إقصاء غطاس من الكنيست… الدوافع والتداعيات

لجنة الكنيست البرلمانية تناقش طلب 70 عضو كنيست إقصاء النائب غطاس من العمل السياسي البرلماني قبيل عرضه بالأسبوع القادم على الكنيست للتصويت.
لجنة الكنيست البرلمانية تناقش طلب 70 عضوا بإقصاء النائب غطاس (الجزيرة)
محمد محسن وتد-أم الفحم
 
يواصل الكنيست الإسرائيلي بالأسبوع القادم المداولات بالطلب الذي تقدم به 70 عضوا لإقصاء النائب باسل غطاس عن البرلمان، حيث تتهمه النيابة العامة بـ"دعم نضال مسلح ضد دولة إسرائيل"، بزعم نقله هواتف متنقلة للأسرى بالسجون الإسرائيلية.

وتجمع الأحزاب اليهودية على ضرورة إبعاد وإقصاء غطاس عن المشهد السياسي البرلماني، فيما تتعالى الأصوات لشطب حزب التجمع الوطني الديمقراطي ومنعه من خوض الانتخابات بالمستقبل، ضمن مساعي المؤسسة الإسرائيلية لتجريم العمل السياسي لفلسطينيي 48، الذي تجلى بالملاحقة السياسية للتيار الوطني وحظر الحركة الإسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح.

‪مظاهرة لفلسطينيي 48 قبالة وزارة المالية الإسرائيلية بالقدس أثناء مناقشة لجان الكنيست تسريع هدم المنازل العربية وإقصاء النائب غطاس‬ (الجزيرة)
‪مظاهرة لفلسطينيي 48 قبالة وزارة المالية الإسرائيلية بالقدس أثناء مناقشة لجان الكنيست تسريع هدم المنازل العربية وإقصاء النائب غطاس‬ (الجزيرة)

في المقابل، أدان نواب القائمة المشتركة سعي الأحزاب الإسرائيلية لإقصاء النائب غطاس عن الكنيست الهادف لضرب العمل والتمثيل السياسي البرلماني لفلسطينيي 48، مؤكدين رفضهم لهذه الإجراءات، خاصة أنه لأول مرة في تاريخ الكنيست يتم رفع الحصانة عن نائب ويعتقل قبل محاكمته، مما يدل على أن التعامل مع غطاس انتقامي خلافا للتعامل مع وزراء ونواب يهود ارتكبوا مخالفات قانونية أصعب بكثير من تلك الموجهة ضده.

قانون الإقصاء
لا يتوقع النائب باسل غطاس، مع إصرار المؤسسة الإسرائيلية على إقصائه عن العمل السياسي البرلماني أن يتم التصويت إلى جانب الموقف الرافض لإبعاده، لافتا إلى أن قانون الإقصاء الذي شرع خصيصا للانتقام من النواب العرب يندرج ضمن رزم القوانين العنصرية التي شرعت ضد فلسطينيي 48 والملاحقة السياسية للقيادات العربية والسعي لتجريم العمل السياسي.

ويجزم غطاس في حديثه للجزيرة نت أن الحكومة الإسرائيلية التي ما عادت تطيق العمل السياسي لفلسطينيي 48 لجأت إلى التطرف وتكثيف هدم المنازل العربية والتهجير والتشريد والإقصاء، مبينا أن ذلك يؤكد أن إسرائيل تؤسس لمرحلة جديدة تلزم الداخل الفلسطيني عدم التعامل مع المرحلة وكأنه لم يحدث شيء، وإنما البحث عن البدائل ورفع سقف المطالب واستحداث آليات النضال.

وشكك غطاس في الرواية الإسرائيلية التي تزعم أن إقصاءه عن الكنيست بسبب اتهامه بـ"دعم نضال مسلح ضد إسرائيل" بزيارته للأسرى الذي يعده واجبا وطنيا وأخلاقيا، مؤكدا أن ما يجري هو محاكمة ميدانية وانتهاك خطير لحق للنواب العرب ومحاولة لترويض وترهيب القيادات والفعاليات والأحزاب لفرزها بين متطرف ومعتدل وإعادة رسم الخريطة والحدود السياسية لفلسطينيي 48. 

‪النائب باسل غطاس عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي يواجه الإقصاء من الكنيست الإسرائيلي‬ (الجزيرة)
‪النائب باسل غطاس عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي يواجه الإقصاء من الكنيست الإسرائيلي‬ (الجزيرة)

من جهته، أكد النائب عن القائمة المشتركة أستاذ القانون الدولي يوسف جبارين أنه لا يمكن فصل ما يتعرض له النائب غطاس عن مشاهد الإقصاء والتهميش والاستهداف التي يعيشها الداخل الفلسطيني، لافتا إلى أن ذلك يشكل حالة تعكس التصعيد غير المسبوق ضد الفلسطينيين عبر التشريعات الرسمية والممارسات الميدانية الهادفة لنزع الشرعية السياسية عن القيادات العربية وترويض الداخل الفلسطيني.

العقلية العدائية
ولا يستبعد جبارين في حديثه للجزيرة نت أن يدفع هذا النهج والعقلية العدائية بفلسطينيي 48 للانتقال من العمل والنشاط من الساحة السياسية البرلمانية إلى الميدان الجماهيري والشعبي عبر استحداث آليات النضال، وذلك في ظل تمادي الحكومة اليمينية بمواقفها المتطرفة، الأمر الذي يحتم على جميع القوى السياسية والوطنية رص الصفوف تحت مظلة لجنة المتابعة العربية لرفع الوعي الجماهيري والتحشيد الشعبي لمواجهة هذه التحديات.

أما المحلل السياسي عبد الحكيم مفيد فيرى أن إسرائيل تشهد تغييرات في سياساتها، بحيث انتقلت من مرحلة إنجاز مشروع الحركة الصهيونية بفلسطين التاريخية إلى ترسيخ الفكر الديني اليهودي الذي بات محورا جوهريا بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني بعيدا عن البعد السياسي.

ولفت حكيم في حديثه للجزيرة نت إلى أن المرحلة تقتضي عدم مواجهة هذه المتغيرات والتحول في العقلية الإسرائيلية بذات أدوات وآليات النضال التقليدية، خاصة أن السياسة العربية البرلمانية تحصر الصراع تحت سقف الكنيست الذي مهد لهذا الواقع الذي يعكس تراكمات التشريعات العنصرية ضد الوجود الفلسطيني.

وفي ظل هذا الواقع، يعتقد المحلل السياسي أنه لا بد من طرح حلول واقعية بتنظيم الصفوف الداخلية وإعادة النظر بتجربة البرلمان والعودة إلى النضال الجماهيري والشعبي خاصة في ظل العجز السياسي البرلماني وانعدام الثقة لدى فلسطينيي 48 بالكنيست.

المصدر : الجزيرة