"حرب المعلومات" تستعر مجددا بين الصين وأميركا

صور الضباط الخمسة كما نشرها مكتب التحقيقات الفيدرالي على موقعه
اتهامات أميركية لصينيين بالتجسس الإلكتروني (الجزيرة)

عزت شحرور-بكين

شنت وسائل الإعلام الصينية هجوماً واسعاً على الولايات المتحدة بعد اتهام الأخيرة خمسة ضباط صينيين بـ"القرصنة الإلكترونية" والتجسس الاقتصادي وسرقة أسرار تجارية لشركات أميركية تعمل في مجال الطاقة النووية وصناعات التعدين.

ووصفت صحيفة "غلوبل تايمز" الصينية الولايات المتحدة بأنها تمثل "الهمجية في أعلى مراحلها" وبأنها تحاول "تلميع صورة الوغد، وتصرفاتها تثير الاشمئزاز والتقزز". كما اعتبرت صحيفة "الشعب" لسان حال الحزب الشيوعي الصيني السلوك الأميركي  "نفاقا وازدواجية المعايير" وقالت صحيفة "تشاينا ديلي" الناطقة بلسان الحكومة "إن اتهام الضباط الصينيين الخمسة يعبر عن عقلية مريضة وغبية".

وشبهّت الصحيفة الصينية واشنطن بـ"اللص الذي يصرخ: اقبضوا على الشرطي إنه يلاحقني". وأجمعت مختلف وسائل الإعلام الصينية على وصف الولايات المتحدة ووكالة مخابراتها ومكتب التحقيقات الفيدرالي بـ"أكبر لصوص الأمن المعلوماتي ورموز التجسس وانتهاك الخصوصيات سواء بالنسبة لأصدقائهم أو لأعدائهم بما في ذلك رؤساء دول" واستشهدت في ذلك بوثائق ويكيليكس وإدوارد سنودن.

استدعت الخارجية الصينية السفير الأميركي في بكين وأبلغته احتجاجاً رسمياً، وطالبت  واشنطن بتصحيح خطئها وسحب الاتهامات فوراً واعتبرها مستهجنة ولا أساس لها 

احتجاج
وكانت الخارجية الصينية قد استدعت السفير الأميركي في بكين ماكس بوكس، وأبلغته احتجاجاً رسمياً. وطالب المتحدث باسم الوزارة خونغ ليى واشنطن بتصحيح خطئها وسحب الاتهامات فوراً، واعتبرها مستهجنة ولا أساس لها و"تستند إلى وقائع مفبركة تنتهك الأعراف والتقاليد المتبعة في العلاقات الدولية". وقد أعلنت بكين تعليق العمل باللجنة الصينية الأميركية المشتركة لقضايا الإنترنت والأمن الفضائي.

وأبدت وسائل الإعلام الصينية ووسائل التواصل الاجتماعي رضاها بالإجراءات التي اتبعتها حكومتهم في الرد على "الادعاءات الأميركية" وطالبوا بمزيد من الإجراءات. ودعا مدونون صينيون الضباط الخمسة إلى مقاضاة الولايات المتحدة ومطالبتها بتعويضات بسبب التشويه المتعمد الذي لحق بهم نتيجة نشر صورهم كمجرمين مطلوبين لمكتب التحقيقات الفيدرالي من دون تقديم أدلة على تورطهم.
 
ويرى مراقبون صينيون أنه "لا يليق" بالولايات المتحدة أن تلعب دور الضحية في الوقت الذي يعلم فيه العالم بأسره بأنها الجلاد، وأن التجسس المعلوماتي بالنسبة لإدارة الرئيس أوباما "إستراتيجية منهجية معتمدة ترعاها الدولة منذ عدة سنوات وتسخر لها الأموال والخبرات كما أظهرت حادثة إدوارد سنودن وتسريبات ويكيليكس".

يُذكر أن ملف التجسس الإلكتروني وأمن المعلومات ذات الطابع الأمني والاقتصادي قد احتل حيزاً مهما في العلاقات الصينية الأميركية خلال السنوات الماضية، مشكلا قضية خلافية معقدة تضاف إلى القضايا الخلافية الكثيرة بينهما. وأصبح هذا الملف بنداً دائماً على جداول أعمال القمم بين القادة وفي اجتماعات مسؤولي البلدين.

وتبدو اتهامات واشنطن للضباط الصينيين أول تجريم رسمي أميركي تجاه مواطنين من دولة أخرى، وتأتي بعد سنوات من الاتهامات والاتهامات المتبادلة بين أكبر قوتين اقتصاديتين بالعالم فيما عرف باسم "حرب الإنترنت" و تعكس مدى القلق وانعدام الثقة بين الجانبين. ويرجح مراقبون أنها لن تكون الأخيرة بل ربما ستتخذ منحى جديداً، وما هذه الحادثة إلاّ الإرهاصات الأولى في حرب الفضاءات المفتوحة.

المصدر : الجزيرة