكن أن تقوَّض كلها دون قيامهم بھذا التعاون. ومع ذلك؛ فإن ھذا التعاون ھو بدایة جیدة ولا ینبغي الاستخفاف به أو تجاھله.

إن الرد على الوباء من قِبل كل من إسرائیل والسلطة الفلسطینیة ھو مؤشر على أن الإسرائیلیین والفلسطینیین قادرون على التغلب على بعض المآزق التي لا یمكن التغلب علیھا، والتي میزت علاقتھم على مدى العقود الماضیة

ربما عبّر الرئیس الإسرائيلي رؤوفين ریفلین عن ذلك بشكل صحیح عندما اتصل بالرئیس الفلسطيني محمود عباس، وأعلن أن "العالم یتعامل مع أزمة لا تمیّز بین الناس أو أین یعیشون"، وعندما أكد أن "التعاون بیننا أمر حیوي لضمان صحة الإسرائیلیین والفلسطینیین". وفي المقابل؛ عرض الرئیس عباس استعداده للتعاون الكامل في مكافحة ھذا المرض الفتاك.

تم رفع الحظر الفلسطیني عن التعامل مع الإسرائیلیین (باستثناء عدد قلیل من الفلسطینیین ممن یسمّوْن القادة والمؤثرین)، ونسق المسؤولون الفلسطینیون والإسرائیلیون الأنشطة لمواجھة الوباء، ویعمل كلا الجانبین بشكل منتج جنبًا إلى جنب. وبحسب رئیس الدائرة الدولیة للإدارة المدنیة الإسرائیلیة في الضفة الغربیة یوتام شیفر؛ فإن التنسیق بین إسرائیل والفلسطینیین "وثیق للغایة وقوي للغایة".

ومن بین أمور أخرى؛ قدمت إسرائیل تدریبًا لمتخصصي الرعایة الصحیة الفلسطینیین في المستشفیات الإسرائیلیة، ورعت ورش عمل مشتركة. كما قامت المختبرات الإسرائیلیة بتحلیل اختبارات "كوفید-19" التشخیصیة الفلسطینیة، وتبادل الأطباءُ من الجانبین المعلومات وتحلیلھا، وتم تسلیم نتائج الآلاف من اختبارات "كوفید-19" إلى وزارة الصحة الفلسطینیة، وتوفیر معدات الحمایة للعاملین في الرعایة الصحیة الفلسطینیة وأفراد الأمن.

وفي خطوة نادرة لكنھا مھمة؛ سمحت إسرائیل أیضًا بدخول الإمدادات والمعدات الحیویة المقدمة إلى غزة من السلطة الفلسطینیة وإسرائیل والمانحین الدولیین الآخرین، وسمحت بحركة الأفراد المھمین.

یعمل -في العادة- 145,000 فلسطیني من الضفة الغربیة یومیا في إسرائیل، ويعدّ دخلھم أمر حیوي لاقتصاد الضفة الغربیة الفلسطینیة. كما یحصل العمال الفلسطینیون على سكن لائق وظروف صحیة مناسبة أثناء العمل في إسرائیل.

ففي خطوة غیر مسبوقة؛ سمحت الحكومة الإسرائیلیة لـ45,000 عامل فلسطیني بالعمل والسكن في إسرائیل لمدة شھر أو شھرین على الأقل خلال ھذه الأزمة. ولا یُسمح لھؤلاء العمال عمومًا بالعودة ذھابًا وإیابًا لتقلیل إمكانیة نقل الفیروس، ویتم تنسیق حركة العمال من قبل الحكومتین الإسرائیلیة والفلسطینیة للحد من انتقال الفیروس من منطقة إلى أخرى.

یُبرز الوباء مدى الترابط بین الاقتصادین الإسرائیلي والفلسطیني، كما تؤكد ھذه الأزمة النظریة القائلة بأن استخدام إسرائیل للعمال الفلسطینیین أكثر واقعیة واقتصادیة من استیراد العمالة من الشرق الأقصى أو أوروبا الشرقیة.

ففي نھایة المطاف؛ سیكون من المفید للفلسطینیین العمل مع إسرائیل في قطاع التكنولوجیا العالیة أیضًا، وبدلاً من نقل أجزاء كبیرة من قطاع التكنولوجیا العالیة الإسرائیلي إلى أجزاء من أوروبا الشرقیة وأماكن أخرى، یمكن تدریب الفلسطینیین للعمل في المشھد التكنولوجي الإسرائیلي، ومواصلة نمو قطاع التكنولوجیا العالیة الفلسطیني الناشئ.

یحدونا الأمل في أن تستمر الدروس المستفادة من ھذا الوباء وروح الاحترام والتعاون، بحیث یمكن بناء التحرك نحو اتفاق سلام على حسن النیة والاحترام والتعاون. لقد حان الوقت لدینامیكیة إسرائیلیة فلسطینیة جدیدة، وحان الوقت لبناء مستقبل جدید للإسرائیلیین والفلسطینیین والمنطقة

من جائحة "كوفید-19″؛ ینبعث الأمل في أن یتمكن الفلسطینیون والإسرائیلیون من التعاون والعمل معًا، ووضع السیاسة المعتادة جانباً على الأقل طوال مدة ھذه الأزمة، وإن كنا نأمل أن تتجاوزھا. حتى الآن، وع بعض الاستثناءات البارزة؛ أظھر الجانبان أنھما یمكنھما العمل معًا بحسن النیة والنوایا المشرّفة.

لا یزال یتعین رؤیة ما إن كان ھذا التعاون الجدید سیؤدي إلى مفاوضات بحسن نیة حول اتفاق سلام شامل؛ فنحن لا نقترح أن ھذا التعاون ھو مفتاح حل القضایا المھمة التي یجب حلھا لتحقیق اتفاق سلام یعمل لصالح كلا الجانبین.

لا یمكن لأحد أن یتنبأ بما سیحدث عندما تعود الحیاة إلى طبیعتھا الجدیدة، وعندما ینقضي الخطر المباشر للوباء؛ أو أن يقول ماذا سیحدث إذا كان ھناك تكرار (والأغلب یقولون: متى) من نوع ما، فالمجتمعان منفصلان ولا یثقان في بعضھما البعض لفترة طویلة، لكن كسر ھذه الحلقة یمكن أن یساعد في إيجاد جھد للسلام.

یحدونا الأمل في أن تستمر الدروس المستفادة من ھذا الوباء وروح الاحترام والتعاون، بحیث یمكن بناء التحرك نحو اتفاق سلام على حسن النیة والاحترام والتعاون. لقد حان الوقت لدینامیكیة إسرائیلیة فلسطینیة جدیدة، وحان الوقت لبناء مستقبل جدید للإسرائیلیین والفلسطینیین والمنطقة المحیطة بھم. بارك الله في كل البشریة جمعاء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.