الطبيب النرويجي غيلبيرت: الحصار يقتل جرحى غزة

استقبال الطبيب النرويجي بمطار أوسلو
الطبيب النرويجي مادس غيلبيرت لدى وصوله مطار أوسلو عائدا من قطاع غزة (الجزيرة)

عمار الحمدان-أوسلو

عاد الطبيب النرويجي مادس غيلبيرت إلى النرويج بعد خمسة عشر يوما قضاها بالعمل في مستشفى الشفاء في قطاع غزة، متطوعا لعلاج جرحى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. كما فعل في العدوانين الإسرائيليين على غزة عامي 2008 و2012.

ويعد غيلبيرت -رئيس قسم طب الطوارئ في مستشفى جامعة شمال النرويج، وأستاذ طب الطوارئ في جامعة ترومسو- وزميله -النرويجي من أصل فلسطيني- محمد أبو عرب استشاري تخدير في مستشفى أوسلو الجامعي، شاهدي عيان على جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين العزل في قطاع غزة في الحرب الجارية.

واستقبل غيلبيرت وأبو عرب استقبالا حافلا من فلسطينيين ونرويجيين مؤيدين للقضية الفلسطينية في مطار أوسلو الأربعاء 30/7/2014، وتحول الاستقبال إلى مظاهرة شعبية رفعت فيها شعارات مقاطعة شاملة لإسرائيل، ووقف المجازر بحق الفلسطينيين، وتحميل المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن حماية الفلسطينيين من جرائم إسرائيل، منددين بالصمت الدولي تجاه ما يحدث في غزة.

الجزيرة التقت بالطبيب غيلبيرت فور عودته إلى النرويج للاستماع لشهادته على العدوان الإسرائيلي على غزة ومشاهداته في مستشفى الشفاء.

استقبال الطبيب النرويجي بمطار أوسلو لدى عودته من قطاع غزة(الجزيرة)
استقبال الطبيب النرويجي بمطار أوسلو لدى عودته من قطاع غزة(الجزيرة)

الحرب الأصعب
فقد أكد غيلبيرت للجزيرة نت أن "هناك حاجة ماسة وملحة لنقل الجرحى خارج غزة للعلاج"، ويطالب بان كي مون "بتشغيل جسر جوي لنقل المصابين الفلسطينيين خارج غزة من أجل العلاج، فالمصابون الفلسطينيون يموتون بسبب الحصار".

وأعرب الطبيب النرويجي عن اعتقاده أن ظروف الحرب وأحوال المستشفيات في غزة أصعب بكثير من حربي 2008 و2012، فالحدود الجنوبية لغزة اليوم مغلقة مع رفح من قبل السيسي، ومن الشمال مغلقة من قبل بنيامين نتنياهو، وهذا يجعل إنقاذ الجرحى غير ممكن على الإطلاق.

وأكد غيلبيرت أن معظم الإصابات التي عاينها ناتجة عن احتراق، وأخرى ناتجة عن تفجيرات، "شاهدت كل ما يمكن تصوره من إصابات، شاهدت أطفالا من دون رؤوس، من دون أيد أو أرجل، أطفالا تملأ أجسادهم الشظايا".

وأشاد بفرق الطوارئ والإسعاف ووصفهم "بالأبطال المتطوعين" وببطولاتهم من أجل إنقاذ المصابين. "إنه شيء لا يصدق، إنه عمل تاريخي".

أما المختلف عن الحرب السابقة برأي غيلبيرت، فهي "القنابل الإسرائيلية ومنهجية استهداف المدنيين والمناطق السكنية والقطاعات المدنية ومنشآت الكهرباء، ناهيك عن المستشفيات، مثلا مستشفى الوفاء والأقصى ومحمد الدرة، كل هذه المستشفيات تم استهدافها، ونتيجة استهدافها فقد قطاع غزة 20% من القدرة الاستيعابية للمشافي".

ويمضي غيلبيرت بوصف حالة المستشفيات في هذه الحرب، فيقول، هناك ارتفاع حاد في عنف الهجمات الإسرائيلية، "هذه الهجمات أصبحت أكثر وحشية وأكثر دموية". فمستشفى الشفاء يختنق بالمصابين الذين وصلوا إليه، ففيه جرحى يفوقون حجمه وطاقته وإمكانيته، كما أن هناك ربع مليون فلسطيني فقدوا بيوتهم ويعيشون في العراء في لجوء وهذا يختلف عن قبل، لأن الإسرائيليين قصفوا أعدادا هائلة من المنازل".

ويفند الطبيب النرويجي الادعاءات الإسرائيلية بأن المستشفيات هي مقرات عسكرية للمقاومة ومخازن أسلحة، فيقول، "على الإطلاق لم أر أيا من رجال حركة حماس في مستشفى الشفاء، على إسرائيل التي تمتلك أحد أكبر أجهزة المخابرات في العالم أن تقدم دليلا واحدا على أقوالها بأن رجال حماس موجدون في المستشفيات".

ويؤكد غيلبيرت حسب مشاهداته أن الفلسطينيين يستهدفون بقتالهم الدبابات وطائرات إف16 وطائرات أباتشي، ولكن الجيش الإسرائيلي يستهدف الأطفال والنساء والمدارس والمستشفيات.

يحظى غيلبيرت بشعبية واسعة في النرويج وخاصة بين الجالية الفلسطينية (الجزيرة)
يحظى غيلبيرت بشعبية واسعة في النرويج وخاصة بين الجالية الفلسطينية (الجزيرة)

أجبن جيش
ويضيف "هذا أجبن جيش على وجه الأرض، وهؤلاء هم أجبن جنود، جنود يجلسون في طائراتهم ويقصفون مليونا وثمانمائة ألف شخص محاصر". ويتساءل أين العالم العربي، وأين الديمقراطية الأوروبية، وأين المدافعون عن حقوق الإنسان؟

وقال غيلبيرت "لا فرق بين إسرائيل وجماعة بوكو حرام، فإسرائيل لا تحترم حقوق الإنسان، وتقطع رؤوس الأطفال، وتقصف أماكن العبادة والبيوت والمدارس".

ويتساءل "أين ردة فعل السيدة ميشيل أوباما التي رفعت هاشتاغ عندما خطفت الفتيات في السودان؟ وهذا شيء جيد، ولكن أين هاشتاغ الحرية لفلسطين عندما يقصف ويقتل أطفال غزة بالمئات والآلاف"؟

ودعا الزعماء العرب أن يلوحوا للأميركيين بقطع النفط عنهم حتى يرفعوا الحصار عن غزة. حتى يتوقف قصف غزة وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم، هذا سهل جدا، "زعماء العرب يستطيعون خلال أسبوع أن يقلبوا الموقف إن أرادوا".

المصدر : الجزيرة