جيش مصر ونصف الراتب .. حقيقة أم تمويه؟
عبد الرحمن محمد-القاهرة
ورأى مراقبون في تصريح السيسي، الذي جاء الاثنين الماضي أثناء الاحتفال "بذكرى حرب أكتوبر"، أنه محاولة للتغطية على القرار الذي أصدره مجلس الوزراء المصري باستثناء الهيئات السبع التابعة للقوات المسلحة والشرطة من تطبيق قانون ربط الموازنة العامة للدولة للسنة المالية الحالية.
وإثر انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013، توسع الجيش المصري في مكاسبه الاقتصادية عبر قوانين وقرارات، كان آخرها رفع بدل طبيعة العمل بالمعاش الإضافي للعاملين في القوات المسلحة إلى 25% بدلا من 15% دون حد أقصى، بما يضاعف معاشاتهم للمرة الخامسة خلال عامين، ليصل إلى 250%.
كذب مفضوح
البرلماني السابق والقيادي في حزب الوسط حاتم عزام، رأى أن "حديث السيسي عن مرتبات الضباط ومخصصات المؤسسة العسكرية كذب مفضوح".
وتابع -في حديث للجزيرة نت- أن "المؤسسة العسكرية بنَت إمبراطورية اقتصادية مستقلة عن الدولة المصرية، تنامت بشكل كبير جداً في العقود الأربعة الأخيرة حتى صارت دولة فوق الدولة، وتمتلك ترسانة من المؤسسات الاقتصادية الربحية التي لا تخضع للموازنة العامة للدولة ولا أي رقابة".
وأشار إلى أنه تم إسناد معظم المشروعات التنموية والاقتصادية المدنية في مصر بعد الانقلاب لشركات المؤسسات العسكرية بالأمر المباشر من الحكومة.
ولفت إلى أن اللواء محمود ناصر عضو المجلس العسكري ونائب وزير الدفاع للشؤون المالية صرح بعد ثورة يناير وفي مارس/آذار 2012 بما يكذّب هذه التصريحات، حيث قال إن "القوات المسلحة بنَت مؤسسات اقتصادية ربحية ضخمة خلال ثلاثين عاماً، ولن يسمح للغير بإدارتها أو الرقابة عليها".
تبرير للزيادات
بدوره، لفت قطب العربي رئيس المرصد العربي لحرية الإعلام والأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للصحافة، إلى أن تصريحات السيسي محاولة لتبرير الزيادات المتلاحقة لرواتب ومكافآت أفراد القوات المسلحة منذ الانقلاب.
وأضاف -للجزيرة نت- أن "هذه التصريحات نوع من الرد المباشر على الموظفين الذين يشكون من قلة رواتبهم وعدم قدرتهم على الوفاء بأساسيات الحياة ويتظاهرون ضد قانون الخدمة المدنية".
وأوضح أن "ضباط الجيش كانوا يحصلون على أفضل الرواتب في عهد مبارك وبعد ثورة يناير 2011، أما قبل ذلك فقد كانوا يعانون المعاناة ذاتها التي تعانيها باقي فئات الشعب المصري".
ورأى أن دافع السيسي الحقيقي لهذه التصريحات بعدما قدمه من زيادات كبيرة في رواتب ضباط الجيش والشرطة "هو شعوره بأنهم سنده الحقيقي وليس الشعب الذي انصرف عن المشاركة في انتخابه إلا من أعداد محدودة من كبار السن وأسر العسكريين كما رأينا في الانتخابات".
في المقابل، استنكر الخبير العسكري اللواء المتقاعد صادق عبد الواحد التشكيك في تصريحات السيسي، مشددا على أن "القوات المسلحة لا تبخل بأي أمر".
وتساءل -في حديثه للجزيرة نت- "إذا كانت القوات المسلحة تقدم التضحية بالنفس، فهل سيبخلون بجانب من مرتباتهم لدعم اقتصاد بلادهم؟" مضيفا أن "أفراد الجيش المصري يتسمون بالوطنية بعكس المأجورين الذين يرتزقون من دول أجنبية".