نتنياهو بعد الحرب "بطة عرجاء"

كتائب القسام تعلن أسر جندي إسرائيلي
الجندي الإسرائيلي الذي أسرته حركة المقاومة الإسلامية "حماس" خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة (الجزيرة)

وديع عواودة-حيفا

رغم الفارق الكبير في أعداد الضحايا، لكن المراقبين الإسرائيليين يؤكدون أن إسرائيل خرجت خاسرة من الحرب على غزة، وأن الحرب أصابت رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بجراح سياسية أضعفته وباتت تهدد مكانته السياسية بالحاضر والمستقبل بسبب فشلها في تحقيق أهدافها وانقسام الائتلاف الحاكم.

المحلل الحزبي "يوسي فرطر" يرى أن حكومة نتنياهو بعد شنِّ الحرب على "تنظيم إرهابي صغير" تختلف عما كانت عليه قبلها، لأنها فشلت في تحقيق أهدافها وكشفت عن إخفاقات محرجة في الحكومة والجيش.

ويستذكر المحلل أن إصابة نتنياهو بجروح سياسية بدت جلية في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع وزير دفاعه موشيه يعلون وقائد الجيش بيني غانتس غداة الإعلان عن وقف النار.

ويوضح فرطر في حديث للقناة الإسرائيلية الثانية أن لغة الجسد لدى الثلاثي المذكور فضحت مشاعر الإرهاق والإحباط والخيبة التي انعكست على وجوه رمادية شاحبة.

‪الإعلام الإسرائيلي: وعود نتنياهو في غزة لم تتحقق‬ (الجزيرة)
‪الإعلام الإسرائيلي: وعود نتنياهو في غزة لم تتحقق‬ (الجزيرة)

شعبية نتنياهو
ضعف نتنياهو في الحلبة السياسية تجلى باستطلاع رأي نشرته صحيفة "معاريف" الإلكترونية يكشف تدني شعبيته بـ27% مقارنة بما قبل الحرب على غزة، وعن تزايد قوة الأحزاب اليمينية التي زايدت عليه وانتقدت إدارته للعدوان.

ووفق استطلاع الرأي فقد تفوق أداء قائد الجيش "بيني غانتس" على أداء نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعلون. ويعتقد 72% من الإسرائيليين أن أداء غانتس كان جيدا إلى جيد جدا مقابل 53% ليعلون، أما نتنياهو فحاز على 49% فقط.

وترتبط النسبة المذكورة باعتقاد 61% من الإسرائيليين بأن إسرائيل "لم تنتصر في الحرب" ولم تحقق هدفها بتوفير هدوء لفترة طويلة.

فقاعة صابون
ويذكّر المعلق السياسي "شالوم يروشلمي" بأن نتنياهو نجح في السنوات الخمس الأخيرة في الحفاظ على "فقاعة صابون" أمنية حول الإسرائيليين، وأنه طالما فاخر باستتباب الأمن في فترته حتى انقلبت الأمور عليه في غزة.

ويتابع المعلق قائلا إنه في انتخابات 2009 قدّم نتنياهو نفسه كقائد قوي في وجه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وفي وجه العرب، ونجح في الحيلولة دون تأثير الأحداث الأمنية العاصفة بدول الجوار، لكن الحرب على غزة عرّضت معظم مناطق إسرائيل للنار والقلق.

أما المعلقة السياسية "ليلاخ فايسمان" فترى في صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية أن الشعور بالإهانة لدى الإسرائيليين ينعكس بتدني شعبية نتنياهو، لكنها تقول إنه ما زال بمأمن من السقوط لعدم وجود بديل مقنع في نظر الإسرائيليين، وتؤكد أن نتنياهو ضعيف اليوم بسبب خيبة الجمهور من الحرب على غزة والتصدعات داخل الائتلاف الحاكم بل داخل حزبه.

غانم يستبعد تبلور بدائل من اليسار لنتنياهو بعد فشل اليمين في الحرب على غزة (الجزيرة)
غانم يستبعد تبلور بدائل من اليسار لنتنياهو بعد فشل اليمين في الحرب على غزة (الجزيرة)

جراح سياسية
وتشير المعلقة ليلاخ إلى استطلاع رأي نشرته صحيفة "غلوبس" يفيد بأن 94% من أعضاء حزب الليكود الحاكم لا يرون الآن بديلا عن نتنياهو رغم أن 56% منهم لا يثقون بقدرته على إنجاز حل حقيقي "لمشكلة غزة"، ولذلك يعارض 66% إجراء انتخابات مبكرة ويفضلون الاستقرار السياسي.

وتضيف ليلاخ "سيضطر نتنياهو إلى خوض انتخابات مبكرة قبل أن يضمد جراحه السياسية، ويرجح أن تزداد الأحزاب الأكثر يمينية على حساب حزبه، مما يعني أنه سيتحول إلى بطة عرجاء وسيكون عرضة للابتزاز السياسي".

من جانبه يرى المحاضر في العلوم السياسية أسعد غانم أن الحرب أصابت نتنياهو بأضرار سياسية لكنه سينجو من السقوط لعدم وجود قائد في معسكر اليمين يحمل مشروعا لرئاسة حكومة، رغم أن استطلاعات الرأي تظهر تزايد قوة الأحزاب اليمينية نتيجة الحرب الفاشلة على غزة.

ويوضح غانم للجزيرة نت أنه ليس من السهل تبلور بدائل من اليسار الإسرائيلي بعد حرب فاشلة قادها اليمين، لافتا في الوقت نفسه إلى ضعف شخصية رئيس المعارضة ورئيس حزب "العمل" يتسحاق هرتسوغ وفقدانه التجربة العسكرية.

ويتفق غانم مع مراقبين سياسيين يعتقدون أن الحرب أصابت نتنياهو بجراح سياسية ستنال من شعبيته وقوته حتى لو بقي رئيسا للوزراء دون منازع حقيقي، لا سيما أن عددا كبيرا من الوزراء يخرجون عليه وينالون من هيبته.

المصدر : الجزيرة