لاجئو عين العرب كالمستجير من الرمضاء بالنار

كمال شيخو-الحدود السورية التركية

لم يتمالك نفسه عندما بدأ الحديث عن أحواله بعد النزوح عن مدينته. دموعه كانت أسرع من كلمات. قالها بحسرة "منذ 25 سنة وأنا أعمل ليكون مستقبل أولادي أفضل، تركنا كل شيء وراءنا ونجونا بأرواحنا، هربنا بلباسنا فقط"، واصفا لحظات هروبه ولجوءه إلى سروج التركية.

اسمه هوزان، من مدينة عين العرب (كوباني)، نزح برفقة عائلته ليلة بدء قوات التحالف الدولي قصفها مقرات تنظيم الدولة الإسلامية.

وعن مشاعره المختلطة، عبر هوزان في حديث للجزيرة نت قائلا "عندما بدأت قوات التحالف قصف مواقع التنظيم، معنوياتنا ارتفعت وتوقعنا عودة قريبة، إلا أنه وبعد مرور ثلاثة أسابيع من المعارك وعجز التحالف الدولي عن إبطاء تقدم التنظيم، أصبح اليأس سيد الموقف".

فالحرب -بحسب هوازن- ستستمر سنوات، والقصف الجوي لم يمنع زحف مسلحي التنظيم نحو مسقط رأسه، مشيرا إلى أن ثلث كوباني تحت سيطرتهم.

وكان تنظيم الدولة الإسلامية قد سيطر على المربع الأمني وسط مدينة عين العرب وكامل ريفها، ويسعى إلى بسط نفوذه على المدينة لضمان السيطرة على شريط طويل من الحدود السورية التركية، وربطها بالمناطق التي تخضع لسيطرته.

ووصفت المعارك الطاحنة التي شهدتها عين العرب خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة بالأعنف منذ بدئها، ودفعت أكثر من مائتي ألف لاجئ للنزوح إلى الحدود السورية التركية، فلجأ عدد من هؤلاء إلى أقربائهم في الجانب التركي.

غير أن الأغلب جلسوا على أمتعتهم التي حملوها معهم من ديارهم. فافترشوا الطرقات والمنازل المهجورة، والمحال التجارية الفارغة، في مدينة سروج التركية الواقعة بالقرب من الحدود.

‪لاجئو عين العرب حملوا معهم بعض الحاجيات الضرورية لرحلة قد تطول‬ (الجزيرة)
‪لاجئو عين العرب حملوا معهم بعض الحاجيات الضرورية لرحلة قد تطول‬ (الجزيرة)

البقاء بالداخل
من جانبه، فضل سيدو عارف -أحد النازحين من عين العرب- البقاء على الحدود في الطرف السوري. يحرس سيارته وأبقاره بالقرب من الأسلاك الشائكة الفاصلة بين الحدود السورية التركية، كما فعل كل من يمتلك سيارة أو مواشي من أبقار وأغنام.

ويقدر عدد الباقين عند نقطة مرسميله الموازية للحدود التركية في الجهة الشرقية من المدينة بحوالي خمسمائة شخص، أما من الجهة الغربية فيقدر عددهم بحوالي 3500 شخص عند نقطة تل شعير التي تبعد عن الحدود بضعة أمتار.

إلا أن مقاتلي تنظيم الدولة هاجموا هؤلاء وسرقوا عددا من السيارات والأغنام، أمام أعين الدرك التركي الذي لم يحرك ساكنا، بحسب عارف.

ويضيف للجزيرة نت قائلا "تحدثوا معنا في البداية وقالوا لنا إنهم يريدون أخذ سياراتنا للقتال، فرددت عليهم ولماذا تريدون أخذ سياراتنا؟ هل الشرع يسمح لكم بذلك؟ فردوا عليَّ: لقتال الكفار".

ويشرح سيدو الموقف قائلا "الكفار هم أنا وأبناء عمومتي وأقربائي ونحن مسلمون، فأي دين يسمح لهم بالسطو على أملاك الناس بحجة قتال الكفار؟"، إلا أنهم لم يأبهوا لكلامه وقاموا بالسطو على عدد من السيارات والمواشي.

المصدر : الجزيرة