رحلة الفقدان تنجب الكاتبة المقدسية خالدة غوشة

الكاتبة والروائية المقدسية خالدة غوشة وإنتاجها الأدبي
تعتزم خالدة غوشة خوض تجربة جديدة في كتابة الرواية المرئية عبر مقاطع فيديو تنشرها على شبكات التواصل (الجزيرة نت)
محمد أبو الفيلات-القدس

بين فقدان وفقدان تنقلت الروائية المقدسية خالدة غوشة في رحلة حياتها، فقبل أن تتم سن السابعة فقدت والدها الذي هجرهم وسافر بعيدا، ثم فقدت طفولتها عندما تزوجت مرغمة في سن الثالثة عشرة، ولم يستمر زواجها طويلا، فبعد مرور21 يوما على زواجها قررت أن تطلّق وتستأنف تعليمها، وفعلا حصلت على حريتها من أسر الزواج المبكر، لتقع في أسر الحمل فبقيت أسيرة حتى وضعت طفلها الذي فقدته أيضا عندما أجبرها طليقها على التنازل عنه.

بعد إنجابها طفلها وهي في سن الرابع عشرة ونصف العام، سافرت خالدة إلى الولايات المتحدة الأميركية لتكمل تعليمها المدرسي، وبعد تخرجها من المدرسة قررت السفر إلى بريطانيا لتلتحق بجامعة كامبرج وتدرس الإعلام، ثم استكملت تعليمها في الدراسات العليا لتحصل على شهادة الماجستير في التخصص نفسه.

وفي بريطانيا تعرفت على الرجل الذي أصبح شريك حياتها ووالد طفلها الوحيد ملاك، لكن الفقدان ظل ملازما لها، ففي يوم زفافها منه توفيت والدتها، ثم توفي زوجها في حادث سير بعد عام وشهر على زواجهما. 

تعثر وانطلاقة
لم يعد للروائية خالدة غوشة ما يربطها ببريطانيا ويدفعها للبقاء فيها، فقررت العودة إلى مسقط رأسها مدينة القدس لاستكمال حياتها مع مولودها الجديد، فعملت في مجال تخصصها في مجلتين لمدة ست سنوات، إلى أن اندلعت انتفاضة الأقصى، وساءت الظروف الاقتصادية مما اضطرها لإغلاق مجلتها.

"خفايا الحياة" مجموعة قصصية مستوحاة من قصة حياة كاتبتها المقدسية خالدة غوشة (الجزيرة نت)

كان عام 2006 عاما غير عادي بالنسبة لخالدة، إذ تعتبره بداية انطلاقها حيث انكبت على الكتابة وخرجت بمجموعة قصصية مستوحاة بغالبيتها من قصة حياتها وجمعتها في كتاب أسمته "خفايا الحياة (حكايات خالدة غوشة)".

لاقت المجموعة القصصية رواجا كبيرا، كما لفتت انتباه مؤسسة حقوق الإنسان الدولية، فأدخلتها في مسابقة "سوق عكاظ كتاب وقارئ" في مدارس مدينة القدس، حيث كان هدف المؤسسة -كما تقول غوشة للجزيرة نت- توعية الطالبات اللواتي قد يعشن قصة حياة مشابهة لقصتها.

بعد رواج كتاب "خفايا الحياة"، أصدرت الكاتبة جزءا ثانيا من الكتاب تحت عنوان "خفايا الأحلام 2 (مفاتيح الأحلام)"، حيث صنف هذا الكتاب بأنه كتاب علمي فلسفي، ولاقى رواجا كبيرا ووجد له مكانا في رفوف مكتبة الجامعة العبرية في القدس.

في عام 2009 أصدرت الكاتبة أول رواية لها تحت عنوان "على جسد امرأة"، اقتبستها من قصة فتاة حقيقية تعيش في المغرب العربي، حيث أظهرت الكاتبة ما تتعرض له الفتاة العربية من اضطهاد من المجتمع الذي لا يزال يعاني من تسلط الرجال فيه.

ولاقت هذه الرواية رواجا كبيرا في فلسطين والعالم العربي، فاجتذبت القراء العرب وزادت من شهرة الكاتبة في الوطن العربي، وستحوّل هذه الرواية إلى مسلسل مصري بعد اتفاق الكاتبة وكاتب السيناريو المصري محمد البسوسي على ذلك.

تقول الكاتبة المقدسية إنها تميل في كتاباتها للحديث عن الروح الإنسانية، حيث تكتب بمشاعرها لتصل إلى قلب قرائها، فيشعر القارئ بأنه هو بطل الرواية، مما ساعد على انتشار رواياتها في العالم العربي، خاصة لدى الشعب العراقي الذي ترى أنه من أكثر الشعوب العربية قراءة. 

طرحت خالدة غوشة في كتابها
طرحت خالدة غوشة في كتابها "1×3+2 بلا عنوان" العديد من الأفكار الفلسفية العميقة (الجزيرة نت)

نرجس والقطار
استكمالا لمشروعها الكتابي، أصدرت خالدة في عام 2011 رواية "نرجس والقطار"، استعرضت فيها حياة الإنسان التي شبهتها بالقطار، بينما شبهت المحطات بالأشخاص الذين تصادفهم بالمراحل التي يمر بها الإنسان حيث يتعرف على أشخاص ربما يبقون معه لآخر المحطة أو يفارقوه في محطات مختلفة.

في عام 2013 أصدرت خالدة غوشة كتابها ما قبل الأخير تحت عنوان "1×3+2 بلا عنوان"، حيث طرحت الكاتبة عددا من الأفكار الفلسفية العميقة التي تقدم فيها رؤيتها للعديد من القضايا الإنسانية وتغوص في فكر ومشاعر وغرائز الإنسان.

أما روايتها الأخيرة "الخيط الأبيض" فتتحدث فيها عن الربيع العربي من خلال قصة حب بين فلسطينية وعراقي.

وتعتزم الكاتبة المقدسية خوض تجربة جديدة في كتابة الرواية المرئية حيث ستقدم أعمالها في مقاطع فيديو وتنشرها على شبكات التواصل الاجتماعي لتكون قريبة أكثر من القارئ.

المصدر : الجزيرة