تغيير مناهج الأزهر دعم للسيسي أم مواجهة للإرهاب؟

مشيخة الأزهر الشريف
وكيل الأزهر عباس شومان قال إن المشيخة استشعرت الخطورة بظهور أفكار تخالف المنهج الوسطي (الجزيرة)

الجزيرة نت-القاهرة

خضعت مناهج الأزهر الشريف لتغييرات بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهو ما رأى فيه البعض تطويعا لحسابات سياسية، بينما عدها آخرون ضرورية في إطار مكافحة ما يسمى الإرهاب.

فمنذ انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013 الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي، امتد العبث للمناهج الدراسية لتشويه فترة حكم مرسي بحجة التصدي للإرهاب، فحُذف كل ما هو إسلامي أو يحث على الجهاد.

ووصُف مرسي وجماعة الإخوان بأنهم انحرفوا عن المسار الثوري، فثار الشعب عليهم في الثلاثين من يونيو/حزيران 2013 وعزلهم، كما تم رفع اسم السياسي محمد البرادعي منها، في حين ذكر محمد عبد العزيز وزميله محمود بدر مؤسسا حركة "تمرد" في المناهج.

التجديد
في يناير/كانون الثاني 2015، دعا السيسي إلى تجديد الخطاب الديني، وخاطب العلماء "والله لأحاجيكم يوم القيامة، فقد أخليت ذمتي أمام الله لأنه لا يمكن أن يكون هناك دين يتصادم مع الدنيا كلها".

وسارع المسؤولون لتطوير المناهج بالأزهر لتلبية الدعوة، فأعلن وكيل الأزهر الشريف عباس شومان أن المشيخة استشعرت خطورة المرحلة التي تمر بها الأمة بظهور أفكار ورؤى تخالف المنهج الأزهري الوسطي، فبادرت بالعمل على إصلاح منظومة التعليم الأزهري، "فتم حذف ما قد يفهم في غير معناه".

وأضاف شومان أن الأزهر سيقوم بتعديل المناهج الدراسية كل ثلاث سنوات من أجل مواكبة العصر ومواجهة الفكر المتطرف، وفق وصفه.

وأكد شومان حذف الأحاديث التي قد تفهم خطأ، مثل "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله"، مشيرا إلى أن تلك الأحاديث قد يفسرها البعض خطأ، فتم حذف كل ما قد يفهم في غير معناه، وتم استبدال "الإفساد في الأرض" "بالإرهاب"، و"البغي" "بحكم الخروج على الحاكم".

في يناير/كانون الثاني 2015 دعا السيسي إلى تجديد الخطاب الديني (الجزيرة)
في يناير/كانون الثاني 2015 دعا السيسي إلى تجديد الخطاب الديني (الجزيرة)

شكوك واستجابة
ويرى الباحث في الشؤون الإسلامية محمد سيد أن التغييرات تعود لحسابات سياسية، بهدف إرضاء أعداء الإسلام، كما أنها تساير دعوة السيسي لتجديد الخطاب الديني.

ولفت إلى أن هذه المناهج لا تحتوي على نظرة علمية عميقة، وتسهم في تخريج جيل مشوه ولا تنتج عالما له ثقل علمي.

واستدل على ذلك بدمج مواد السيرة والحديث والتفسير للشهادة الإعدادية في مادة أصول الدين، وتقليص عدد الصفحات إلى 25 تقريبا بعد أن كان كل فرع مستقلا بذاته كمادة.

ولا يعارض الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أسامة الهتيمي التجديد والتطوير، بل يراه "ضروريا"، شرط أن يكون في جو من الحرية والتوافق السياسي، وإلا سيترتب على ذلك تأسيس جيل من الدارسين يتبنون رؤية دينية تتسم بالمكايدة السياسية لتيارات بعينها.

ولكنه في الوقت ذاته شكك -في حديثه للجزيرة نت- في الدعوات للتجديد وتطوير المناهج مع تكرارها ودعمها من قبل تيار فكري وسياسي يوصف بالعلماني، في الوقت الذي يخوض فيه النظام السياسي معركة شرسة مع قوى سياسية توصف بالإسلامية.

ولم يستبعد كونها "استجابة لضغوط بعض القوى الدولية التي تحاول أن تفرغ الدين الإسلامي من مضامينه السياسية والجهادية، أو على الأقل حصر دور الدين في الجوانب الأخلاقية".

أما عضو الجمعية الوطنية للتغيير عبد الله منصور فقد رحب بالتعديلات، واصفا إياها "بالضرورية"، لأن الجماعات الإرهابية تستغل بعض النصوص لتمارس العنف ضد المجتمع في مصر والعالم، وفق تعبيره.

لكنه يرى أن التعديلات تأخرت عشرات السنين، ونفى منصور للجزيرة نت وجود ارتباط بين الدعوات المتكررة لتجديد الخطاب الديني التي أصبحت مطلبا عالميا، وتغيير المناهج بالأزهر.

المصدر : الجزيرة