سر الاهتمام بالخدمات المالية الإسلامية

A pedestrian walks past an RHB Islamic Bank Bhd. branch in Kuala Lumpur, Malaysia, on Friday, Oct. 10, 2014. CIMB Group Holdings Bhd., Malaysia's second-biggest lender, and RHB Capital Bhd. agreed to a three-way merger with Malaysia Building Society Bhd. valued at 72.5 billion ringgit ($22.3 billion) that creates the nation's largest bank by assets.
البنوك الماليزية تدير ثلثي المحافظ والأوراق والصكوك المالية الإسلامية (غيتي)

يتزايد الاهتمام بالخدمات المالية الإسلامية في الغرب ومناطق أخرى لأسباب لا ترتبط بمجرد تزايد نسبة المسلمين في هذه الدول. فما هو سر الاهتمام بهذه الخدمات وما ميزتها مقارنة بالبنوك التقليدية التي تعمل وفق مبدأ الفائدة؟

ذكرت صحيفة "هاندلسبلات" الألمانية مؤخرا أنّ "البنك الكويتي التركي" الإسلامي سيحصل على ترخيص للعمل بصلاحيات كاملة كأول بنك من نوعه في ألمانيا. وسبق الإعلان عن هذا الترخيص قيام البنوك السويسرية والأميركية والبريطانية بتوسيع دائرة خدماتها المالية الإسلامية خلال الأعوام العشرة الماضية بشكل ملحوظ.

وبدورها، قامت بنوك ألمانية مثل "كوميرس بنك" والبنك الألماني "دويتشه بنك" خلال الأعوام الماضية بإنشاء أقسام وصناديق خاصة بهذه الخدمات سواء في ألمانيا أو العالم العربي.

وفي روسيا، هناك مشروع يجري العمل عليه للاعتماد على وسائل تمويل محلية ودولية وفقا للشريعة الإسلامية بهدف الحد من تبعات الركود الاقتصادي والعقوبات الغربية على اقتصاد البلد.

وإضافة إلى تقديم الخدمات البنكية وفقا للشريعة الإسلامية، هناك اهتمام متزايد أيضا بتدريس الأنظمة المالية الإسلامية بالمؤسسات الأكاديمية والبحثية، كما هو عليه الحال بجامعة ستراسبورغ التي أدخلت هذه الأنظمة إلى مناهجها منذ سنوات.

تقاسم الربح والخسارة
المنتجات المالية الإسلامية أضحت عامل جذب هام لمصادر التمويل بدول الخليج ومناطق أخرى.

برز الاهتمام المتزايد بالبنوك الإسلامية بعد الأزمة المالية العالمية التي طالت غالبية الدول إثر إفلاس بنك "ليمان براذرز" الأميركي الشهير عام 2008, فالبنوك الإسلامية لم تتأثر بالأزمة سوى بشكل طفيف مقارنة بالتقليدية التجارية منها والاستثمارية

وقد برز الاهتمام المتزايد بالبنوك الإسلامية بعد الأزمة المالية العالمية التي طالت غالبية الدول إثر إفلاس بنك "ليمان براذرز" الأميركي الشهير عام 2008. فالبنوك الإسلامية لم تتأثر بالأزمة سوى بشكل طفيف مقارنة بالتقليدية التجارية منها والاستثمارية. ويعزو الخبراء ذلك بشكل أساسي إلى الرقابة القوية التي تمارسها المؤسسات المصرفية الإسلامية على المشاريع التي تموّلها وفق مبدأ الحصول على هامش من الربح وفق "مبدأ المرابحة" بدلا من الحصول على سعر فائدة يتم الاتفاق عليه بين البنك والعميل.

وعلى صعيد متصل، تتقاسم البنوك الإسلامية أيضا أعباء الخسارة مع شركائها بشكل يعزز لديهم روح المبادرة. يضاف إلى ذلك تركيز هذه المؤسسات على مشاريع تجارية وصناعية أو خدمية تقليدية ملموسة ومضمونة بعيدا عن المشتقات المالية التي تتم المتاجرة أو المضاربة بها على الورق أو بشكل افتراضي لا يعكس الواقع الاقتصادي الفعلي.

لكن الاهتمام المتزايد بالخدمات البنكية الإسلامية لا يعزى إلى الأزمة المالية العالمية فحسب، بل أيضا إلى تزايد نسبة السكان المسلمين بالدول الغربية والأخرى المعنية. ففي ألمانيا على سبيل المثال يعيش أكثر من أربعة ملايين من أصل ما يزيد على عشرين مليون مسلم في غرب أوروبا. أما في روسيا فيزيد عدد المسلمين الروس على عشرين مليونا. ومن شأن تقديم الخدمات البنكية الإسلامية المساعدة على اجتذاب المزيد من أموال المسلمين وغيرهم، لاسيما وأن البنوك الإسلامية تتجنب على العموم تمويل مشاريع بدرجات مخاطرة عالية أو المشاركة فيها.  

مصدر هام للتمويل
للبنوك التركية خبرات ناجحة، لاسيما بوجود الجاليات التركية التي تعيش في ألمانيا وأوروبا.

وفي الوقت الذي تعادل فيه خدماتها في بعض دول الخليج الخدمات التي تقدمها البنوك التقليدية التجارية الأخرى على مستوى رأس المال، لا تزال البنوك الإسلامية في دول مثل مصر والجزائر والمغرب وتونس وسوريا والعراق ولبنان ضعيفة الحضور.

وقد حرم هذا الوضع الدول المذكورة -لاسيما مصر وسوريا – من مليارات الدولارات التي جمعتها شركات احتيال مالية أو شركات تشغيل أموال المدخرين في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي التي عملت تحت مسميات إسلامية ثم هربت بالأموال إلى الخارج. وحُرمت هذه الدول وعلى مدى عقود من عشرات المليارات الأخرى التي تدفقت إلى الخارج بشكل جزئي، أو تحولت إلى ذهب ومجوهرات ثمينة تقبع في المنازل بدلا من استثمارها في مختلف المشاريع الصناعية والخدمية.

 التجربة الماليزية
وتُعد التجربة الماليزية مع البنوك الإسلامية من أنجح التجارب، فهل تستفيد الدول العربية منها؟

تحتاج الدول العربية إلى مصادر تمويل إضافية -ربما أكثر من أي وقت مضى- في ظل تداعيات الاضطرابات الأمنية والسياسية التي تشهدها، وهو أمر يتطلب منها حشد مختلف الموارد المتاحة لتوفير هذه المصادر عن طريق تعزيز حضور وعروض الخدمات المصرفية الإسلامية.

وفي هذا الإطار، يمكن التعلم من تجارب دول عدة كالبحرين والإمارات وماليزيا. ولعل التجربة الماليزية في مقدمة التجارب التي يمكن التعلم منها. فالبنوك الماليزية تدير ثلثي المحافظ والأوراق والصكوك المالية الإسلامية التي يعود مصدر قسم كبير منها إلى أثرياء ومدخرين من دول عربية عديدة. وقد أظهر عرض هذه الصكوك عن طريق بنوك إسلامية خليجية إقبالا من قبل رجال الأعمال أعلى بكثير من المتوقع.

المصدر : دويتشه فيله