تقرير أممي عن اللاجئين يثير جدلا في الجزائر

باخرة في ميناء الجزائر تصوير بودهان ياسين الجزيرة نت فيفري 2014
بعض الجزائريين يطلبون اللجوء إلى دول غير متقدمة على غرار أوكرانيا وإيرلندا (الجزيرة نت)

ياسين بودهان-الجزائر

أثار تقرير أممي بخصوص الجزائريين الذين طلبوا اللجوء إلى دول أوروبية جدلا بين المنظمات الحقوقية الحكومية والمستقلة، فبينما نفت الأولى صحة ما تضمنه التقرير، أكدت الثانية صحة الأرقام المعلن عنها بناء على الواقع الذي يعيشه الجزائريون.

وكان تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لعام 2014 والصادر يوم 26 سبتمبر/أيلول الماضي بجنيف، قد أظهر ارتفاعا في عدد الجزائريين الذين طلبوا اللجوء إلى دول أوروبية. واعتمد التقرير على معلومات وفرتها 44 دولة من أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية.

وقدر التقرير الأممي عدد طلبات اللجوء المقدمة من طرف مواطنين جزائريين خلال النصف الأول من العام الجاري بـ3277 طلبا، بينما بلغ العدد في العام 2012 نحو 6734 طلبا، ليرتفع العدد في العام 2013 إلى 8562 طلبا، ليصل بذلك العدد الإجمالي للطلبات خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى 18573 طلبا، من مجموع 330700 طلب من مختلف الجنسيات عبر دول العالم.

وتعد الدول الأوروبية القبلة المفضلة للجزائريين، حيث بلغ عدد الطلبات في هذه الدول إلى 18477 بين عامي 2012 و2014، بنسبة تقدر بـ 99.48% من مجموع الطلبات.

فاروق قسنطيني: الأرقام التي أوردتها المنظمة غير صحيحة (الجزيرة نت)
فاروق قسنطيني: الأرقام التي أوردتها المنظمة غير صحيحة (الجزيرة نت)

الوضع المعيشي
وتثير الأرقام المعلن عنها من طرف المفوضية الأممية عدة تساؤلات حول تصريحات الحكومة الجزائرية بشأن تحسن الوضع المعيشي والحقوقي للمواطن الجزائري الذي يسعى بالدرجة الأولى من وراء طلب اللجوء إلى تحسين وضعه الاجتماعي.

واللافت أنه لم يصدر أي تصريح رسمي من طرف الحكومة الجزائرية للرد على التقرير، سواء بنفي الأرقام التي قدمتها المفوضية الأممية أو تأكيدها.

من جهته قال رئيس الهيئة الاستشارية لترقية وتطوير حقوق الإنسان فاروق قسنطيني -وهي هيئة رسمية تابعة لرئاسة الجمهورية- إن الأرقام التي أوردتها المنظمة غير صحيحة.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن التقارير التي تصدرها العديد من المنظمات الدولية هدفها تشويه سمعة الجزائر على المستوى الدولي.

وتساءل قسنطيني عن المصادر التي اعتمدتها المفوضية في إعداد تقريرها، وحسب حديثه فإن الاعتماد على معلومات تقدمها دول أجنبية دون الرجوع إلى الاحصاءات الرسمية التي تقدمها السلطات الجزائرية يفقد التقرير مصداقيته، لذلك يرى أن التقرير لا يعكس تماما الواقع حسب قوله.

صالح دبوز: المواطن الجزائري غير مرتاحفي بلده نتيجة لإحساسه بالاختناق في حريته(الجزيرة ت)
صالح دبوز: المواطن الجزائري غير مرتاحفي بلده نتيجة لإحساسه بالاختناق في حريته(الجزيرة ت)

حقوق الإنسان
وأشار التقرير الأممي إلى أن بعض الجزائريين يطلبون اللجوء إلى دول غير متقدمة على غرار أوكرانيا وإيرلندا وبلغاريا وإستونيا.

وبالنسبة للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان فإن مسألة طلب المواطنين الجزائريين اللجوء إلى دول غربية، وفي بعض الأحيان إلى دول تقل فيها الوسائل المادية ووسائل وطرق الحصول على دخل سهل مثلما هو متوفر في الجزائر، يعد مؤشرا على التضييق الذي يعانيه المواطن الجزائري في بلده، خاصة فيما يتصل بمجال الحريات الفردية والجماعية وحقوق الإنسان التي ترتبط ارتباطا وثيقا بكرامته.

وأوضح رئيس المكتب الوطني للرابطة صالح دبوز للجزيرة نت أن منظمته الحقوقية تتعامل مع ملفات كثيرة لها علاقة مع توظيف أعوان الدولة للسلطات المخولة لهم قانونا بطريقة تعسفية لخنق الحريات، وضرب بذلك مثلا في مجال الحريات النقابية، فالجزائر حسب حديثه تشهد احتجاجات عمالية كثيرة تقابلها آلة قمع بتوظيف مصالح الأمن لمنع المسيرات والاعتصامات السلمية.

وذكر أن خنق الحريات الفردية والجماعية والذي يشكل في تقديره مساسا خطيرا بحقوق المواطنين وكرامتهم، إلى جانب محاولات الهروب فيما يسمى بقوارب الموت، وعمليات الاحتجاج حرقا أمام الإدارات العمومية، كل هذا يبين -حسب دبوز- أن المواطن الجزائري غير مرتاح في بلده نتيجة لإحساسه بالاختناق في حريته.

وهذا وحده مؤشر -في تقديره- على أن المعلومات المتضمنة في تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين صحيحة، خاصة أنها استقت معلوماتها من مصادر مختلفة لا من مصدر واحد، فلا يمكن -يضيف دبوز- أن تكون كل الدول متفقة على تقديم معلومات غير صحيحة لما يتعلق الأمر بالجزائر.

المصدر : الجزيرة