التعليم من أجل التنمية المستدامة

تصميم حقوق وحريات - النظام التعليمي القوي يعزز قدرة الوصول للفرص ويحسن الصحة ويعزز كذلك من متانة وصلابة المجتمعات بينما يقوم في الوقت نفسه بزيادة النمو الاقتصادي

إيرينا بوكوفا *

كريستينا فيجيرز*

يعتبر هذا العام نقطة تحول بالنسبة للعالم حيث يتبنى إستراتيجية تنمية عالمية جديدة في سبتمبر/أيلول القادم ويتفاوض على صفقة عالمية من أجل مكافحة التغير المناخي في ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وحتى يتمكن صناع السياسات من النجاح، يتوجب عليهم الإقرار بأن الضرورات العالمية: القضاء على الفقر وتحسين الرعاية واستعادة توازن الأرض، تشكل أجندة واحدة، وأن أفضل الوسائل الفعالة لتحقيقها تتمثل في التعليم.

إن الأخبار الطيبة هي أن المجموعة المقترحة لأهداف التنمية المستدامة التي سوف تعزز الجهود العالمية للسنوات الـ15 القادمة تعكس هذا الإقرار، كما أن المادة 6 من المعاهدة الإطارية للأمم المتحدة عن التغير المناخي تنص على متابعة التعليم والتدريب والوعي العام فيما يتعلق بالتغير المناخي.

ولكن مع كون المفاوضات المتعلقة بتلك الاتفاقات العالمية غير مكتملة، فإن من الأهمية بمكان أن يستمر صناع السياسات في تعزيز تركيزهم على التعليم، ومن أجل تحقيق ذلك يتوجب على وزراء التعليم في العالم اغتنام الفرصة التي يوفرها منتدى التعليم العالمي في إنشيون في كوريا الجنوبية هذا الشهر من أجل تسليط الضوء على الدور الذي يلعبه التعليم في إحراز التقدم في التنمية المستدامة.

إن النظام التعليمي القوي يعزز قدرة الوصول للفرص ويحسن الصحة ويعزز كذلك من متانة وصلابة المجتمعات، ويقوم في الوقت نفسه بزيادة النمو الاقتصادي بشكل يعزز من تلك العمليات ويسرعها، كما أن التعليم يوفر المهارات التي يحتاجها الناس من أجل أن ينجحوا في اقتصاد مستدام جديد بحيث يعملون في مجالات مثل الطاقة المتجددة والزراعة الذكية وإعادة تأهيل الغابات وتصميم مدن تستخدم الموارد بفعالية بالإضافة إلى الإدارة السليمة للأنظمة البيئية الصحية.

المدارس يمكن أن ترعى جيلا جديدا من المواطنين الذين يتمتعون بالمعرفة البيئية لدعم التحول لمستقبل مزدهر ومستدام.

دور المدارس
وربما تعتبر أهم تلك العوامل هو أن بإمكان التعليم تحقيق تحول أساسي في كيفية تفكيرنا وعملنا وكيفية أداء مسؤولياتنا تجاه الآخرين وتجاه كوكب الأرض. علما أنه بينما هناك حاجة للحوافز المالية والسياسات المستهدفة والابتكار التقني من أجل تحفيز العثور على أساليب جديده للإنتاج والاستهلاك، إلا أن هذه العوامل لا تستطيع إعادة تشكيل أنظمة القيم البشرية بحيث تتمسك بمبادئ التنمية المستدامة بشكل طوعي، ولكن المدارس يمكن أن ترعى جيلا جديدا من المواطنين الذين يتمتعون بالمعرفة البيئية لدعم التحول لمستقبل مزدهر ومستدام.

إن بعض المدارس أصبحت فعليا مختبرات تعليمية للتنمية المستدامة حيث يتم إعداد الطلاب الشباب من أجل التأقلم والمساعدة في التخفيف من عواقب التغير المناخي.

إن الحكومات التي تسترشد بالمعاهدة الإطارية للأمم المتحدة المتعلقة بالتغير المناخي -بالإضافة إلى مبادرات ذات علاقة مثل تحالف الأمم المتحدة المتعلق بالتغير المناخي والتعليم والتدريب والوعي العام- تقوم بشكل متزايد بدمج إستراتيجيات التعليم وأدواته وأهدافه في سياسات التنمية الوطنية.

إن مبادرة عقد الأمم المتحدة للتعليم من أجل التنمية المستدامة، وهي مبادرة تقودها اليونسكو وبدأت عام 2005، كانت تستهدف بوضوح أن تزرع في كل إنسان "المعرفة والمهارات والأساليب والقيم اللازمة من أجل تشكيل مستقبل مستدام".

إن اليونسكو والمعاهدة الإطارية للأمم المتحدة المتعلقة بالتغير المناخي لا تقوم بالترويج للتعليم المتعلق بالتغير المناخي في المدارس فحسب، ولكنها تقوم كذلك بمنح المعلمين الأدوات والمعرفة التي يحتاجونا من أجل توفير ذلك التعليم من خلال دورات عبر الإنترنت. علما أن أكثر من 14 مليون طالب و2.1 مليون معلم في 58 بلدا قد انخرطوا فعليا في مثل ذلك التعليم، كما قامت 550 مدرسة تجارية بتبني مبادرة مبادئ التعليم الإداري المسؤول التي قامت بتطويرها المعاهدة العالمية للأمم المتحدة.

إن هذا التقدم وإنْ كان مهما هو البداية فقط. إن ما نحتاجه الآن هو حركة عالمية بحيث يقوم كل طالب في كل بلد بالتعلم عن التنمية المستدامة من معلمين مدربين بشكل جيد ومجهزين بالمناهج والموارد المناسبة. إن وجود أجندة تنمية مستدامة طموحة مع وجود صفقة مناخ عالمية ملزمة قانونا يمكن أن يكون لها دور كبير في تحفيز هذه الحركة.

بالطبع، لا نستطيع تأمين مستقبل مستدام خلال أشهر ولكن مع وجود مجموعة مصممة بعناية من الالتزامات والأهداف فإنه سوف يكون بإمكاننا التحرك بالطريق الصحيح، ومع وجود برامج تعليمية فعالة تعلم الأجيال المستقبلية أهمية استعادة توازن الأرض وتحقيق مستقبل مزدهر للعديدين بدلا من القلة فإن بإمكاننا المضي قدما في الطريق نفسه.

إن هذه الرسالة هي التي يجب أن يركز عليها وزراء التعليم في منتداهم القادم، وهي الرسالة نفسها التي يجب أن يتبناها صناع السياسات وهم يتفاوضون هذا العام من أجل التوصل إلى اتفاقيتين عالميتين حاسمتين.

————–
*المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)

*السكرتيرة التنفيذية لمعاهدة الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بالتغير المناخي.

المصدر : بروجيكت سينديكيت