العرب فكوا طلاسم الهيروغليفية قبل شامبليون

لوحة شبيهة بحجر رشيد في مصر


قال الباحث عكاشة الدالي المحاضر بجامعة لندن إن العرب كانت لهم بعض المعرفة بحروف اللغة الهيروغليفية في القرن التاسع الميلادي، خلافا للاعتقاد السائد بأنهم كانوا يعتبرون مصر القديمة حضارة وثنية لا تهمهم.

وأضاف عكاشة أنه عثر في مكتبات عدة من باريس إلى إسطنبول على مخطوطات تضم جداول تكشف المعادل الصوتي لحروف هيروغليفية.

ابن وحشية وذو النون
لكن الأهم -حسب الدالي- هو أنه عندما كان الأوروبيون يعتقدون أن الحروف الهيروغليفية ليست إلا رموزا سحرية تمكن العلماء العرب من اكتشاف اثنين من المبادئ الأساسية في الموضوع، أولهما أن بعض الرموز تعبر عن أصوات، والثاني أن الرموز الأخرى تعبر عن معنى الكلمة بطريقة تصويرية.

وحقق هذا الإنجاز أحمد بن أبي بكر بن وحشية، وهو عالم عاش في العراق في القرنين التاسع والعاشر الميلاديين، وترجم مؤلفه "شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام" عن أنظمة الكتابة القديمة إلى الإنجليزية، ونشر في لندن عام 1806.

وقال الدالي "أدركوا أنها ليست صورا كما كان سائدا بين الكتاب الكلاسيكيين، كان ابن وحشية أول باحث على الإطلاق يتحدث عن الرموز الدالة على المعنى والتي وصفها في فقرة يمكن أن يتباهى بها أي باحث حديث".

وهناك باحث آخر هو الصوفي ذو النون المصري الذي نشأ في صعيد مصر ببلدة أخميم في بداية القرن التاسع الميلادي عندما كان أغلب السكان المحليين لا يزالون يتحدثون القبطية سليلة لغة المصريين القدماء. وما كان شامبليون ليستطيع فك رموز الهيروغليفية دون معرفته للقبطية التي اندثرت من حياة المصريين اليومية في العصور الوسطى ولا توجد الآن إلا في قداسات الكنيسة المصرية.

وأكد الدالي أن المخطوط الذي حصل عليه يظهر أن ذا النون المصري كان يعرف القبطية وبعض الديموطيقية وبعض الهيروغليفية. وكانت الديموطيقية اختزالا للهيروغليفية واستخدمها الكتاب الذين لم يكن لديهم وقت لكتابة الحروف كاملة.

سر الفجوة المعرفية
ويقول الدالي إن الباحثين المسلمين لم يكشفوا كيف عرفوا اللغة المصرية القديمة، ولكنه لا يستبعد احتمال استمرار بعض أنظمة الكتابة القديمة في صعيد مصر.

وأضاف الدالي أن المشكلة في علم المصريات هي الافتراض بأن المعرفة باللغة المصرية القديمة اندثرت تماما بقدوم الإسلام، ولكن ما يظهر أن هذه المعرفة بالهيروغليفية كانت لا تزال حية عندما جاء المسلمون إلى مصر هو افتراض المسلمين أن مصر كانت أرض العلم والسحر والحكمة ومن ثم أرادوا تعلم الهيروغليفية للولوج إلى هذه المعرفة".

ويتفق الدالي مع الرأي السائد بأنه في بداية العصر الحديث كان أغلب العرب والمسلمين لا يهتمون بالثقافات القديمة، ولكنه لاحظ أن الباحثين استمروا في نسخ المخطوطات الإسلامية القديمة عن مصر القديمة، وذلك حتى القرن الثامن عشر.

وعزا الدالي هذه الفجوة المعرفية إلى اقتصار كل من علماء المصريات والدراسات العربية على دراسة مجالات تخصصهم. وقال الدالي "من المؤسف أنني أول من فعل هذا… لقد تعاملت مع بضع مئات من المخطوطات فقط. وهناك ألوف أخرى منها".

المصدر : رويترز