ندوة بالجزائر احتفاء بذكرى رحيل أركون

جانب من حضور ندوة حول المفكر محمد أركون بالجاحظية 16 سبتمبر 2014
جانب من الحاضرين بالندوة التي خُصصت للبحث في فكر أركون وآثاره (الجزيرة نت)

أميمة أحمد-الجزائر

احتفت الجزائر بذكرى رحيل المفكر محمد أركون عبر ندوة نظمتها الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، بحثت أبرز ملامح فكر الرجل الذي كان محل هجوم متواصل من رافضي أفكاره ومنهجه في مقاربة مواضيع مصنفة في خانة المقدس لدى البعض.

وقال رئيس الجمعية عمر بوساحة إن أركون (1928-2010) المدافع عن حرية الفكر والمؤرخ للفكر الإسلامي والناقد للعقل والتراث الإسلامي نقدا علميا وليس نقدا إلغائيا للآخر، "تعرض للتهميش واستهدف بكثير من الافتراء".

وبرر هذا التحامل على أركون بخطاب الثقافة المهيمن بعد الاستقلال، والذي يصد العلم والرأي الآخر، وهو ما تنبأ به المفكر الراحل حين قال "إن الجزائريين سيجدون أنفسهم بعد الاستقلال أمام الحقيقة، ويدركون أن ثورتهم التي انتصروا فيها وكانت عظيمة كانت ثورة بالسلاح، أما الفكر فيحتاج إلى ثورة ثقافية حقيقية تقوم على العلم وليس على الأيديولوجية".

بدوره، قدم الباحث محمد نور الدين جبّاب في محاضرته أبرز ملامح الفكر الأركوني، وقال أمام عدد من محبي أركون في قاعة المحاضرات التابعة لجمعية الجاحظية، إن أركون الناقد الجريء للفكر الإسلامي والعلمانية والاستشراق، جعله نقده في مرمى سهام الساسة وخصوم كثيرين، فهُمّش في بلده الجزائر، حتى أنه لم يدفن فيها، كما حوصر بالغرب أيضا.

جبّاب: إن أفكار أركون جعلته مهمشا في الجزائر ومحاصرا في الغرب (الجزيرة نت)
جبّاب: إن أفكار أركون جعلته مهمشا في الجزائر ومحاصرا في الغرب (الجزيرة نت)

وأشار الباحث إلى أن نقد أركون الاستشراق جلب له عداء المؤسسات العلمية الغربية، فحوصر بالغرب لأنه عرّى الخلفيات الاستعمارية للاستشراق.

ولفت إلى أن أركون يرى أن العلمانية في الغرب انتهت إلى التحريض، وسقطت غالبا في العنصرية تجاه الآخر الأجنبي المختلف، وبالتالي حادت عن رسالتها الحقيقية "فصل الدين عن السياسة".

وتحدث الباحث أيضا عن نقد أركون للتراث في إطار ما سماه "الجهل المقدس" و"الإسلاميات التطبيقية"، وهنا أكد جبّاب أن أركون لم يشكك في الوحي، بل اهتم بكيف تلقى المسلم الوحي، وربط تلقي الوحي باللغة وهي منتوج بشري، وبالظروف الاجتماعية والاقتصادية وعلاقة النخبة بالسلطة والمصالح الطبقية.

ونوّه إلى أن أركون يرى أن المسلم فهم القرآن بفهمه للغة، فدخل المطلق وهو الوحي بالنسبي وهو اللغة، وهذا أدى إلى إنتاج "الفكر الديني" -وهو غير الوحي- وسمي لاحقا الشريعة الإسلامية.

وكانت الندوة فرصة لبعض الحاضرين للإدلاء بشهاداتهم حول أركون لدحض الاتهامات الموجهة إليه، فبخصوص اتهام المفكر الراحل بمناهضة الثورة الجزائرية، قال المؤرخ محمد عباس "إن محمد أركون الطالب كان يستضيف رجال جبهة التحرير الوطني في بيته المتواضع بفرنسا، غير عابئ بالمخاطر المترتبة على ذلك أمام السلطات الفرنسية، وهذا يؤكد أنه كان مع الثورة".

المصدر : الجزيرة