نانسي بيلوسي.. أول امرأة ترأس مجلس النواب الأميركي

U.S. House of Representatives Democratic Leader Nancy Pelosi speaks to reporters after she was re-elected to her post on Wednesday, despite a challenge from Rust Belt congressman Tim Ryan who said the party needed new leadership, on Capitol Hill in Washington, U.S., November 30, 2016. REUTERS/Kevin Lamarque
نانسي بيلوسي انتُخبت للمرة الأولى في مجلس النواب عام 1987 ممثلة عن مدينة سان فرانسيسكو (رويترز)

نانسي بيلوسي سياسية أميركية، وعضو في مجلس النواب الأميركي عن الحزب الديمقراطي بولاية كاليفورنيا، تعد المرأة الوحيدة التي تولت رئاسة مجلس النواب في التاريخ الأميركي، ومن القلائل اللائي أعيد اختيارهن للرئاسة مرة أخرى. فقد تولت رئاسة المجلس لأول مرة عام 2007 أثناء فترة رئاسة جورج دبليو بوش، وعادت إلى المنصب عام 2019، ما يجعلها من ذوات المناصب التشريعية الرفيعة، إذ تقع مرتبة الرئاسة في مجلسي النواب والشيوخ بعد منصب نائب الرئيس.

تعد من أبرز السياسيات الأميركيات اهتماما بقضايا السياسات العامة والخدمات المدنية، إذ تركز أجندتها السياسية على تحسين جودة حياة المواطنين من خلال تطوير أنظمة الدفع، وتوفير فرص العمل، ودعم موظفي القطاع الحكومي.

كما كانت من أهم الناشطين في تعزيز خطط الطوارئ في الحكومة الأميركية، خاصة مع جائحة كورونا، ومن المعارضين الشرسين للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

المولد والنشأة

ولدت نانسي أليساندرو (أخذت اسم بيلوسي من زوجها) عام 1940 لأسرة أميركية في مدينة بالتيمور بولاية ميريلاند، وهي ابنة السياسي الأميركي توماس أليساندرو الابن ذي التاريخ الطويل في العمل السياسي مع الحزب الديمقراطي.

فقد شغل منصب عمدة مدينة بالتيمور الـ41 لـ12 عاما، ومثل الولاية في مجلس النواب لخمس فترات مختلفة، فضلا عن سنوات عمله مع الحزب الديمقراطي.

كما تولى أخوها الثالث توماس أليساندرو منصب عمدة مدينة بالتيمور الـ44، وانتُخب واحدا من أعضاء مجلس مدينة بالتيمور، ولعل الانتساب لعائلة سياسية تنتمي إلى الحزب الديمقراطي كان أحد الدوافع الرئيسية لانخراط نانسي الابنة في العمل العام، والانتماء للحزب المذكور.

تفوقت الابنة على الأب والأخ في العمل السياسي، خاصة مع عملها على المستوى الفدرالي وليس فقط على المستوى المحلي، وسطع نجمها بصفتها واحدة من أهم السياسيين في مجلس النواب الأميركي.

في عام 1962 تخرجت نانسي بيلوسي من جامعة ترينتي في العاصمة الأميركية بواشنطن، قبل أن تتزوج رجل الأعمال بول بيلوسي، وتنتقل إلى العيش في ولاية كاليفورنيا، لتبدأ حياتها السياسية والعائلية هناك، فهي أم لـ5 أبناء، وجدة لـ10 أحفاد.

التجربة السياسية

بداية من عام 1960، وبينما كانت نانسي أليساندرو تدرس في جامعة ترينتي بالعاصمة الأميركية، بدأت رحلتها بالتطوع في الحزب الديمقراطي، لتجذب الانتباه من خلال عملها الحزبي والعام، سواء في العاصمة أو بعد انتقالها بعد الزواج إلى ولاية كاليفورنيا، التي ولد وترعرع بها زوجها بول بيلوسي.

وكان أحد أهم مصادر جذب الانتباه لها موهبتها في إقامة فعاليات للحزب وحشد الأصوات والأموال لأجندته السياسية والثقافية.

وبعد 27 عاما من الفاعلية السياسية في الحزب الديمقراطي، فضلا عن الانخراط في العمل العام، إذ بدأت في جذب انتباه قادة الحزب من خلال عملها على تمويل أنشطته في ولاية كاليفورنيا.

انتُخبت للمرة الأولى في مجلس النواب عام 1987 ممثلة عن مدينة سان فرانسيسكو، وبداية من ذلك الوقت ظلت في منصبها مع اختلاف المقاطعات التي تولت مسؤوليتها، والمهام الإضافية التي تولتها خلال هذه الفترة الطويلة من التمثيل الدبلوماسي.

يخضع النظام البرلماني الأميركي إلى عدة عوامل تحدد عدد الممثلين البرلمانيين عن كل ولاية، إذ يتكون النظام البرلماني على المستوى الفدرالي من مجلسي الشيوخ والنواب، ويتم تمثيل كل ولاية بمرشحين اثنين في مجلس الشيوخ، بينما في مجلس النواب يخضع عدد النواب عن كل ولاية لآخر إحصاء سكان، ويمثل النواب نسبة محددة من المواطنين.

على هذا الأساس غالبا ما يتغير عدد النواب عن كل ولاية، وتتغير المقاطعات التي يمثلها النائب، فعلى سبيل المثال قد يتم تمثيل الولاية بنائب واحد فقط مثل ولايتي داكوتا الشمالية والجنوبية، و14 نائبا مثل ولاية جورجيا، ولكن العدد الأكبر من النواب في الولاية الواحدة هو لولاية كاليفورنيا إذ يمثلها 52 نائبا، وظلت نانسي بيلوسي محتفظة بمقعد بداية من عام 1987.

