دير الزور.. معاناة لا ينهيها إلا طائرة "اليوشن"

الصورة رقم 3: دير الزور: حي الجورة الخاضع للنظام 9 - 2 - 2015
حي الجورة في مدينة دير الزور السورية التي يعيش أهلها حياة صعبة ويتنازع النظام وتنظيم الدولة للسيطرة عليها (الجزيرة)

ياسر العيسى-دير الزور

تدهورت الأوضاع المعيشية بشكل كبير في أحياء دير الزور الواقعة تحت سيطرة قوات النظام، مع دخول الحصار الذي يفرضه تنظيم الدولة الإسلامية عليها شهره الخامس، بينما تخضع غالبية أحيائها لسيطرة التنظيم.

ويعيش أهالي المدينة (300 ألف نسمة) أوضاعا صعبة، فلا كهرباء منذ أكثر من 45 يوما، مع غياب شبه تام للمياه والمواد الغذائية، مما دفع عددا كبيرا منهم للنزوح عبر طريق واحد، يتمثل في السفر جوا بطائرة "اليوشن" العسكرية.

مسؤول طبي (طلب عدم الكشف عن اسمه) قال للجزيرة نت إن "الواقع مرير والأمراض مستشرية، خاصة التهاب الكبد الوبائي والقمل والجرب"، ومستشفى الأسد -وهو الوحيد في أحياء دير الزور الخاضعة لسيطرة النظام- استقبل في الأيام الخمسة الأخيرة 71 حالة التهاب كبدي.

وأبدى المسؤول خشيته من "انتشار مرض الكوليرا، جراء الحصار والجوع، وبسبب توافر العوامل المساعدة لانتشاره، ومن بينها انعدام الأدوية ومواد التنظيف، والمياه غير المعقمة، وقلة النظافة الشخصية بسبب ندرة المياه".

طائرة للنظام السوري بمطار دير الزور العسكري (الجزيرة)
طائرة للنظام السوري بمطار دير الزور العسكري (الجزيرة)

الكوادر الطبية
وأعلن المسؤول الطبي في المستشفى أن "ما زاد الطين بلة نزوح عدد كبير من الكوادر الطبية، بسبب تدهور الأوضاع بشكل كبير ومتصاعد"، ونوّه إلى أن أنهم توجهوا على الأغلب إلى مدن المحافظة الأخرى مثل الميادين والبوكمال، أو إلى محافظة الرقة.

تأثيرات الحصار بدأت تظهر على الواقع المعيشي بوضوح، خاصة بعد الارتفاع الكبير في الأسعار، حيث تتضاعف أحيانا سعر المادة الواحدة نحو عشر مرات، كما قال المواطن عبد الملك السمير، الذي استطاع الوصول مع أسرته إلى دمشق منذ أيام.

وأشار إلى أن "المئات من الأشخاص يتم تكديسهم يوميا في طائرة اليوشن الوحيدة، في رحلة يرى فيها المسافرون كل أشكال الخوف والذل".

شارع المحافظة الخاضع لسيطرة النظام السوري بمدينة دير الزور (الجزيرة)
شارع المحافظة الخاضع لسيطرة النظام السوري بمدينة دير الزور (الجزيرة)

طريق الرشوة
ووصف السمير رحلة الوصول إلى دمشق بـ"شبه المعجزة"، وبين للجزيرة نت أن "من يود النزوح، عليه التقدم بطلب إلى اللواء محمد خضور قائد قوات النظام في المنطقة الشرقية، مصحوبا بسبب مقنع، مثل عمل جراحي ضروري، أو عبر الطريق الأسهل وربما الوحيد المتمثل بالرشوة، وهو ما فعلته أنا بعد تقديم رشوة مقدارها عشرة آلاف ليرة".

السمير الذي أصبح في منطقة لا تخضع للنظام بـريف دمشق تابع وصف رحلته بالقول "الرحلة إلى المطار تكلف عشرة آلاف ليرة، بحجة ارتفاع سعر مادة (البنزين)، وفي حال عدم قدوم الطائرة أو إلغاء الرحلة عليك دفع عشرة آلاف ليرة أخرى للعودة من حيث أتت".

وأضاف "بعد انتظار ساعات، ولمجرد قدوم الطائرة، يبدأ الناس بالتدافع نحوها، ويجلس كل من يحظى بالركوب على حقيبته، لأنها لا تحتوي على مقاعد، ومن لا يجد مكانا فعليه العودة وانتظار اليوم التالي".

حي القصور الخاضع للنظام السوري بمدينة دير الزور (الجزيرة)
حي القصور الخاضع للنظام السوري بمدينة دير الزور (الجزيرة)

بطاقات السفر
ونوّه إلى أن "الرحلة التي أقلته ضمت نحو 250 مدنيا، إضافة إلى عشرات من جنود النظام، يرافقهم عشرة من المعتقلين الذين تم تحويلهم إلى فروع المخابرات بدمشق".

وبشأن الوقت الذي استغرقته الرحلة، بيّن أنها استمرت نحو ساعة، منوها إلى "أنها تتم بدون بطاقة سفر، إذ تحل محلها الورقة الموقعة من قبل اللواء خضور".

وأكد طيار عامل في الخطوط الجوية السورية (طلب عدم الكشف عن اسمه) للجزيرة نت أنه لا يمكن استخدام طائرة "اليوشن" لنقل مدنيين، لأنها طائرة شحن وتفتقر لمقاعد جلوس للركاب، وهي "عسكرية مصفحة من الداخل ومهمتها نقل الآليات والمعدات العسكرية الثقيلة، حتى زنة 40 طنا".

وذكر الطيار أن نظام الأسد يملك خمس طائرات "اليوشن" واحدة منها مقدمة من إيران منذ فترة وجيزة بعد تعطل اثنتين لديه، وبيّن أن إحداها تقوم برحلة يومية من دير الزور، لكنها تأخذ أكثر من وقتها المحدد للوصول (40 دقيقة)، بسبب تجنبها التحليق فوق مناطق من ريف دمشق، خاصة الغوطة خشية استهدافها.

ونوه إلى أن الطائرات الأخرى تقوم برحلات من وإلى مطار القامشلي، ولكن خلال النهار لأن "الوضع الأمني هناك يساعدها على ذلك".

المصدر : الجزيرة