إسرائيل تعتزم مساواة الأسرى بمعتقليها الجنائيين

عائلات الأسرى المرضى تطلب تحريرهم لعلاجهم
أكثر من 6500 أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال (الجزيرة)

ميرفت صادق-رام الله

تعتزم حكومة إسرائيل المصادقة على أمر عسكري يساوي الأسرى الفلسطينيين بالمعتقلين الجنائيين الإسرائيليين اعتبارا من مطلع يونيو/حزيران القادم.

وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس إن إسرائيل تريد من هذا الأمر "معاملة الأسرى الفلسطينيين المناضلين من أجل الحرية كمعتقلين ارتكبوا جرائم".

وأوضح فارس أن ذلك جزء من "نوايا إسرائيلية خبيثة" تقوم على اتخاذ إجراءات تبدو ظاهريا إيجابية بينما تحمل في باطنها معاني سياسية خطيرة ترمي إلى فرض وقائع على الأرض تجعل من قيام الدولة الفلسطينية أمراً مستحيلاً.

وقال فارس إن الأمر الجديد يندرج ضمن التخطيط لوضع صيغ قانونية تمكن إسرائيل في لحظة ما من الإعلان عن ضم كل المناطق الفلسطينية المحتلة.

واستبعد رئيس نادي الأسير أن يطبق القانون الجنائي الإسرائيلي الذي يعطي امتيازات خاصة للمعتقلين الجنائيين الإسرائيليين، على الأسرى الأمنيين الفلسطينيين.

ويستذكر الأسير المحرر فراس جرار من مدينة جنين، الذي قضى 17 سنة بالسجون الإسرائيلية، كيف تعامل مصلحة السجون الإسرائيلية الأسرى الفلسطينيين (الأمنيين) أثناء احتجازهم مع الجنائيين الإسرائيليين.

وقال جرار إن الأسير الفلسطيني عند احتجازه مع الجنائيين يفقد معظم حقوقه التي اكتسبتها الحركة الأسيرة في حركات نضال طويلة، كما أنه لا يتمتع بامتيازات المعتقل الجنائي من اتصالات دورية بالعائلة أو زيارات عائلية خاصة.

وقال إن معظم الأسرى الفلسطينيين يلتقون في محطات أسْرهم مع جنائيين، وخاصة في "البوسطة" التي تنقلهم من سجن لآخر أو إلى المحاكمات.

وفي البوسطة، يقول جرار "التقينا سجناء إسرائيليين يتناولون المخدرات، وأنا شخصيا رأيتهم يتعاطون الهروين أمامي، وقد يتعرض الأسير الفلسطيني للضرب منهم في أي لحظة أو خلال صراعاتهم في ما بينهم".

وبفضل إضرابات طويلة عن الطعام، تمكن الأسرى الفلسطينيون من إطالة مدة خروجهم مشيا في ساحة السجن، وكذلك شراء بعض الطعام من بقالة السجن، أو إعداده داخل أقسام الأسرى وليس على يد السجانين اليهود. وغالبا ما تحجب هذه الحقوق بمجرد نقل الأسير الفلسطيني إلى قسم الجنائيين.

ورغم عدم اتضاح فحوى الأمر العسكري الإسرائيلي الجديد، فإن رئيس الدائرة القانونية بنادي الأسير الفلسطيني ومحامي الأسرى جواد بولس قال إن القرار صدر عن قائد قوات جيش الاحتلال وسيسري العمل به في المحاكم العسكرية تحديدا.

ويتضمن القرار تعديلا للمكانة القانونية للأسرى أثناء مثولهم أمام المحاكم الإسرائيلية ومعاملتهم كالجنائيين.

‪قدورة فارس: التوجه الجديد جزء من نوايا إسرائيلية خبيثة‬ (الجزيرة)
‪قدورة فارس: التوجه الجديد جزء من نوايا إسرائيلية خبيثة‬ (الجزيرة)

تبعات
ورغم أن الخطوة تبدو إيجابية ظاهريا بالنظر لحجم الإجحاف الذي يلاقيه الأسرى الفلسطينيون في المحاكم الإسرائيلية مقابل امتيازات الجنائيين، فإنه من غير الواضح تبعات الأمر العسكري الجديد.

وتساءل بولس عما إذا كان الأمر يعني بالضرورة ضم الضفة الغربية بشكل بطيء ومجزّأ إلى إسرائيل.

ورأى بولس أن المحاكم العسكرية ستحول المناضلين الفلسطينيين المعتقلين -وفق الأمر العسكري الجديد- إلى مجرمين ومتهمين جنائيين، وهو ما يخالف المواثيق الدولية وترفضه الحركة الفلسطينية الأسيرة.

وحسب بولس، فإن الأمر الجديد سيسري على الأسرى الذين ما زالوا في طور المحاكمة أو ممن تجهَّز لهم لوائح اتهام أو أولئك الذين ما زالت قضاياهم معلقة في محاكم الاستئناف.

من ناحيته، رأى مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى فؤاد الخفش أن تغيير المكانة القانونية للأسرى الفلسطينيين وإظهار مساواتهم بالمعتقلين الإسرائيليين قد يكون خطوة لخداع الرأي العام الدولي الذي وجه انتقادات كثيرة مؤخرا لإسرائيل بسبب تدهور أوضاع الأسرى الفلسطينيين.

وقال الخفش إن تقديم أسرى فلسطينيين إلى محاكم مدنية لن يكون سابقة، فقد حاكمت إسرائيل قيادات فلسطينية مثل القيادي الفتحاوي مروان البرغوثي والقيادي في حركة حماس عباس السيد أمام محاكم مدنية، لكن هذا لم يغير في واقع حقوقهم داخل السجن بعد محاكمتهم، ولم يعاملوا كمعتقلين مدنيين.

ولم يستبعد الخفش أن يكون التصنيف الجديد ضمن مسعى إسرائيلي سياسي مستقبلي لاعتبارهم "معتقلي دولة واحدة".

وقال إن الأسرى رفضوا قبل عامين المساواة بالأسرى الجنائيين من ناحية اللباس البرتقالي الذي حاولت مصلحة السجون الإسرائيلية فرضه عليهم وكادت تنفجر السجون في حينها.

وشكك في أن يكون القرار لصالح الأسرى، مذكرا بدعايات بعض المرشحين والأحزاب الإسرائيلية خلال الانتخابات الأخيرة، والتي قامت على الدعوة لإعدام الأسرى الفلسطينيين.

وارتفع عدد الأسرى الفلسطينيين في العام الأخير إلى أكثر من 6500 أسير، موزعين على ثلاثين سجنا ومركز تحقيق في أنحاء فلسطين، بينهم مئات الأطفال والمرضى.

المصدر : الجزيرة