ارتياح لطرد السودان الملحق الثقافي الإيراني

عماد عبد الهادي-الخرطوم

أحدث قرار السلطات السودانية إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية، وطرد المستشار الثقافي الإيراني في الخرطوم، حالة من الارتياح بين جماعات وهيئات دينية سودانية كانت تطالب بـ"وقف نمو وتمدد المذهب الشيعي بالبلاد".

ومع أن مبررات الحكومة التي ساقتها لتبرير القرار الذي أغلقت بموجبه أكثر من 26 مركزا ومكتبة ومدرسة ورابطة، فإن القرار يبدو غير بعيد عن مجموعة احتمالات وسيناريوهات سياسية ومذهبية في آن معا.

أبرز المواقف صدرت عن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السودانية يوسف كردفاني الذي كشف فيه عن تجاوز الملحقية الثقافية والمراكز دورها الثقافي والدبلوماسي، واستجابة لنداءات عدد من علماء الدين الإسلامي في البلاد وتحذيرهم من إمكانية حدوث فتنة مذهبية.

وقال كردفاني للصحفيين إن السودان ظل متابعا لنشاط المركز الثقافي الإيراني وفروعه بالولايات السودانية المختلفة، "إلا أنه تجاوز للأسف التفويض الممنوح له، والاختصاصات التي تحدد الأنشطة التي يخول له القيام بها، وبذلك أصبح يشكل تهديدا للأمن الفكري والاجتماعي بالبلاد".

‪مقر المستشارية الثقافية الإيرانية بالخرطوم‬ (الجزيرة نت)
‪مقر المستشارية الثقافية الإيرانية بالخرطوم‬ (الجزيرة نت)

تجاوز التفويض
وذكر أنه على ضوء ذلك تم استدعاء القائم بأعمال السفارة الإيرانية بالإنابة، وإبلاغه بقرار إغلاق المركز وفروعه المختلفة، وإمهال المستشار الثقافي والعاملين في المركز ثلاثة أيام لمغادرة البلاد.

واتهم المسؤول السوداني المراكز والمستشارية الثقافية بعدم مراعاة عملها بالشكل الدبلوماسي المطلوب "فكان لابد من اتخاذ القرار الذي يتناسب مع الأمر".

لكن مراقبين يرون أن هناك تفسيرا آخر لقرار الخرطوم، حيث يذهب هؤلاء لاعتبار أن السودان يسعى لإرضاء بعض الدول الخليجية التي تدهورت علاقاتها معها خلال الفترة الماضية بسبب السياسات التوسعية الإيرانية في المنطقة، لافتين إلى أن القرار محاولة للعودة إلى الحظيرة الدولية من جديد.

فقد اعتبر المحلل السياسي تاج السر مكي التمدد الإيراني في السودان "ليس جديدا"، واعتبر أنه بدأ منذ بداية علاقة الحكومة مع إيران التي أخذت أشكالا مختلفة، لافتا إلى أنه "مهما يبين في ظاهره أنه عقائدي، إلا أنه ينطوي على موقف سياسي محدد".

وأشار إلى وجود أزمة من نوع ما بين السودان وبعض دول الخليج المؤثرة، مما جعل الصراع مكشوفا، "ليدفع بقرارات مفاجئة تحاول معالجة تلك الأزمة".

لا مكان للتشيع
لكن عضو المجمع الصوفي العام الشيخ صلاح البدوي اعتبر القرار الحكومي من أنجح القرارات التي اتخذت لمصلحة الشعب السوداني عبر إعلان أن "لا مكان للتشيع في البلاد".

بيد أنه اعتبر أن القرار سيبقى ناقصا "ما لم تغلق كافة الحسينيات في البلاد"، وتابع "لأنها من المهددات الأمنية والعقدية والاجتماعية والسياسية".

وطالب البدوي في تعليقه للجزيرة نت بخطوات أشمل وأمنع لحماية العقيدة والدين، مبديا قلق المجمع من ردة فعل قد تقود البلاد إلى ما وصلت إليه العراق وسوريا إذا واصل المد الشيعي تزايده وانتشاره، كما قال.

أما الداعية الإسلامي الشيخ عبد الحي يوسف فوصف القرار بالموفق لمجابهة ما يواجه الوحدة الفكرية والعقائدية في البلاد.

وأشار إلى أن القرار جاء متأخرا "لكنه في الاتجاه الصحيح"، معتبرا أنه بمثابة "مصالحة مع القاعدة الإسلامية العريضة في السودان".

‪يوسف: القرار متأخر وهو بمثابة مصالحة مع القاعدة الإسلامية بالسودان‬ (الجزيرة نت)
‪يوسف: القرار متأخر وهو بمثابة مصالحة مع القاعدة الإسلامية بالسودان‬ (الجزيرة نت)

تهديد عقائدي
وقال للجزيرة نت إن الحريصين على أمن البلاد كانوا قد نصحوا الحكومة بأن هناك مهددا عقديا وفكريا وأمنيا يجتاح البلاد، "مما يستوجب التعامل معه بشيء من الحسم"، معتبرا أن "التمدد الشيعي يمثل اختراقا للمجتمعات السنية ولا يبشر بخير".

ورأى أن نشاط الملحقية الثقافية الإيرانية بالبلاد "غير مقبول لقيامها بالاتصالات برجال الصحافة، واختراق الجامعات، مع الكشف عن بؤر فساد تتمثل بدخول كتب للمشاركة في جناح المركز الثقافي الإيراني بمعرض الخرطوم الدولي تسب الصحابة الكرام وتقدح في أهليتهم".

وأعلن أن الدعاة سينصحون المسؤولين وينبهونهم لمكامن الخطر "حتى تتجنب البلاد ما وقع في بلدان أخرى تفتت نسيجها الاجتماعي والسياسي والأمني".

المصدر : الجزيرة