مستشفى الفلوجة.. عندما يتحول الملاذ إلى هدف

قصف المستشفى
المستشفى تعرض 35 مرة للقصف بالصواريخ والقذائف والبراميل المتفجرة (الجزيرة)

أحمد الأنباري-الأنبار

يروي عبد الله الفهداوي -وهو مرافق لإحدى المريضات بمستشفى الفلوجة- كيف شاهد أثناء تجواله في المستشفى المرضى يتسولون طلبا للعلاج الذي اختفى من الصيدليات، وسمع أنين النساء في غرفة العمليات، واصفا الوضع هنا بأنه كارثي.

ويوضح أن أكثر المرضى يغادرون المستشفى دون علاج، وأن الأطباء -الذين يتناقص عددهم يوما بعد آخر- لا يستطيعون إسعاف الجرحى الذين يسقطون نتيجة البراميل المتفجرة التي تسقطها الطائرات العراقية.

والمستشفى الذي يقع في قضاء الفلوجة، ثانية كبرى مدن الأنبار، شاهد على القتل لا يمكن أن يشكك في شهادته، فهو يتلقى يوميا جثث عشرات الأطفال والنساء والرجال، جراء قصف الطائرات منذ بداية الأحداث العام الماضي، وقد تطورت الأمور فأصبح هو نفسه هدفا للقصف الذي حصد عددا من كادره.

‪المرضى يغادرون المستشفى دون علاج‬ (الجزيرة)
‪المرضى يغادرون المستشفى دون علاج‬ (الجزيرة)

مستشفى شهيد
ويقول طبيب من داخل المستشفى -في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت- إنه "مستشفى شهيد، ولكننا سنؤدي واجبنا المقدس حتى النهاية، لكن لم يعد هناك ضمير حي في هذا العالم".

وأضاف الطبيب الذي فضل مناداته بأبي عمر "كنا نسمع أنه في الحرب العالمية الثانية يوجد مواثيق وسلوكيات شرف حتى بين المتحاربين، لكن في الفلوجة كل شيء خرج عن الحدود". وخلص إلى أنه في غرة عام ٢٠١٥ تلقى المستشفى تسع جثث لقتلى مدنيين بينهم امراتان، و18 جريحا بينهم طفل وامرأة، أصيبوا بقصف عشوائي من الجيش لمدينة الفلوجة.

وعن الإحصاءات المسجلة للقتلى المدنيين يقول أحد كوادر المستشفى للجزيرة نت، إن العدد بلغ 1956 بينهم 149 امرأة و299 طفلا، كما بلغ الجرحى نحو 2500 جريح. وتعرض مستشفى الفلوجة 35 مرة للقصف بالقذائف والصواريخ والبراميل المتفجرة، منذ بداية الأحداث، وقدم المستشفى ثمانية ضحايا من المنتسبين إليه خلال هذه الأحداث بينهم الدكتور جمعة هاشم الفهداوي، وجرح 18 واعتقل خمسة بينهم طبيبان.

حصار ومنع
إلى ذلك يقول رئيس المجلس المحلي المؤقت في الفلوجة محمد البجاري إن الجيش العراقي -الذي يحاصر المدينة منذ بداية العام الماضي- يمنع دخول الأطباء أو الفرق الطبية إليها، ويستخدم أحيانا لغة التهديد حتى يعود الطبيب أدراجه.

وأشار -في حديث للجزيرة نت- إلى أن "من يريد أن يلتحق بالمستشفى قادما من بغداد، عليه إضافة إلى تحمل مخاطر الطريق، أن يغير أكثر من عشر سيارات، بين الواحدة والأخرى مسافة أكثر من نصف كيلومتر حتى يصل إلى المدينة".

ويخلص إلى أنه إذا "كانت الطرق مفتوحة إلى الفلوجة، فقد يستغرق ذلك أكثر من ثماني ساعات للوصول، وهو وقت يعادل عشرة أضعاف الوقت اللازم في الظروف الاعتيادية".

المصدر : الجزيرة