خلال السنوات الست الأولى من توليها مقعدا في مجلس النواب مثلت بيلوسي المقاطعة الخامسة، ثم تغيرت خريطة الممثلين لتتولى تمثيل المقاطعة الثامنة في الولاية لعشرين عاما، قبل أن تتغير خريطة التمثيل مرة أخرى، لتمثل بداية من عام 2013 المقاطعة الـ12، ثم أصبحت ممثلة للمقاطعة الـ11 عام 2023.

في عام 2007 شغلت بيلوسي منصب رئيس مجلس النواب الأميركي لأول مرة، وأصبحت المرأة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية التي تتبوأ مثل هذا المنصب، واستمرت رئاستها حتى عام 2011 وتركتها بعد أن خسر حزبها الانتخابات.

عادت إلى المنصب مرة أخرى عام 2019، وأصبحت من السياسيين القلائل الذي عادوا إلى منصب الرئاسة مرة أخرى، والوحيدة خلال 6 عقود. وبرزت خلالها في الأوساط الدولية، خاصة مع الحملة الشرسة التي خاضتها ضد ترامب.

بين بيلوسي وترامب

شهدت العلاقة بين رئيسة مجلس النواب بيلوسي، وترامب خلال رئاسته البلاد توترات حادة، وصلت إلى درجة التراشق الكلامي بشأن سياسة كل منهما وأجندته السياسية.

وبدأ النزاع الشخصي بين الطرفين في فبراير/شباط 2019 حينما ظهرت بيلوسي تحيي ترامب بطريقة تهكمية.

وجاء رد من ترامب في الموضع نفسه في فبراير/شباط 2020 أثناء خطابه أمام مجلس النواب عقب تبرئته من اتهامات التزوير في حملته الرئاسية أمام مجلس الشيوخ (الكونغرس)، برفضه مصافحة بيلوسي، وترك يدها ممدودة، وما كان منها إلا أن مزقت النسخة الرسمية التي قدمها لها أثناء مد يدها له بالتحية في بداية الخطاب، في صورة أيقونية تعبر عن الانقسام الحاد بين الحزبين الرئيسيين في أميركا.

الاعتداء على بيلوسي

في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2023 هاجم أحد الأشخاص منزل بيلوسي، واحتجز زوجها، وعند وصول قوات الشرطة هاجم هذا الشخص بيلوسي بعصا مسببا لها إصابات حادة في الجمجمة.

وبعد القبض عليه أعلن المهاجم أن نيته الحقيقية لم تكن الزوج وإنما نانسي نفسها، إذ اعترف بأنه كان يود احتجازها ليتحدث معها عن السياسة الأميركية، وإذا كانت صادقة سيطلق سراحها، وفي حالة كذبها "سيكسر أرجلها".

ومع التدقيق في خلفية المهاجم وُجد أنه كان قد نشر عددا من نظريات المؤامرة والاتهامات ضد الحزب الديمقراطي على حساباته الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر عن إيمانه بأجندة ترامب بـ"إعادة أميركا إلى مجدها".

وتعليقا على الحادث وصف ترامب المهاجم بالحيوان، خاصة مع انتشار الفيديو الخاص بالهجوم، وعقّب بأن نانسي بيلوسي قالت له "لا يجب عليك وصفه بالحيوان"، فعلق متهكما "بل اعتقد أنه من الحيوانات، وهي لا تفهم ذلك لأنها من الحيوانات أيضا." وهو التعليق الذي سبب استهجانا كبيرا في الأوساط الإعلامية، خاصة أن التطاول هذه المرة كان شخصيا ومباشرا، وليس سياسيا.

إتاحة الفرصة للأجيال القادمة

نهاية عام 2022 أعلنت بيلوسي تنحيها عن منصبها، خاصة بعد فقدان الحزب الديمقراطي سيطرته على مجلس النواب بفارق بسيط لصالح الحزب الجمهوري.

وعلقت على هذا القرار قائلة إن "السياسة الأميركية في الوقت الحالي بحاجة إلى أجيال جديدة"، وإن الوقت قد حان لإتاحة الفرصة للسياسيين الأصغر سنا، وهو ما تم تفسيره بأنها لن تترشح مرة أخرى إلى مجلس النواب خاصة مع بلوغها سن الـ82 عاما أثناء إلقاء خطاب التنحي من المنصب، وفي سبتمبر/أيلول 2023 أعلنت عزمها خوض انتخابات مجلس النواب مرة أخرى.

ومع الأزمات المالية التي يواجهها الداخل الأميركي، يعتمد الحزب الديمقراطي على الشخصيات المهمة لخوض معركة سياسية شرسة، خاصة مع تأزم الوضع في الشرق الأوسط عقب عملية طوفان الأقصى بداية من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ أصبحت سياسة الحزب الديمقراطي في مأزق.

الجوائز والإنجازات

حصلت بيلوسي على العديد من الدرجات الأكاديمية الفخرية في القانون والسياسة، من مختلف الجامعات الأميركية، ومنها:

  • الدكتوراه الفخرية من جامعات بولتيمور، وكاليفورنيا، وألستر، وبرون، وكانت أولى درجات الدكتوراه الفخرية عام 2002.
  • اختيرت ضمن أهم مئة امرأة مؤثرة في العالم من مجلة فوربس.
  • اختيرت من أهم الشخصيات المؤثرة من مجلة تايم في عامي 2019 و2020.
  • أدرجت عام 2023 في قاعة مشاهير النساء الوطنية في قرية سينيكا فولز، إحدى أهم معاقل الحركات النسوية.
المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية