الجزائريون يصرون على أضحية العيد رغم الأعباء

صورة من احد أسواق الماشية في الجزائر
رغم تراجع أسعار الأضحية في الجزائر فإنها تبقى عبئا بسبب توالي المناسبات (الجزيرة)

عبد الحميد بن محمد-الجزائر

إبراهيم في الخمسينيات من العمر، تقاعد من عمله قبل أسابيع قليلة، اختار شراء أضحية العيد من إحدى ضواحي العاصمة الجزائرية حيث لا تزال بعض المساحات خضراء لم يلتهمها الإسمنت والبنايات مثلما يمكن للباعة أن يجدوا أماكن للغنم في الليل والنهار.

يقول إبراهيم (52 عاما) للجزيرة نت إن الأضحية تراجع سعرها نسبيا هذه السنة مقارنة بالأعوام الماضية "ومع ذلك فإنها لا تزال في غير متناول الكثير من الناس، فقد تجمعت علينا عدة مناسبات في فترة زمنية متقاربة جدا، مصاريف رمضان وعيد الفطر ثم العطلة الصيفية ثم مصاريف الدخول المدرسي وأخيرا كبش العيد".

ويضيف إبراهيم أن المواطن الجزائري قد يفرط في كل شيء إلا في الأضحية حتى لو اضطر إلى الاستدانة أو البحث عن حلول أخرى.

الشراكة ضد الغلاء
وتنتشر على أطراف مدن الجزائر وحتى داخل الكثير منها فضاءات عشوائية لبيع الأغنام، مثلما تتحول بعض المحلات و"الكراجات" إلى إسطبلات يتقاطر عليها الناس بحثا عن كبش "ثقيل الوزن قليل الثمن" كما يقول الجزائريون.

وتشهد أسعار المواشي انخفاضا هذا العام، حيث يقدر الناطق باسم الاتحاد الوطني للتجار والحرفيين الحاج الطاهر بولنوار الانخفاض بنسبة 10%.

ويقول بولنوار للجزيرة نت إن الأسعار مع ذلك تبقى مرتفعة لأسباب عدة، أهمها تراجع القوة الشرائية وتجمع مناسبات عديدة في فترة زمنية قصيرة من شهر رمضان إلى عيد الفطر، ثم موسم العطل فالعودة إلى المدارس ومعها عيد الأضحى.

وأمام هذا يلجأ بعض الجزائريين إلى شراء الأضحية عن طريق القروض أو التقسيط أو "الوزيعة"، وهي مبادرة شعبية تقليدية، حيث تشترك عدد من الأسر في شراء عجل أو حتى جمل وذبحه ثم توزيعه.

كما يؤكد بولنوار أن "حجم الثروة الحيوانية في الجزائر أيضا لا يلبي الاحتياجات المحلية، فرؤوس الماشية في الجزائر لا تتجاوز 25 مليون رأس في بلد مترامي المساحات وبعدد سكان 40 مليون نسمة"، ويشير أيضا إلى غلاء الأعلاف "التي يتم استيراد 80% منها".

‪بولنوار: حجم الثروة الحيوانية في الجزائر لا يلبي الاحتياجات المحلية‬  (الجزيرة)
‪بولنوار: حجم الثروة الحيوانية في الجزائر لا يلبي الاحتياجات المحلية‬  (الجزيرة)

التهريب عبر الحدود
وتشير التقديرات إلى أن الجزائريين سيضحون هذا العام بحوالي أربعة ملايين رأس من الغنم، مما يعني حسابيا 160 مليار دينار جزائري.

ويحيل أستاذ الاقتصاد بجامعة تيبازة الدكتور كمال ديب التراجع الطفيف للأسعار إلى أسباب "أمنية وسياسية" أهمها تضييق الخناق على المهربين عبر الحدود البرية للجزائر التي ظلت تشهد طيلة السنوات الماضية تهريب أعداد كبيرة من رؤوس الأغنام باتجاه دول الجوار "مما أثر على الوفرة وأدى إلى ارتفاع الأسعار".

ويضيف ديب أن الوفرة الحالية تشكل عبئا على مربي الماشية في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف التي يتم استيرادها من الخارج "وهنا لا يجد المربون وسيلة سوى الدفع برؤوس الأغنام إلى الأسواق لبيعها تخلصًا من أعبائها"، مشيرا إلى عوامل أخرى أهمها الأمراض التي أصابت الأغنام والمواشي خلال هذا العام، مما كبد المربين خسائر كبيرة.

المصدر : الجزيرة