ماريانو راخوي.. فوز انتخابي بطعم الخسارة

Spanish Prime Minister Mariano Rajoy delivers a speech during an event at Moncloa Palace in Madrid September 18, 2014. REUTERS/Andrea Comas (SPAIN - Tags: POLITICS BUSINESS HEADSHOT)
سياسي إسباني؛ تولى رئاسة الوزراء ببلاده لأول مرة عام 2011 واحتفظ بها في انتخابات 2015 مع خسارته الأغلبية المطلقة. يوصف بأنه في الاقتصاد ليبرالي وفي السياسة "محافظ متشدد وقليل الحيوية".

المولد والنشأة
ولد ماريانو راخوي بري يوم 27 مارس/آذار عام 1955 في سانتياغو دي كومبوستيلا بمقاطعة غاليسيا الإسبانية على ساحل المحيط الأطلسي، وهو الابن البكر لأبيه الذي كان وقتها رئيس محكمة المقاطعة.

الدراسة والتكوين
درس راخوي في مدارس الراهبات ثم اليسوعيين، ودخل بعد ذلك جامعة سانتياغو دي كومبوستيلا حيث تخرج بشهادة الإجازة في تخصص الحقوق. ثم اجتاز اختبار دخول الخدمة المدنية ليصبح أصغر "مسجل ملكية" في البلاد.

التوجه الفكري
ينتمي راخوي إلى "الحزب الشعبي" المحسوب ضمن أحزاب يمين الوسط، والذي يتبادل مع "الحزب الاشتراكي" (يسار الوسط) الهيمنة على الحياة السياسية في إسبانيا منذ انتهاء حكم الجنرال فرانشيسكو فرانكو عام 1975، وعودة الديمقراطية في نهاية سبعينيات القرن العشرين.

التجربة السياسية
انضم راخوي عام 1981 إلى حزب "التحالف الشعبي" الذي أسسه وزراء سابقون في عهد الجنرال فرانكو وأصبح لاحقا يُعرف باسم "الحزب الشعبي"، وفي صفوفه عاصر مراحل التحول الديمقراطي في إسبانيا، وقضى ما مضى من حياته السياسية التي علمته "تحصيل كل شيء"، حسب تعبيره.

تولى منصب وزير خمس مرات في حكومات رئيس الوزراء الأسبق خوسيه ماريا أزنار، ووقف -بوصفه متحدثا رسميا باسم الحكومة- حاجزا منيعا ضد سيل الانتقادات الموجهة لها بشأن إدارة حادثة التسرب النفطي "برستيج" عام 2002، ومشاركة إسبانيا في الحرب العراقية 2003.

وعندما أعلنه أزنار خلَفاً له حين أعزم مغادرة المشهد السياسي، خسر مرتين في الانتخابات عاميْ 2004 و2008، لكنه فاز بالأغلبية البرلمانية المطلقة في أواخر 2011 عندما رفض الناخبون الاشتراكيون التصويت بسبب الأزمة الاقتصادية.

ويقول مراقبون إن راخوي -الذي كان يُنظر إليه باعتباره تكنوقراطياً بعيدا عن الواقع الاجتماعي في البلاد- أخذ على محمل الجد خطر الإنقاذ العالمي للاقتصاد الإسباني فتفاداه في عام 2012، رغم أن الاتحاد الأوروبي ضخ 41 مليار يورو من المساعدات للمصارف، كما أنه كان حريصا على تنفيذ سياسات التقشف التي طلبها الاتحاد.

عانى راخوي -الذي يوصف بأنه محافظ متشدد رغم ليبراليته الاقتصادية- من تراجع الشعبية في بلد تعصف به أزمة اقتصادية ويرفض برنامج التقشف الحكومي، لكنه يؤكد أنه فعل بذلك ما يعتقد أنه "يصب في المصلحة العامة لإسبانيا".

ومن أبرز القضايا التي تحرج راخوي -الذي ينعت نفسه بأنه "سياسي نزيه"- ما يثار من فضائح فساد ارتكبها العديد من أعضاء حزبه، ومع ذلك يقدم نفسه على أساس أنه "ضمان الإدارة السليمة للبلاد".

يقول مراقبون إن أحد مفاتيح نجاحه هو "قدرته على بناء شخصيته الإنسانية من دون كاريزما أو قدرة على المبادرة"، بينما يسخر منتقدوه من "حزبيته المفرطة" وميله إلى ترك المشاكل تتطور دون معالجة متبعا النظرية القائلة "أحيانا يكون أفضل قرار هو عدم اتخاذ قرار". أما هو فيبرر حزبيته بقوله إن من القواعد الأساسية التي تعلمها في السياسة أنه "إذا اعتنيتَ بالحزب فإنه سيعتني بك".

اعتنى راخوي جيدا بحزبه وقاده في الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم 20 ديسمبر/كانون الأول 2015، ففاز فيها بعد حصوله على 30% من الأصوات، لكنه لم يحصل سوى على 123 مقعدا في البرلمان، ليفقد بذلك الأغلبية المطلقة (176 مقعدا) التي كان يتمتع بها في الفترة التشريعية السابقة.

وإثر إعلان النتائج؛ قال راخوي -الذي وقع جميع معارضيه في فخ الاستهانة به- أمام حشد من مؤيديه "سأحاول بناء حكومة، وأعتقد أن إسبانيا بحاجة إلى حكومة مستقرة". لكن هذا الأمر سيكون صعبا بسبب حصوله على 123 نائبا فقط من أصل 350، وخسارة حزبه الكثير من الأصوات بسبب غضب الإسبان من قضايا الفساد وارتفاع معدل البطالة.

المصدر : الجزيرة