الهند… حروب الوكالة ضد الصين

A ship (top) of the Chinese Coast Guard is seen near a ship of the Vietnam Marine Guard in the South China Sea, about 210 km (130 miles) off shore of Vietnam May 14, 2014. REUTERS/Nguyen Minh/File Photo
في الأعلى سفينة لقوات خفر السواحل الصينية وفي الأسفل قارب تابع للبحرية الفيتنامية في بحر جنوب الصين (رويترز)

علي أبو مريحيل-بكين

يبدو أن الولايات المتحدة ماضية في تسجيل المزيد من النقاط في صراع النفوذ والاستحواذ مع الصين، فمنذ نجاحها في إخراج النزاع ببحر جنوب الصين من دائرة الخلافات الثنائية، وإعطائه طابعا دوليا تمثل في حث دول رابطة آسيان على التفاوض كطرف واحد مع التنين الصيني، مرورا بدفع الفلبين لرفع قضية تحكيم دولية، ها هي تنجح في استمالة الهند "الدولة النووية" لتنضم لقائمة الدول التي تخوض بها واشنطن حروبها بالوكالة مع بكين.

فعلى غرار اتفاق بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تم بموجبه الإعلان عن خطة لنشر درع صاروخية أميركية في المنطقة، وقّعت واشنطن في الثلاثين من الشهر الماضي اتفاقية تعاون لوجستي مع الهند.

تتيح الاتفاقية لكل جانب استخدام إمكانات الآخر على صعيد دولي، كاستخدام القوات الأميركية القواعد الهندية في المنطقة، والعكس أيضا. وهي بالطبع غاية أميركية، حيث تسعى واشنطن إلى نشر أكثر من 60% من سفنها الحربية في المحيط الهندي.

وجاء هذا الاتفاق في أعقاب إعلان نيودلهي الشهر الماضي عن خطة عسكرية تهدف إلى تسليح قواتها المنتشرة على طول الشريط الحدودي مع الصين بصواريخ كروز من نوع "براهموس"، وذلك في إطار جهود لتطوير قدراتها العسكرية في تلك المناطق. وهو الأمر الذي أبدت بكين انزعاجها منه، معتبرة أنه تجاوز وخرق لما تم الاتفاق عليه بين البلدين منذ عقود طويلة.

‪صواريخ
‪صواريخ "براهموس" التي تعتزم الهند أن تسلح بها قواتها المتشرة على الحدود مع الصين‬ صواريخ "براهموس" التي تعتزم الهند أن تسلح بها قواتها المتشرة على الحدود مع الصين (رويترز-أرشيف)

ضوء أخضر
وكان التطور الأبرز عرض رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خط ائتمان بقيمة نصف مليار دولار إلى نظيره الفيتنامي نجوين شوان فوك، لتعزيز إمكانات هانوي العسكرية، في ظل التوترات التي يشهدها بحر جنوب الصين. وتضمن العرض توفير زوارق حربية وخرائط ووثائق تتعلق بالتعاون الدفاعي بين البلدين، وفق ما صرح به مودي.

حول خطوة الهند الأخيرة، قال "لي مينغ بو"، مدير معهد السياسة العامة في جامعة جنوب الصين للتكنولوجيا، إن تصرف نيودلهي على هذا النحو يؤكد أنها تلقت الضوء الأخضر من الولايات المتحدة.

وتساءل" لي" عن سبب عدم إقدامها على هذه الخطوة قبل اتفاقها الأخير مع واشنطن، وقال للجزيرة نت إن الولايات المتحدة نجحت على ما يبدو في خلق حالة عداء جديدة بين الصين والهند، مستغلة احتياجات للدعم المادي والعسكري كما فعلت مع دول أخرى في المنطقة، في إشارة إلى الفلبين وفيتنام.

‪لي منيغ بو قال إن خشية الصين تنبع من توسع النفوذ الأميركي‬ لي منيغ بو قال إن خشية الصين تنبع من توسع النفوذ الأميركي (الجزيرة نت)
‪لي منيغ بو قال إن خشية الصين تنبع من توسع النفوذ الأميركي‬ لي منيغ بو قال إن خشية الصين تنبع من توسع النفوذ الأميركي (الجزيرة نت)

نفوذ مقلق
وأكد لي أن خشية الصين لا تنبع من سباق التسلح بين دول المنطقة، بل من اتساع نفوذ الولايات المتحدة التي باتت تتصرف، حسب قوله، كطرف رئيسي في النزاع، وهو ما يؤكد أهمية المنطقة في استراتيجية واشنطن الجديدة للسيطرة على ثاني أهم الممرات البحرية في العالم.

من جهته اعتبر شوان تشيانغ، رئيس قسم الدراسات السياسية في جامعة صن يات صن، أن ما تقوم به الهند محاولة لممارسة دور حيوي في المنطقة لإثبات جدارتها بالثقة التي منحتها إياها واشنطن، وذلك قبيل استضافتها قمة بريكس الثامنة في أكتوبر/تشرين الأول القادم. واستبعد شوان في حديثه للجزيرة نت أن تكون مثل هذه التصرفات شرارات لحرب محتملة.

وأكد أن كل الأنشطة العسكرية واللوجستية التي تشهدها المنطقة تعبر عن رغبة لدى الأطراف المتنازعة في تعزيز الثقة وإثبات الذات قبل انطلاق جولات من حوار حاسم تكون فيه الولايات المتحدة طرفا أساسيا رغم عدم وجود حدود بحرية أو برية لها في بحر جنوب الصين.

ويعتقد مراقبون أن خطة رئيس الوزراء الهندي في دعم فيتنام، والتوقيع على اتفاقية تعاون لوجستي مع الولايات المتحدة، جزء من تحرك أوسع للهند يهدف للتحرر من حليفها الروسي القديم، والتوجه نحو حلف ثلاثي جديد يضم واشنطن وسيدني وطوكيو، لحماية مصالحها البحرية في المحيط الهندي.

المصدر : الجزيرة