ليندسي غراهام.. سيناتور يعتزم خلع "الأمير المارق"

Sen. Lindsey O. Graham (R-S.C.) during a hearing with Judge Brett M. Kavanaugh with the Senate Judiciary Committee on Thursday, September 27, 2018 on Capitol Hill. Melina Mara/Pool via REUTERS
ليندسي غراهام: محمد بن سلمان تلطخت يداه بالدماء ويحب أن يسقط (رويترز)
سيد أحمد الخضر
 
حسب تقرير نشره السبت موقع "إنتيليحنزر"، فإن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام في طريقه إلى شغل منصب رئيس اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ، مما يعزز مكانته في الوسط السياسي الأميركي وتحت قبة الكونغرس بالذات.
 
غراهام -الذي يحمل رتبة عقيد في السلاح الجوي- ولد في كارولاينا الجنوبية عام 1955، ومنها نال درجة الدكتوراه في الحقوق، وعمل فيها محاميا قبل أن تنتخبه عضوا عنها في مجلس الشيوخ عام 2003.

بيد أن انتخابه المرتقب رئيسا لقضائية الكونغرس لا يبدو شأنا أميركيا داخليا فقط، بل يمثل خبرا سيئا جدا لأمير عربي شاب يتعطش للسلطة، ولا يتردد في طحن كل من يعترض طريقه للتتويج بالملك.

هذا الأمير هو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي أزاح ابن عمه محمد بن نايف في يونيو/حزيران 2017، ولم يعد يفصله عن الملك سوى رحيل والده ذي الثمانين حولا.

لكن الأمير -الذي يوصف بأنه متحمس جدا إلى حد التهور- ما لبث أن وضع عراقيل أمام طموحاته، وخلق لنفسه أعداء جددا لا يريدون رؤيته ملكا لأكبر دولة مصدرة للنفط في العالم.

من بين هذه العراقيل مقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي على أيدي ضباط سعوديين قطّعوا جثته "وأذابوها في محلول كيميائي".

ومن أهم الخصوم الجدد السيناتور ليندسي غراهام، الذي اعتبر أن مقتل خاشقجي يعني أن السعودية خانته شخصيا واحتقرته واستغلته بعد أن أمضى سنوات عديدة يدافع عنها في الكونغرس.

وعندما ادّعت السعودية أن قتلة مارقين وراء إزهاق روح خاشقجي، رفض غراهام هذه الرواية بشدة، وقال إن المارق الحقيقي هو الأمير محمد بن سلمان، وإن عليه الرحيل فورا والتسليم بأن بطشه أجهض حلمه في اعتلاء العرش.

وبلهجة حاسمة، تعهد السيناتور المقرّب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإيقاع أشد أنواع العقوبات على الرياض في حال بقاء محمد بن سلمان في منصبه.
ولم يتردد السيناتور غراهام في وصف ولي العهد السعودي بأنه آلة تدمير وشخصية مثيرة للقلاقل، مشددا على أنه "لن يكون قائدا عالميا".

مخالب الخصوم
وخلافا لمساعي ترامب وبعض أعضاء إدارته، يرفض شيخ كارولاينا الجنوبية تقديم أي كبش فداء للشاب المهيمن على السطلة، إذ "لا شيء يحدث في السعودية دون معرفة الأمير محمد بن سلمان".

ومن المؤكد أنه يعوّل على الرئيس وصهره جاريد كوشنر في إنقاذه من ورطته، لكن الخناق ضاق عليه مؤخرا، ولم يعد بإمكان أصدقائه انتشاله من مخالب خصومه.

وقبل يومين، أعلنت النيابة العامة السعودية بيانا اعترفت فيه بتقطيع جثة خاشقجي والتخلص منها، وطالبت بإعدام خمسة من المتورطين، في حين استبعدت ضلوع المقربين من ولي العهد في جريمة القتل.

وللوهلة الأولى بدا أن الأمير خرج من ورطته، لكن ذلك لم يكن سوى الهدوء الذي يسبق العاصفة، فقد ضاقت عليه الأرض بما رحبت عندما سربت "سي آي أي" السبت تقريرا يفيد بأنها خلصت إلى أن محمد بن سلمان أمر بقتل خاشقجي وتابع تنفيذ الجريمة.

هذه التسريبات أعادت مصير محمد بن سلمان للواجهة، وبدا أن ترامب وصهره لا يمكنهما حماية عرش جلب صاحبه معاول هدمه حتى قبل أن تقوم قواعده.

وفي حين لم تعلّق السعودية على التسريبات، ردت أنقرة بأن "سي آي أي" أبلغتها رسميا بهذه الخلاصة قبل أيام، في حين صرّح ترامب بأنه بصدد نقاش القضية من جديد مع قادة الدبلوماسية والاستخبارات.

ولا تعكس التسريبات تكوّم الضغط على محمد بن سلمان فقط، إنما تعني أيضا أن الرياض تتخبط في رواياتها، ولا تحصل على المعلومات من أصدقائها، فلو أمدها الأميركيون بهذه الاستنتاجات لتفادت إصدار البيان الأخير.

مقاربة بسيطة
وعندما يتولى ليندسي غراهام رئاسة اللجنة القضائية في الكونغرس، فإن هذا التطور يعني أن الشيوخ الأميركيين سينتقلون من نقاش فرض العقوبات على الرياض إلى مسألة خلع الأمير محمد بن سلمان.

وعلى عكس ترامب، يرفض غراهام اختزال السعودية في ولي عهدها؛ إذ يتبنى مقاربة بسيطة جدا: يسقط محمد بن سلمان وتُبقي واشنطن على علاقاتها المتميزة مع الرياض.

هذه المقاربة أكدها بقوله إن هناك العديد من الأشخاص بإمكانهم اعتلاء العرش في السعودية، ولا يمكن الإبقاء على أمير تلطخت يداه بالدماء ولوث سمعة بلده.

وتتمتع اللجنة القضائية في الكونغرس بصلاحيات واسعة في مجال مراجعة القوانين والإشراف على القضاء وأجهزة التحقيقات والهجرة ومكافحة الجريمة والإرهاب.

وعندما سئل مؤخرا عن رد فعل ترامب المتوقع إزاء مقتل خاشقجي، قال شيخ كارولاينا الجنوبية "أنا أتحدث عما سأفعله وليس عما سيقوم به الرئيس".

وليس من مصلحة ترامب الانحياز لابن سلمان، والدخول في خصام مع غراهام؛ لأنه صديقه الشخصي، ولأنه أيضا بحاجة إلى زخمه السياسي ومنصبه التشريعي، إذ تحيط بترامب نفسه شبهات عديدة ويخضع لأكثر من تحقيق.

المصدر : الجزيرة + الصحافة الأميركية