البيوت الجاهزة بغزة تجسد تأخر إعادة إعمارها

تسليم أو وحدة سكنية متنقلة بتبرع تركي ضمن مشروع توزيع 500 بيت متنقل
تسليم أول وحدة سكنية جاهزة بتبرع تركي ضمن مشروع توزيع خمسمئة وحدة (الجزيرة)

محمد عمران-غزة

اضطر الفلسطيني أكرم داهود إلى القبول باستلام وحدة سكنية جاهزة من متبرعين أتراك، بعد عجزه عن توفير مواد البناء اللازمة لإنشاء منزل دائم لعائلته بدل الذي دمرته الحرب الإسرائيلية، بسبب الحصار والإجراءات المعقدة التي يفرضها الاحتلال على إدخال مستلزمات البناء إلى قطاع غزة.
 
وتتشابه معاناة داهود مع غيره من أصحاب البيوت المدمرة الذين يحرمون من العودة إلى حياتهم الطبيعية، ويعيشون في منازل مستأجرة أو بأكشاك من الصفيح أو بيوت مغطاة بالنايلون لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء.

لكن انتقال عائلته للسكن في بيت جاهز بمواصفات مقبولة، شكل بالنسبة له فرصة أفضل من الانتظار مدة أطول لبناء منزله، رغم قناعته بأن اللجوء لاستخدام البيوت الجاهزة يعني تجسيدا لتأخر إعادة الإعمار وإطالة أمده.

وكانت عائلة داهود قد تسلمت من وزارة الأشغال العامة والإسكان أول نموذج لبيت جاهز بقرية وادي السلقا وسط القطاع، ضمن مشروع تركي يشمل توزيع خمسمئة منزل، بمواصفات مناسبة أقرب للبيوت العادية مع قابليتها للتفكيك والتجميع والنقل.

يتكون المنزل الجاهز من غرفتين وتوابعهما (الجزيرة)
يتكون المنزل الجاهز من غرفتين وتوابعهما (الجزيرة)

رسالة سلبية
ورغم إقراره بأهمية هذه البيوت للتخفيف من معاناة أصحاب البيوت المدمرة ولو بشكل مؤقت، فإن رئيس بلدية وادي السلقا علاء أبو مغصيب يصف اللجوء إليها بأنه رسالة سلبية تتمثل بعجز العالم عن مساندة المنكوبين وإعادة إعمار منازلهم المدمرة.

ويدلل على تأخر الإعمار، بعد 15 شهرا من وقف العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، بإعادة إعمار ستة بيوت فقط من أصل 148 منزلا مدمرا كلياً ببلدته، مؤكدا أن استمرار الوضع الراهن يعني أن غزة في حاجة لعشر سنوات قادمة على الأقل لإعادة بناء ما دمره الاحتلال.

وقال أبو مغصيب للجزيرة نت إن الأهالي الذين دمرت بيوتهم يعيشون باستمرار معاناة انتظار إعادة الإعمار، وهم يسمعون عن مشاريع الإعمار دون أن يروها.

من جهته، اعتبر وزير الأشغال العامة والإسكان مفيد الحساينة أن تسليم العائلات بيوتا متنقلة يحمل رسالة إنسانية لمساندتهم ووسيلة لتعزيز صمودهم، وليس بديلا عن إعادة إعمار بيوتهم المدمرة، علاوة على إمكانية استخدامها في ما بعد للحالات الإنسانية "طالما أنها بمواصفات لائقة".

ويتكون المنزل الجاهز من غرفتين وحمام وصالة معيشة مع مطبخ بمساحة 46 مترا، مسقوفة بالصفيح وبأرضية من الباطون المسلح، ويمكن استفادة العائلة الكبيرة من وحدتين متلاصقتين.

الحساينة: مشاريع الإعمار قطعت شوطا بعيدا(الجزيرة)
الحساينة: مشاريع الإعمار قطعت شوطا بعيدا(الجزيرة)

مشاريع البناء
وأكد الوزير -للجزيرة نت- أن مشاريع إعادة الإعمار قطعت شوطا بعيدا، حيث إن 50% من المنازل المدمرة كليا إما انتهى بناؤها أو أنها قيد الإنشاء أو تسير نحو استكمال إجراءات عقود البناء.

وأوضح أن دولة قطر تبرعت ببناء ألف وحدة سكنية، إضافة إلى ثمانمئة وحدة من السعودية، ونحو 2110 وحدات سكنية بتبرع كويتي يجري العمل على توقيع عقودها مع المستفيدين، مشيرا إلى نجاح حكومته بترميم وإصلاح أكثر من 80% من المنازل المدمرة جزئيا.

بدوره، اعتبر نائب رئيس التحالف المدني للرقابة على الإعمار أن اللجوء للحلول البديلة كالكرفانات والبيوت الخشبية وغيرها غير منطقي بعد كل هذه المدة، مؤكداً أنها حلول أثبتت عدم جدوها مالياً وعملياً، إضافة إلى أنها لا تغطي أعداد المدمرة بيوتهم.

وبين حسن الوالي للجزيرة نت أن إحصاءات إعادة الإعمار التي تقدمها الحكومة الفلسطينية صحيحة من الناحية النظرية فقط، لكنها عمليا تحتاج إلى إجراءات معقدة، فالتمويل السعودي والكويتي انتقل من الوعود إلى الالتزامات ولم يصل لمرحلة الصرف، بينما المنحة القطرية لم تنجز كاملة.

ووصف واقع إعادة الإعمار بالمحبط والسلبي، وفق كافة المؤشرات والدلائل على الأرض، وأضاف الوالي: أعداد محدودة من العائلات بغزة نجحت بالعودة لمنازلها من أصل ما يزيد على 12500 دمرت بيوتها بالكامل.

المصدر : الجزيرة