جدل بالمغرب حول استقلالية آلية للوقاية من التعذيب

جانب من ندوة منظمة العفو الدولية بالمغرب والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حول التزامات المغرب الدولية في موضوع مناهضة التعذيب (2)
جانب من ندوة حول التزامات المغرب الدولية في موضوع مناهضة التعذيب (الجزيرة)

الحسن أبو يحيى-الرباط

تطرح استقلالية الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب -التي أصبح المغرب ملزما بإنشائها- جدلا في الوسط الحقوقي، بين من لا يرى مانعا من أن يحتضنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وبين من يعتبر أن استقلاليتها عن المجلس الوطني ضمان لفعاليتها.

ويعتبر شهر نوفمبر/تشرين الثاني القادم أجلا أقصى من أجل إنشاء هذه الآلية، بعد أن أودع المغرب لدى الأمم المتحدة أوراق التصديق على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب قبل ستة أشهر.

وطالب المشاركون في الندوة التي نظمها بالرباط فرع منظمة العفو الدولية بالمغرب والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حول التزامات المغرب الدولية في موضوع مناهضة التعذيب؛ بالإسراع بإخراج الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب إلى الوجود.

استقلالية
وفي تصريح للجزيرة نت، قال نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عبد الإله بن عبد السلام، إن استقلالية الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب عن جميع المؤسسات -بما فيها مؤسسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان- هي أهم عنصر يضمن لها الفعالية والنجاعة.

‪السكتاوي: تكريس القانون واستقلال القضاء كفيلان بضمان فعالية الآلية‬ (الجزيرة)
‪السكتاوي: تكريس القانون واستقلال القضاء كفيلان بضمان فعالية الآلية‬ (الجزيرة)

وخلافا لذلك، أوضح المدير العام لمنظمة العفو الدولية بالمغرب محمد السكتاوي للجزيرة نت، أن احتضان المجلس لهذه الآلية ليست له أهمية بقدر ما يحتاج الأمر إلى توفير الضمانات الأساسية لفعاليتها والمتمثلة في الانسجام مع مبادئ باريس.

ومن وجهة نظر الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان محمد الصبار، فإن المجلس "جدير بأن يحتضن هذه الآلية بالنظر إلى الخبرة التي راكمها والاستقلالية التي يتمتع بها والكفاءات التي يتوفر عليها".

تضخم
وقال الصبار في تصريح للجزيرة نت، إن التجارب الدولية أثبتت أن ثلثي المؤسسات الوطنية عبر العالم تحتضن الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، فضلا عن كون تشكيل آلية وطنية مستقلة عن المجلس "سيجعلنا أمام حالة تضخم في المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان".

غير أن رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان عبد العالي حامي الدين، يرى أنه من السابق لأوانه التحدّث عن الجهة المؤهلة لاحتضان هذه الآلية، وقال في تصريح للجزيرة نت إننا نقبل مبدئيا أن يحتضن المجلس إنشاء الآلية الوطنية "لكننا ننتظر صدور القانون الجديد المنظم للمجلس الوطني لحقوق الإنسان وتشكيلته الجديدة، لأن الوضع الحالي للمجلس وتركيبته الحالية تفتقر لمعايير الاستقلالية".

‪حامي الدين: ننتظر صدور القانون المنظم لمجلس حقوق الإنسان‬ (الجزيرة)
‪حامي الدين: ننتظر صدور القانون المنظم لمجلس حقوق الإنسان‬ (الجزيرة)

من جانب آخر، شدّد السكتاوي على أن تكريس الضمانات القانونية لحماية الحريات والحقوق وتقوية استقلال القضاء ووضع حد للإفلات من العقاب، هو الذي يجعل من الآلية أداة ناجعة، داعيا إلى توفير التمويل الكافي والمستقل عن أي جهة لهذه الآلية، وتحصين أعضائها من أي ملاحقات أو متابعات قضائية بسبب مهامهم في هذه المؤسسة، معتبرا أن فعالية الآلية مرتبط كذلك بتكوينها وتركيبتها ورصيد أعضائها وتاريخهم ومدى نزاهتهم.

ممانعة
وقال السكتاوي، إن النقاش حول استعداد المغرب لإنشاء آلية وطنية للوقاية من التعذيب يتزامن مع جو عام ومناخ يحمل مؤشرات سلبية ومقلقة تتجلي في التضييق على المدافعين على حقوق الإنسان، و"ممانعة المغرب في التعامل مع المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، حيث قام بطرد أعضاء من منظمة العفو الدولية كانوا بصدد إجراء أبحاث حول أوضاع المهاجرين بالمغرب".

لكن حامي الدين يرى أن هذه المؤشرات مجرّد سحابة صيف تؤكد وجود قوى مناهضة للإصلاح، وارتدادات تطبع المراحل الانتقالية عموما، لكن هذا لا يعني أن المغرب سيعود إلى الوراء و"لا يجب أن يقع تضخيم الاختلالات أو الانتهاكات لأنها لا تعكس إرادة جميع مكونات الدولة".

المصدر : الجزيرة