إسرائيل تميز ضد اليهود الشرقيين بالأوراق النقدية

أوراق نقدية اسرائيلية توثق شخصيات يهودية غربية فقط.
الأوراق النقدية توثق لشخصيات يهودية غربية فقط (الجزيرة)

وديع عواودة-حيفا

رغم أن اليهود الشرقيين يشكّلون نصف السكان اليهود في إسرائيل، فإنهم ما زالوا يعانون التمييز العنصري حتى في الأوراق النقدية التي تحمل صورا لشخصيات من اليهود الغربيين فقط.

وستصدر بعد أيام ورقة نقدية جديدة من فئة المئتي شيكل تحمل صورة الشاعر اليهودي الغربي البارز نتان ألترمان، تطبيقا لقرار اتخذته الحكومة مطلع الشهر الحالي باستبدال صور السياسيين في الأوراق النقدية الجديدة بصور شعراء.

وأثار ذلك مجددا ملف التمييز العنصري ضد اليهود الشرقيين والذي يشمل مختلف مناحي الحياة، كما يتجلى ذلك في طمس شخصياتهم الثقافية.

وطالب رئيس حزب المتدينين المتزمتين (شاس) الوزير آرييه درعي الحكومة في جلستها الأسبوعية أمس الأحد، بعقد جلسة خاصة للتداول حول هذا الموضوع. كما طالب بأن يفي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بوعوده بتوثيق شخصيات ثقافية في أوراق النقد.

ولفت درعي في بيان صادر عن مكتبه إلى احتجاجات اليهود الشرقيين في إسرائيل على التمييز ضدهم في كل ما يتعلق بموارد ورموز الدولة ولجان الجوائز ومناهج التعليم وغيرها.

يوسي يونه: لن يكون للإسرائيليين مجتمع موحد متناغم دون تمثيل لائق لكل مكوناتهمالجزيرة
يوسي يونه: لن يكون للإسرائيليين مجتمع موحد متناغم دون تمثيل لائق لكل مكوناتهمالجزيرة

أكثر فظاظة
ويشير المحاضر د. غادي الغازي إلى أن لجنة إصدار الأوراق النقدية التي تشمل عشرة أعضاء، تخلو من ممثلين لليهود الشرقيين والعرب طبعا.

وردا على سؤال الجزيرة نت، يرى الغازي أن العنصرية في إسرائيل اليوم أكثر فظاظة ولا تقتصر على اليهود الشرقيين، بل تطال كل من هم خارج "القبيلة الغربية البيضاء" من شرقيين وفلاشا وعرب ومعاقين وحتى النساء.

ويشير إلى ما هو أخطر من ذلك، موضحا أن كتب التعليم في إسرائيل لا تشمل إلا معلومات قليلة جدا عن تاريخ اليهود الشرقيين، مثلما يغيب الأدباء الشرقيون عن مناهج الثقافة والأدب أيضا.

المفارقة أن الشاعر اليهودي الوحيد الذي تم توثيقه في الأوراق النقدية الإسرائيلية هو موسى بن ميمون المعروف باسم "الرمبام" الذي عاش في كنف الدولة الأموية بالأندلس.

ويرى عضو الكنيست يوسي يونه (عن المعسكر الصهيوني) أن إقصاء الشرقيين من الأوراق النقدية يعكس التمييز الذي ما زال يمارَس ضدهم حتى اليوم، وينم عن اعتقاد اليهود الغربيين بأنهم هم الأفضل.

وردا على الجزيرة نت، يبدي يونه -وهو من أصول شرقية- أسفه على استمرار التمييز العنصري بحق الشرقيين في رموز الدولة ومؤسساتها الرسمية وحتى في جهازها القضائي.

ويتابع "لن يكون الإسرائيليون مجتمعا موحدا متناغما دون تمثيل لائق لكل مكوناته، ودون تحقيق عدالة اجتماعية".

وتتفق معه المحاضرة الأكاديمية د. يفعات بيطون مديرة مركز "منع التمييز"، لكنها تدعو إلى عدم التردد في الاحتجاج بصوت عال، دون اكتراث بالتحذيرات من أن ذلك سيخرج مارد الطائفية من القمقم.

يهودا شنهاف (يمين) اعتبر أن التمييز العنصري ضد كل من هو غير غربي بات سافرا(الجزيرة)
يهودا شنهاف (يمين) اعتبر أن التمييز العنصري ضد كل من هو غير غربي بات سافرا(الجزيرة)

إسكات الاحتجاج
وتوضح بيطون في تصريح لإذاعة الجيش أن جهات متنفذة من اليهود الغربيين تحاول أيضا إسكات الاحتجاج على غمط حقوق الشرقيين أو التقليل من أهميته.

ويتفق أستاذ علم الاجتماع في جامعة تل أبيب البروفيسور يهودا شنهاف مع من يرى أن الظاهرة أوسع من أوراق نقدية، وأنها تجسد تمييزا عنصريا منذ العام 1948.

شنهاف -الذي يصر على الحديث للجزيرة نت بالعربية التي اكتسبها من عائلته المغربية الأصول- يصف الظاهرة بأنها بشعة وفاسدة أخلاقيا، وتهدد الانسجام الداخلي بين الإسرائيليين.

ويتفق مع يونه في أن التمييز العنصري ضد كل من هو غير غربي بات سافرا بعدما كان مبطنا، معتبرا ذلك تعبيرا عن تفشي الروح العدوانية والتطرف في الفترة الراهنة.

ويتابع شنهاف "كلما خفت التهديدات الخارجية رفعت العنصرية الرسمية والشعبية في إسرائيل ضد أوساط مختلفة".

ويشير إلى أن الظاهرة غير مفاجئة بتاتا، وتنعكس حتى في تسميات الشوارع وفي الفن والأدب والثقافة، ويرى في تغييب الشرقيين عن الأوراق النقدية قمعا طبقيا وعرقيا.

لكن شنهاف يحذر الوزير درعي من الانشغال بالشكليات بدلا من الجذور، ويصف تركيزه على الأوراق النقدية بأنه محاولة استعراض لا أكثر.

المصدر : الجزيرة