جدل بشأن تجدد العنف في بنغازي

مقر جهاز الأمن الداخلي سابقا في بنغازي،والتعليق كالتالي: مسؤول أمني ليبي يبرر استهداف أفراد الأمن الداخلي سابقا ( الجزيرة نت- أرشيف)
undefined
 خالد المهير-بنغازي

في مدينة بنغازي التي تعد معقل الثورة، يتبادل الليبيون مقولتهم إن يوما آمنا من أيام العقيد الراحل معمر القذافي أفضل من رعب الانفجارات والاغتيالات والسيارات المفخخة التي يقارنها البعض بالمشهد العراقي اليومي، فيما يتهم البعض جهات مجهولة بتعمد زعزعة الأمن في البلاد لتبرير التدخل الخارجي.

ومع انتقال التوتر من طرابلس والكفرة وسبها إلى بنغازي مؤخرا يقول مراقبون إن الهدف من اتساع دائرة الاغتيالات والخطف وزرع المتفجرات قد يتلخص في إيصال رسالة بأن القذافي كان دكتاتورا لكنه وفر الأمن لعدة عقود في ليبيا، وأن انهيار نظامه هو السبب في تراجع الأمن.

وكانت جهات مجهولة قد اغتالت 14 عنصرا من الأمن الداخلي والاستخبارات العسكرية في بنغازي، كما تعرض قائد القوات البرية خليفة حفتر لمحاولة اغتيال قبل يومين، وتقول معلومات استخباراتية تلقتها الجزيرة نت إن تهديدات بالقتل وصلت تسعين شخصية أمنية سابقة في عهد القذافي.

جدل وانتقاد
وقال وكيل وزارة الداخلية في المنطقة الشرقية ونيس الشارف في حديثه للجزيرة نت إن الاغتيالات طالت من تورطوا في تعذيب وقتل الليبيين إبان العهد السابق، مؤكدا أنهم كانوا يعملون لدى جهاز "قمعي" في إشارة إلى الأمن الداخلي.

واعتبر التصفيات الجسدية خارج إطار القانون رد فعل طبيعيا لأصحاب المظالم، لكنه دعا إلى ضبط النفس واللجوء إلى القضاء للحصول على الحقوق.

‪الفارسي: هناك من يريد الفتنة بين الأمن الداخلي واللجنة الأمنية‬ (الجزيرة)
‪الفارسي: هناك من يريد الفتنة بين الأمن الداخلي واللجنة الأمنية‬ (الجزيرة)

وفي رده على نعي رئاسة أركان الجيش الوطني للعقيد المتقاعد سليمان بوزريدة -الذي اغتاله مجهولون ببنغازي بداية الأسبوع- اكتفى بالقول إنه كان يصدر أوامر القبض على المواطنين.

واتهم الشارف شبكات "إرهابية" داخلية على علاقة بشبكات خارجية بالوقوف وراء العنف، متحدثا عن دخول 140 بندقية قناصة حديثة بطريقة غير شرعية إلى بنغازي.

ومن ناحيته، عبر عضو المؤتمر الوطني المنتخب محمد علي عبد الله عن قلقه الشديد من الفراغ الأمني الحاصل منذ إعلان التحرير، وقال في تصريح للجزيرة نت إن الزعزعة الأمنية "ممنهجة" من قبل جهات تحاول إجهاض الثورة وتعطيل بناء الدولة الدستورية، مستنكرا غياب الرادع القانوني.

وانتقد رئيس المرصد الليبي لحقوق الإنسان ناصر الهواري الجهات الأمنية "التي حولت شوارع ليبيا إلى عراق آخر"، بينما وصفت الأكاديمية والسياسية أم العز الفارسي التصفيات الجسدية الأخيرة "بالاستهداف الممنهج".

وأدانت الفارسي الأجهزة الأمنية، مؤكدة في حديث للجزيرة نت أن هناك من يود إثارة الفتنة بين الأمن الداخلي واللجنة الأمنية العليا باتهام كل منهما الآخر، بينما يلعب "الطرف الثالث" في الوقت بدل الضائع، حسب قولها.

وتساءلت الفارسي عن تمكن الفاعلين من زرع المتفجرات في أماكن لا تخفى عن أعين الحرس فضلا عن كمياتها الكبيرة وما يلزمه تركيبها من وقت؟ كما تساءلت عن تراخي المتابعة الإعلامية لهذه الحوادث وعدم الالتقاء بالمسؤولين.

‪مامي: العنف يفتح الباب للتدخل الخارجي‬  (الجزيرة نت)
‪مامي: العنف يفتح الباب للتدخل الخارجي‬  (الجزيرة نت)

نعرات ومخططات
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، استعاد المحلل السياسي محمد مامي ما ورد في الصحافة الأميركية بعد سقوط بغداد عام 2003 بفترة، وقال إن بعض الصحف اقترحت البحث عن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لإعادة الأمن، مشيرا إلى أنه بات يرى نفس السيناريو يتكرر في بلده وأن الانفلات الأمني قد يدفع إلى طلب التدخل الدولي.

وأضاف أن مؤشرات أولية خطيرة في الواقع الليبي تثير قلق المواطن على بيته وعائلته، وأن أي تطور في الملف الإنساني والحقوقي والأمني من شأنه أن يتحول إلى ذريعة لتدخل الأمم المتحدة.

وقال مامي إن أطرافا خارجية وإقليمية قد تكون وراء الأعمال الأخيرة لإحداث "البلبلة" وتبرير التدخل، مضيفا أن "أطرافا محلية" تعمل بالفعل على إحلال الفوضى.

واختتم المحلل السياسي حديثه بالقول "إذا كنا نقول إن العراق به طوائف وإن مجتمعنا متجانس، فإن لدى ليبيا نعرات جهوية وقبلية، وأصبح فيها مخططات خارجية أيضا".

المصدر : الجزيرة