تهجير أهالي سيناء.. نكبة في حضن الوطن
دعاء عبد اللطيف-القاهرة
نفذ مساعد أمر الجيش بإخلاء منزله، رغم رفض أمه الشديد لترك البيت، "لكن لا بديل فالبقاء يعني الموت"، وفق قوله.
الآلاف من أهل سيناء حالهم كحال (مساعد) هُجروا من بيوتهم بأوامر عسكرية ليقيم الجيش منطقة عازلة "بشكل دائم" بعمق 300 متر على طول الشريط الحدودي مع قطاع غزة (خمسة كيلومترات) بداية من الساحل كـ"مرحلة أولى"، ردا على مقتل جنود مصريين في هجمات مسلحة على نقاط أمنية بشمالي سيناء.
880 منزلا متاخما للحدود يتم تفجيرها لمواجهة الإرهاب، حسب مسؤولين حكوميين. رغم أن الهجمات التي استهدفت قوات الجيش تبتعد عن مناطق التهجير بأكثر من 45 كيلومترا.
ولأن التواريخ تشي بكثير من الأسرار، فيتطابق تاريخ بدء تهجير أهالي سيناء اليوم الأربعاء مع تاريخ العدوان الثلاثي على مصر في 29 أكتوبر/تشرين الأول 1956، حيث تم تهجير آلاف المصريين من ميدان المعركة، لكن تهجير الخمسينيات تم بشكل مؤقت أما التهجير الحالي فسيدوم، حسب ما يعتقد أهالي المنطقة.
توديع الذكريات
يحكي مساعد للجزيرة نت عن اهتمام الحكومة بالتأكيد على تعويض مادي للمهجرين، "لكنها لم تهتم بتعويضنا عن نسف ذكرياتنا وميراث أجدادنا. إنهم يفجرون حياتنا".
وعبر المواطن السيناوي عن قلقه البالغ من التهجير منذ أشهر، فالدلائل كانت كثيرة له لاتخاذ الدولة تلك الخطوة.
وأوضح قائلا "حملة تشويه كبيرة لأهالي سيناء مستمرة منذ أشهر في وسائل الإعلام، كما وزع مجلس مدينة رفح علينا منذ فترة استبيانا لمعرفة أيهما يفضل السكان عند التهجير، التعويض المادي أم منحهم أرضا فضاء في أماكن أخرى؟".
حدثنا مساعد وهو يستعد مع عائلته للاتجاه شمالا إلى مدينة العريش ليستقر بها حتى يقرر وجهته النهائية.
ونفس التخوف من المصير المجهول يلاحق علي ابن عم مساعد، الذي ترك بيته. وقال "لم يحدثنا المسؤولون عن ميعاد تسلم التعويضات فضلا عن عدم تحديدهم مبلغ التعويض الخاص بالأراضي الزراعية أو الخلاء".
وأبدى علي تخوفه من الأخبار التي ترده حول ارتفاع أسعار الإيجار بالمدينة بالتزامن مع قرار التهجير.
وحسب تصريحات حكومية، فسيتم صرف مبلغ 300 جنيه (نحو 40 دولارا) شهريا ولمدة 3 شهور لكل أسرة، والتعويض عن المنازل سيكون بصرف مبلغ 1200 جنيه عن المتر للمنازل المقامة بالفعل فقط.
نكبة في الوطن
همام الأغا ناشط سيناوي يمتلك منزلا ورثه عن أجداده، ويصل عمره نحو 60 عاما، ويقع ضمن المنطقة المحددة للإخلاء، استعدادا لتفجيره مع باقي البيوت.
وعبر تدوينات متتالية شرح الأغا مأساة المهجرين على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" فكتب "بيتي مساحته 470 مترا مربعا- 3 أدوار على مساحة أرض 1000 متر مربع. وسيقوم الجيش بإخلائه ثم تفجيره مقابل تعويض 300 جنيه تكفي لتأجير شقة مساحتها 60 متر".
ووصف الناشط التهجير بالنكبة المصرية التي توازي نكبة 48، مشيرا إلى تجاهل الإعلام المصري "مأساة المهجرين".
وتابع موجها حديثه للنظام المصري "التهجير ليس حلا، فأنت تخيرني بين أن أكرهك أو أكرهك، بعدما سرقت أرضي وجرفت مزارعي وتفجر الآن بيتي".
من جانبه قال المحلل السياسي أسامة الهتيمي إن "أي مصري لا يمانع تأمين القوات المسلحة لحدود مصر، لكن دون أن يؤدي ذلك إلى كارثة قد تفوق ما كان سببا لاتخاذها".
ولفت الهتيمي في حديثه للجزيرة نت إلى أهمية أن تستظل هذه الإجراءات بمظلة الدستور. وأضاف أن "التهجير يتوافق مع الأهداف الصهيونية، ما يسمح باتهام إسرائيل بالتورط في العنف بسيناء".
كما طرح المحلل السياسي "إمكانية تحرك المسلحين باتجاه الجنوب واختبائهم في الجبال بما يمكنهم من العودة من جديد، أو نقل عملياتهم إلى أماكن أخرى".