جرف الصخر العراقية.. مركز صراع بين الحكومة وثوار العشائر

خارطة العرق موضح عليها جرف الصخر
جرف الصخر الواقعة تحت سيطرة ثوار العشائر تكتسب أهمية إستراتيجية بالغة (الجزيرة)

أحمد الأنباري-الرمادي

تكتسب ناحية جرف الصخر شمال محافظة بابل العراقية أهمية إستراتيجية بالغة، نظرا لطبيعتها الجغرافية الصعبة وموقعها المهم الذي يربط بين المحافظات الغربية والوسطى والجنوبية.
 
وأدت هذه الأهمية لتحويل الناحية إلى واحدة من أكثر المناطق التي تشهد معارك شرسة لمحاولة السيطرة عليها بين طرفي الصراع في العراق: القوات الحكومية من جهة، والمجالس العسكرية وثوار العشائر من جهة أخرى.

وتشهد هذه الناحية التي تسيطر على أغلب مناطقها حاليا المجالس العسكرية وثوار العشائر منذ أشهر، معارك عنيفة بين الطرفين.

وكانت الناحية منطلقا لعمليات المقاومة للاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، قبل أن تصبح بعد ذلك مركزا لقوات الصحوات التي تشكلت لمواجهة تنظيم القاعدة عام 2006، إلى أن باتت اليوم واحدة من مراكز الصراع بين مسلحي العشائر الذين يسيطرون على معظم مناطقها، والقوات الحكومية الساعية لاستعادتها.

وأطلقت القوات الأميركية على جرف الصخر في سنوات الاحتلال اسم "مثلث الموت"، نظرا لكثافة الخسائر التي تكبدتها في تلك المنطقة.

‪ثوار العشائر يسيطرون على ناحية جرف الصخر ذات الأهمية الإستراتيجية‬ (الجزيرة)
‪ثوار العشائر يسيطرون على ناحية جرف الصخر ذات الأهمية الإستراتيجية‬ (الجزيرة)

أهمية بالغة
وترتبط جرف الصخر بجغرافية منبسطة مفتوحة مع مدينة الفلوجة والعديد من المناطق في محافظة الأنبار، وتشكل الجناح الشرقي لقضاء الفلوجة، وتتصل أيضا بمدن حزام بغداد الجنوبية: اللطيفية والإسكندرية واليوسفية والمحمودية.

وتقع منطقة جرف الصخر شمال محافظة بابل على بعد حوالي 60 كلم جنوب غرب بغداد، وإلى الشمال من مدينة المسيب على بعد 13 كلم.

ويسكن جرف الصخر نحو خمسين ألف مواطن أغلبهم من عشيرة الجنابيين، وغالبيتهم من الفلاحين العاملين بالزراعة، كونها تقع على نهر الفرات وتكثر فيها زراعة النخيل وأشجار الفاكهة.

وشهدت مناطق الجرف إطلاق عمليات المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأميركي في وقت مبكر عام 2003، ورغم تشكيل الصحوات فيها عام 2006، فإنها بقيت من المناطق الساخنة جدا، حيث تسيطر عليها المجالس العسكرية وثوار العشائر.

ويبين الخبير الأمني والإستراتيجي أحمد الشريفي أن لمنطقة جرف الصخر أهمية إستراتيجية عسكرية كبيرة.

كثافة زراعية
وأوضح للجزيرة نت أن المنطقة تقع على الخط الرابط بين عمليات الأنبار وبابل، وأن لها أهمية -خاصة من قبل القوات الأمنية- لمسك المنطقة والحفاظ على السلامة الوطنية من دخول تنظيم الدولة الإسلامية إلى كربلاء أو بغداد.

وأضاف "تتمتع أراضي المنطقة بكثافة زراعية، من حيث وفرتها بالأشجار وانفتاحها على الأنبار، وهو ما جعل هذه العوامل عائقا أمام القوات الأمنية في السيطرة على الناحية، لانعدام الرؤية فيها واتخاذها من قبل تنظيم الدولة مركزا للمناورة وضرب القوات الأمنية".

وبرأي الشريفي، فإن المنطقة تحتاج إلى الجهد الجوي المتطور، بالاعتماد على الأشعة تحت الحمراء لاستهداف وتحديد مواقع المسلحين، أكثر من حاجتها إلى الجهد الميداني.

ويشير إلى أن تأمين منطقة جرف الصخر يعني السيطرة بشكل كامل على مناطق واسعة في الفلوجة والممرات المائية والصحراوية الوعرة الأخرى، مما سيجعل مناطق حزام بغداد وبابل أكثر أمنا واستقرارا، كما قال.

الجميلي:
المجالس العسكرية تسيطر بشكل كبير على مناطق جرف الصخر، وتصد حاليا محاولات القوات الحكومية لاختراق الناحية، لكن جميع هذه المحاولات تبوء بالفشل لصمود المقاتلين الذين يدافعون عن مناطقهم ضد هذه الهجمة الشرسة

ارتباط بالفلوجة
بدوره قال رافع مشحن الجميلي -شيخ عموم قبيلة الجميلة والقائد الميداني لمسلحي العشائر- إن ارتباط مدينة الفلوجة جغرافيا وسكانيا بناحية جرف الصخر "جعلها مركزا رئيسيا لتوجهنا نحو تحرير جميع مناطق بغداد الرابطة بين المحافظات الغربية والجنوبية من العاصمة".

وتابع "هذا المسعى سيساعد على غلق الطريق الرئيسي أمام مناطق جنوب العراق، وتعزيز قوة المسلحين في مناطق حزام بغداد"، على حد وصفه.

وأردف أن "المجالس العسكرية تسيطر بشكل كبير على مناطق جرف الصخر، وتصد حاليا محاولات القوات الحكومية لاختراق الناحية، لكن جميع هذه المحاولات تبوء بالفشل لصمود المقاتلين الذين يدافعون عن مناطقهم ضد هذه الهجمة الشرسة".

وأشار الجميلي إلى أن "العشائر انطلقت من السيطرة على جرف الصخر للتوسع نحو مناطق اليوسفية واللطيفية، وصولا إلى الرضوانية القريبة من مطار بغداد الدولي، والتي تشهد حاليا معارك للسيطرة عليها".

يذكر أنه منذ اندلاع المعارك في محافظة الأنبار نهاية ديسمبر/كانون أول الماضي، إثر اعتقال الحكومة النائب السابق أحمد العلواني، تشهد منطقة جرف الصخر معارك طاحنة بين ثوار العشائر والقوات الحكومية تساندها المليشيات التابعة للحكومة.

المصدر : الجزيرة