ثوري خاطر بحياته لينقذ جنديا من جيش الأسد

الشاب معاذ بعد أن فقد قدمه
معاذ فقد ساقه اليمنى لإنقاذ مجند في قوات النظام (الجزيرة)

سيلين أحمد-ريف دمشق

لم يتردد الشاب معاذ (25 عاما) أحد المقاتلين بصفوف المعارضة السورية المسلحة في محاولة إنقاذ حياة مجند بقوات النظام خلال أحد الاشتباكات بين الجانبين في بلدة الزبداني في ريف دمشق الشهر الماضي، غير عابئ بفقدان ساقه خلال تلك المحاولة.
 
يروي معاذ حكايته للجزيرة نت قائلا إن تلك الاشتباكات كانت محتدمة "وخسرنا اثنين من المقاتلين في كتيبة حمزة بن عبد المطلب، كذلك قتل بعض العساكر من قوات النظام، وفجأة بدأت قذائف المدفعية تهطل علينا من كل جانب، فاختبأت برفقة اثنين من زملائي في براد (ثلاجة) لحفظ التفاح بعيدا عن مرمى المدفعية، لكن القذائف أصابت ثلاثة عساكر نظاميين عن طريق الخطأ".

وأوضح أن شظايا القذائف تسببت في مقتل مجندين اثنين من قوات النظام، وأصيب الثالث إصابة خطيرة، وقال "كنت أشاهد ما يحدث عندما تلقيت الأوامر بالانسحاب لكنني صممت على اجتياز المسافة بينا وبين المجند المصاب الذي كان ينازع الموت، ولم تكن المسافة قصيرة".

معاذ: كنت أراقب ذلك المجند جيدا، وسنحت له الفرصة عدة مرات لإطلاق النار على مقاتلي الكتيبة، لكنه كان يتجنب ذلك، ومن الواضح أنه لم يكن يقاتل باختياره

دافع إنساني
وحول دافعه لإنقاذ جندي من جيش أعدائه، قال معاذ "كنت أراقب ذلك المجند جيدا، وسنحت له الفرصة عدة مرات لإطلاق النار على مقاتلي الكتيبة، لكنه كان يتجنب ذلك، ومن الواضح أنه لم يكن يقاتل باختياره، حاول صديقاي منعي من الذهاب لكنهما فشلا في ذلك، انتابني حزن بالغ تجاهه، خرجت من براد التفاح، ركضت بأقصى سرعتي، في نصف المسافة تقريبا، ولسوء حظي أصبت بشظيتين واحدة في قدمي والأخرى في ظهري".

إصابة الثوري معاذ لم تمنعه من متابعة رحلة الإنقاذ والوصول إلى المجند، إلى أن تمكن من ذلك، لاحظ معاذ الصليب المعلق على رقبة المجند المضرج بالدماء والذي لم يفقد وعيه بعد، حاول طمأنته وتكرار عبارة "نحن إخوة" فجأة رن هاتف المجند النقال فأشار إلى معاذ لرؤية الهاتف.

ويتابع "كان الشاب في مثل عمري وعندما فتحت هاتفه وجدت رسالة من والدته تعبر فيها عن قلقها وخوفها الشديد وضرورة رده عليها حتى يطمئن قلبها، وكأنها أحست بما حدث له، سألني بصوت متقطع عن باعث الرسالة، فأجبته بأنها شركة الاتصالات، تأثرت بالرسالة كثيرا، ساعدته على النهوض وسندته إلى كتفي ومشيت به بخطوات متثاقلة بينما كانت الدماء تملأنا حتى وصلنا إلى مكان آمن، ثم ناديت بواسطة اللاسلكي على صديقيّ وقاما بإسعافنا".

ويستذكر مؤيد -أحد من شاركوا في عملية الإنقاذ- تفاصيل الإسعاف والعلاج في المشفى، فيقول إن الأطباء أكدوا ضرورة إجراء عمليتين جراحيتين لهما "وقاموا بإخضاع المجند لواحدة على الفور نتيجة لسوء حالته، بينما كان معاذ ينتظر عمليته ويسأل باستمرار عن حالة المجند".

ويضيف أن معاذ كان قلقا جدا على ذلك الشاب، وعندما أفاق من عمليته الجراحية، استفسرت منه عن أسباب قلقه فأخبرني بما حدث، وكان كل ما يتمناه هو الرد على والدة المجند برسالة لطمأنتها، لكن أمله خاب عندما وردنا خبر وفاته، فكان حزن معاذ مضاعفا حينها".

تعرض معاذ لبتر قدمه نتيجة إصابته، لكنه لم يدر إن كان ذلك أصعب بالنسبة إليه من خبر وفاة المجند، فما زالت كلمات الأم عالقة في رأسه، يسردها لكل والدة يصادفها.

المصدر : الجزيرة