سراب تخفيض العجز بالموازنة المصرية

البنك المركزي المصري
عجز الموازنة خلال الشهور السبعة الماضية بلغ 159 مليار جنيه (الجزيرة)

 

عبد الحافظ الصاوي

تخفيض عجز الموازنة إلى نسبة 10% هدف وزراء المالية بعد الانقلاب العسكري بمصر، الدكتور أحمد جلال الوزير السابق، وهاني قدري دميان الوزير الحالي.

لكن الواقع يثبت أن تلك الأهداف مجرد نوع من الاسترضاء السياسي، وأن أسباب استمرار عجز الموازنة عند هذه المعدلات المرتفعة مازالت قائمة.

ومؤخرًا، صدر عن وزارة المالية تقرير لأداء الموازنة العامة، تبين فيه أن عجز الموازنة خلال الشهور السبعة الماضية بلغ 159 مليار جنيه، بزيادة قدرها 39.5 مليار جنيه عن العجز المتحقق خلال الفترة المناظرة من العام السابق.

ويأتي هذا العجز بالموازنة العامة، على الرغم من تخفيض الحكومة لبعض بنود الدعم، وزيادة أسعار بعض الخدمات الحكومية، وانخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية.

ويرى الخبراء أن العجز نهاية العام سيكون أكبر من ذلك بسبب التسويات المالية الحكومية التي يتم تأجيلها لنهاية العام المالي، وكذلك بسبب غياب دور المؤسسات الرقابية، وامتناع بعض الجهات عن مراجعة حساباتها.

تزايد العجز
وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشورى سابقًا، صرح للجزيرة نت بأن العجز المتحقق خلال الشهور السبعة الماضية من العام المالي 2014/2015، لا يعبر عن النتيجة النهائية المتوقعة للعجز بالموازنة، وبخاصة بعد تراجع دعم دول الخليج للانقلاب، ولذلك يتوقع أن تزيد قيمة العجز بنهاية يونيو/حزيران القادم.

وبين المهندس أشرف بدر الدين أن معظم الجهات الحكومية تؤخر التسويات المالية لنهاية العام المالي، ولذلك يجد المتابع لبيانات المالية، وبخاصة عجز الموازنة، أن العجز كان  في الشهرين الآخرين بمعدلات أكبر من باقي الأشهر السابقة من العام المالي.

ويؤكد أن زيادة العجز ناتجة عن سوء تخصيص الموارد وضبط النفقات، بدليل أن الحكومة خفضت الدعم بنحو 51 مليار جنيه مع بداية العام المالي، وزادت أسعار العديد من الخدمات الخاصة بالمياه والكهرباء والغاز، ومع ذلك فالنتيجة مزيد من العجز.

أشرف بدر الدين: يبدو أن الانقلاب بعتمد على ميزانيات مفتوحة (الجزيرة نت)
أشرف بدر الدين: يبدو أن الانقلاب بعتمد على ميزانيات مفتوحة (الجزيرة نت)

ويضيف بدر الدين أن هذه الحكومة أتيحت لها ميزة أخرى لم تكن موجودة من قبل تساعدها في خفض عجز الموازنة، وهي انخفاض أسعار النفط والغاز الطبيعي بالسوق الدولية، بنسية تتراوح ما بين 55% و60%، ومع ذلك لم نر أثرًا لهذه الميزة على أداء عجز الموازنة.

ويشير إلى أن الانقلاب على ما يبدو يعتمد ميزانيات مفتوحة لممارسات القمع التي تمارسها قوات الشرطة، ولم تعد الخدمات التي تعني المواطن محل اهتمام الحكومة.

سراب
أما الخبير الاقتصادي محمود عبد الله، فصرح للجزيرة نت بأن حديث الحكومة عن استهداف عجز الموازنة، هو نوع من السراب. فكيف يتم تخفيض عجز الموازنة في ظل غياب كامل لكافة الأجهزة الرقابية التي يمكنها محاسبة الحكومة، على هدفها الذي وضعته وهو 10% من الناتج المحلي الإجمالي؟

ويؤكد عبد الله على غياب الأجهزة الرقابية، بعدم وجود البرلمان، ورفض جهات حكومية مراجعة الجهاز المركزي للمحاسبات لأوضاعها المالية، حيث شكى المستشار هشام جنينة غير مرة من منع وزارة الداخلية لمراجعي الجهاز من القيام بمهامهم بمراجعة حسابات الوزارة. كما رفضت المحكمة الدستورية الإفصاح عن مرتبات أعضائها.

ووجود هذا المناخ -من وجهة نظر عبد الله- يعطي باقي الجهات انطباعًا بأن عملية الرقابة على الحسابات الحكومية شكلية وغير مفعلة، وبالتالي يسهل تجاوز النفقات المحددة، وزيادة عجز الموازنة، وما يترتب عليه من أوضاع سلبية تؤثر على المؤسسات الخدمية التي تخدم الفقراء في مجالات التعليم والصحة وباقي المرافق الأساسية.

ويبين عبد الله أن عجز الموازنة بهذه المعدلات المرتفعة في حالة مصر تترتب عليه أضرار اقتصادية واجتماعية تُحيق بالفقراء، ولا يحاسب عليه الحكومات. فمن حاسب أي حكومة بمصر على تجاوزها في عجز الموازنة؟

المصدر : الجزيرة