دعوات مقاطعة انتخابات المغرب بميزان المراقبين

معارضون للانتخابات يدعون المغاربة لمقاطعتها
معارضون للانتخابات يدعون المغاربة لمقاطعتها (الجزيرة نت)

الحسن أبو يحيى-الرباط

ينطلق الداعون إلى مقاطعة الانتخابات البلدية بالمغرب من كونها انتخابات شكلية تجرى في ظل دستور يلغي المحاسبة، لكن مراقبين يرون أن هذه المنطلقات غير سليمة.

وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن تأثير الدعوة إلى المقاطعة يبقى محدودا، يعتبره آخرون موقفا سياسيا لا يقاس بمدى تأثيره في الشارع، كما لا يعني المسّ بالحق في التظاهر السلمي.

ودعت جماعة العدل والإحسان وحزب النهج الديمقراطي بالمغرب إلى مقاطعة الانتخابات المحلية والجهوية، وبرّرت الجماعة المحظورة موقفها بكون هذه الانتخابات تجرى في ظل دستور يلغي مبدأ المساءلة، وأنها تكرّس ما تسميه "النزعة الاستبدادية للنظام"، في حين قال حزب النهج الديمقراطي ذو التوجه اليساري إن الانتخابات "شكلية"، والغرض منها "تزيين واجهة النظام".

‪(الجزيرة‬ محمد الغالي: دعوة المقاطعة ليست جديدة
‪(الجزيرة‬ محمد الغالي: دعوة المقاطعة ليست جديدة

تضييق واحتجاج
واحتج "النهج الديمقراطي" في ندوة نظمها الأربعاء بالرباط على عدم السماح له بالظهور في وسائل الإعلام الرسمية للتعبير عن وجهة نظره، وقال إنه سيراسل وزراء الاتصال، والداخلية، والعدل والحريات بخصوص ما تعرضت له حملتهم "من تضييق وانتهاكات".
 
وتحدثت تقارير إعلامية عن تعنيف قوات الأمن لبعض المنتمين لحزب النهج الديمقراطي بالدار البيضاء والرباط كانوا بصدد دعوة المواطنين إلى مقاطعة الانتخابات.
 
وفي حديث للجزيرة نت قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش محمد الغالي إن الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات بالمغرب ليست أمرا جديدا، لأن الداعين لها لا يتفق منظورهم للحكم مع نمط الحكم السائد ممّا يجعل تأثيرها في نسبة المشاركة محدودا.

كما يرى المحلل السياسي عبد الرحيم المنار اسليمي أن دعوات المقاطعة لا تأثير لها لأن الهيئتين اللتين دعتا لها "منظمتان ليس لهما حاضنات اجتماعية وسياسية، مما جعل دعواتهما بدون صدى سياسي في الشارع الذي يبدو منخرطا في الحملة الانتخابية".
 
وهو ما أكدته النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية آمنة ماء العينين التي قالت للجزيرة نت إن دعوات المقاطعة ليس لها تأثير كبير على الشارع حتى لو لم تكن نسبة المشاركة في الانتخابات كبيرة.
 
وفيما يرى الغالي أن الداعين إلى المقاطعة يشكلون فريقا غير متجانس في طرحه مما يجعل مفعول الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات متحكّم في مخاطره، انتقد اسليمي موقف المقاطعة، قائلا "ليس هناك تنظيم سياسي في العالم يعلن المقاطعة داخل مسلسل سياسي من الإصلاحات" ولذلك فإن "الدعوة إلى المقاطعة تبدو بدون شرعية". 

‪ض‬ معارضون للانتخابات يدعون لمقاطعتها في الرباط (الجزيرة)
‪ض‬ معارضون للانتخابات يدعون لمقاطعتها في الرباط (الجزيرة)

تجاوزات
وقالت آمنة "لا أتصور أن اختيار المقاطعة في ظل ما يعيشه المغرب من إصلاحات خيار سليم، واعتبرت أن الدينامية التي يعرفها المغرب تفترض تشجيع المواطنين على الانخراط في مسار التغيير حتى يمتلكوا قرارهم بأيديهم، خاصة وأن دستور 2011 أقرّ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة".

وحول تفاعل السلطات مع التحركات الميدانية للداعين إلى المقاطعة قالت آمنة إنه تمّ عموما باحترام مقتضيات القانون "ومع ذلك، قد تكون هناك بعض التجاوزات التي تشكل استثناءات لا تمس جوهر اختيار الدولة القائم على احترام حرية الرأي بالنسبة للمقاطعين".
 
من جانبه اعتبر الناشط الحقوقي محمد حقيقي أن الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات موقف سياسي لا يقاس بمدى تأثيره في الشارع المغربي "فهو يفضح بعض الاختلالات التي تصاحب العملية الانتخابية".
 
وقال حقيقي إن السلطات كان ينبغي لها أن تأخذ موقف الحياد خلال سريان العملية الانتخابية، وبهذا المعنى "يعتبر تدخل السلطات لمنع التظاهر من أجل الدعوة إلى المقاطعة مسّا بالحق في التظاهر السلمي، ومسا كذلك بالحق في التعبير".

المصدر : الجزيرة