في سلوفينيا.. نذر زوال طريق البلقان

قطار لنقل اللاجئين إلى سلوفينيا
القطار بات وسيلة نقل اللاجئين بدلا من الحافلات (دويتشه فيلله)

لا أحد يعرف بالضبط، لماذا سمحت سلوفينيا -فجأة- للاجئين بدخول أراضيها بالقطار. فهذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، فحتى الآن كانت الحكومة في ليوبليانا تشتكي من أن كرواتيا المجاورة تترك المزيد من اللاجئين الآتين من اليونان عبر صربيا ليعبروا أراضيها إلى سلوفينيا، التي تدعي عجزها عن استيعابهم.

ومعلوم أن طريق هجرة اللاجئين سيرا على الأقدام عبر البلقان كان يتجه حتى مطلع سبتمبر/أيلول الماضي من اليونان إلى مقدونيا فصربيا ثم المجر. لكن الأخيرة أغلقت حدودها مع صربيا بشريط شائك طوله 175 كيلومترا، وألحقته بآخر على حدودها مع كرواتيا، مما دفع اللاجئين للانتقال من صربيا إلى كرواتيا فسلوفينيا في طريقهم إلى النمسا ثم ألمانيا التي تمثل محطتهم الأخيرة.

ويعتقد أن 84 ألفا عبروا الأسبوعين الماضيين فقط، منذ أغلقت المجر الحدود تماما مع كرواتيا. وما زال من غير الواضح هل سيصبح نقل اللاجئين بواسطة القطار ممارسة شائعة أم لا؟ وتقول إحدى المتطوعات في قرية "كليوتش باردوفيتشكي" الكرواتية -على الحدود مع سلوفينيا- إنها تكاد لا تصدق أن قطاراً يقل أكثر من ألف لاجئ مر من هنا يوم الثلاثاء متجها لسلوفينيا.

غير أن متطوعا إسبانيا يراقب الأوضاع منذ مدة طويلة، على ما يسمى بـ"طريق البلقان" أفاد بأن اتفاقا بين صربيا وكرواتيا يجري إعداده. ويعرب عن اعتقاده أيضا أنه بداية من يوم الأحد (أول نوفمبر/تشرين الثاني) ستسير القطارات من صربيا مباشرة إلى هنا.

لاجئون يعبرون من كرواتيا إلى سلوفينيا (لأوروبية)
لاجئون يعبرون من كرواتيا إلى سلوفينيا (لأوروبية)

صفقة بروكسل
وكانت صحيفة كرواتية قد توقعت قبل أيام زوال "طريق البلقان" الذي يعبره اللاجئون من تركيا إلى ألمانيا منذ أكثر من أربعة أشهر. ونقلت صحيفة "يوتارني ليست" الكرواتية عن دبلوماسي -لم تذكر اسمه- شارك في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2015 بقمة بروكسل الأوروبية المصغرة مع بلدان طريق البلقان، قوله إن تركيا ستقوم "بوقف تدفق اللاجئين، وسوف يزول طريق البلقان".

وأرخى هذا التطور بظلاله على عمل المتطوعين في كليوتش باردوفيتشكي حيث باتوا -مؤقتا على الأقل- لا يجدون ما يفعلونه، وحزم هؤلاء أمتعتهم وذهبوا، ولم يبق في ظلام المعبر الصغير سوى ثلاثة من رجال الشرطة الكرواتيين، الذين ظهرت إمارات الملل على ملامحهم.

وقد كان الوضع في هذه المنطقة أبعد ما يكون عن هذه الصورة قبل أسبوع، فكان اللاجئون القادمون بالحافلات ينقلون بسرعة إلى مركز الاستقبال في "بريزيتشى"، إذا ما ضلوا طريقهم مرة إلى منطقة "دوبوفا" السلوفينية الحدودية، ومع كل ساعة تصل عشرات الحافلات، فيترجل الركاب ثم تنطلق عائدة لتأتي بآخرين.

وكان مألوفا أن تتردد في المكان عبارة "يالّا يالّا" على لسان شرطي سلوفيني وهو يقطع على زملائه استراحتهم المخصصة لتدخين السجائر، وكان الشرطي يستخدم كلمة (يالا) العربية على سبيل المزاح، بعد أن حفظها من اللاجئين العرب الكثر الذين مروا بالمكان.

لكن ما حدث في مخيم بريزيتشى بالمقابل في الأيام الأخيرة لم يكن مضحكا أبدا، فقد اندلعت النيران في بعض الخيام، في عمل يعتقد أنه من فعل لاجئين كانوا غاضبين لأن السلطات السلوفينية تصر على تسجيلهم على أراضيها، وهو ما يعني إعاقة لرحلتهم باتجاه ألمانيا، ومنذ ذلك الحين منع الصحفيون من إعداد تغطياتهم الإخبارية من داخل المخيم.

مرور محدود
وبدأ رجال شرطة مكافحة الشغب يشيرون بطريقة غير ودودة إلى يافطة كتب عليها بارتجال "منطقة مرور محدود". لكن كان بالإمكان رؤية الآلاف من الناس خلف سياج من جهة الشارع، وراء سيارات الشرطة والعربات المدرعة، وهم ينتظرون الحصول على أوراقهم، في ظل برودة المساء.

" مساكين" تقول سيدة سلوفينية تدعى جوزي وهي تمر بالمكان. هي متقاعدة من بريزيتشى لا تخفي تفهمها لماذا أعصاب رجال الشرطة واللاجئين باتت على حافة الانهيار؟  لكنها تقول بالمقابل "أود أن أصطحب معي إلى بيتي بضعة أطفال، كي لا يحتم عليهم النوم في الخيام أو في العراء، لكن ذلك مع الأسف غير متاح ".

المصدر : دويتشه فيله