أحمد بن بلة

أول رئيس للجزائر بعد استقلالها عن فرنسا في 1962، وأحد رموز ثورة التحرير التي حملته إلى السلطة، قبل أن يُطاح به في انقلاب عسكري ليتقلب بعد ذلك بين السجن والمنفى لسنوات طويلة.
المولد والنشأة
ولد أحمد بن بلة يوم 25 ديسمبر/كانون الأول 1916 في مدينة مغنية، ونشأ في أسرة فقيرة، وكانت بلاده حينها تئن تحت الاستعمار الفرنسي. شارك في الحرب العالمية الثانية، وخدم في صفوف الجيش الفرنسي عام 1936، وعاد بعدها ليعيل أسرته.

الدراسة والتكوين
تابع تعليمه الثانوي في مدينة تلمسان.

التوجه الفكري
يُصنف بن بلة ضمن التيار العروبي، وقد كان داعما للقضايا العربية وسعى لنشر اللغة العربية في بلاده حين كان في السلطة، لكن ذلك لم يمنعه من محاولة تطبيق برامج اشتراكية، وإقامة علاقات وطيدة مع دول مثل الاتحاد السوفياتي ويوغسلافيا السابقة وكوبا.

نفى عن نفسه صفة اللائكية، وأعلن في المقابل أنه ليس خمينيا ويرفض حكم الفقهاء. وشدد على أن الانتفاضات التي شهدتها الجزائر وتكللت بمعركة التحرير نبعت جميعها من القيم العربية الإسلامية.

وقال أيضا إنه قرأ كثيرا أثناء سجنه للتعرف على الفكر الإسلامي، وإن القرآن الكريم كان رفيقه في السجون.

كان بن بلة أيضا من دعاة وحدة المغرب العربي، ومن الساعين إلى إنهاء النزاعات في أفريقيا حيث رأس لجنة الحكماء في الاتحاد الأفريقي.

التجربة السياسية
كان من مؤسسي جبهة التحرير الوطني الجزائرية عام 1954، وكانت الجبهة رأس حربة في مقاومة الاحتلال الفرنسي سياسيا وعسكريا.

واجه الاحتلال الفرنسي من خلال جبهة التحرير، وقبل ذلك من خلال حزب الشعب -الذي كان يعد أكثر الأحزاب راديكالية في مواجهة الاستعمار- وحركة انتصار الحريات الديمقراطية، وأيضا من خلال ما يعرف بالمنظمة الخاصة التي كانت نواة للكفاح المسلح.

اعتقلت سلطات الاحتلال الفرنسي بن بلة عام 1950 وظل في السجن سنتين، وحكم عليه بعدها مباشرة بالسجن سبع سنوات، بيد أنه تمكن من الهرب من السجن وغادر الجزائر إلى مصر حيث انضم إلى مناضلين آخرين بينهم حسين آيت أحمد ليشكلوا فريقا خارجيا لجبهة التحرير.

ومرة أخرى، وقع في قبضة سلطات الاحتلال الفرنسي حين حوّل سلاح الجو الفرنسي عام 1956 وجهة الطائرة التي كانت تقل بن بلة وقياديين آخرين في جبهة التحرير بينهم محمد بوضياف وحسين آيت أحمد ورابح بيطاط إلى مصر، وقد وضع الجميع في سجن بفرنسا حتى الاستقلال.

قال عن نفسه في مقابلة صحفية أُجريت معه قبل ست سنوات تقريبا من وفاته، إن حياته كانت حياة مقاتل بدأت في سن السادسة عشرة، وتواصلت بنفس التوهج. وقد كان بن بلة واحدا من آلاف الشبان الجزائريين الذين قاتلوا في صفوف القوات الفرنسية ضد النازيين -قبل اندلاع حرب التحرير- بناء على وعود بمنح الجزائر استقلالها.

بعد عودته من فرنسا حيث كان مسجونا، تقلد بن بلة منصب رئيس الوزراء قبل أن يُنتخب في سبتمبر/أيلول 1963 أول رئيس للجزائر ليجمع بين المنصبين. وكان جمعه بين أكثر من منصب من بين الحجج التي استخدمها خليفته الراحل هواري بومدين -الذي كان آنذاك وزيرا للدفاع ونائبا للوزير الأول- باسم مجلس الثورة لعزله في 19 يونيو/حزيران 1965.

ومن بين الاتهامات التي وجهها بومدين إليه أيضا الخروج عن مسار الثورة، وإرساء دكتاتورية من خلال الاستئثار بتسعة مناصب في الدولة.

حل بومدين محل بن بلة الذي وُضع حتى عام 1980 في فيلا بمنطقة معزولة، كانت بمثابة سجن قضى فيه 15 عاما.

وبعد رفع القيود عنه بمقتضى عفو من الرئيس الشاذلي بن جديد، سافر بن بلة إلى فرنسا، ومن هناك أعلن نفسه معارضا للسلطة القائمة في بلاده إذ أنشأ حزبا أطلق عليه الحركة من أجل الديمقراطية.

وبعد ما يقرب من عقد من الزمن أمضاه في المنفى الاختياري بين فرنسا وسويسرا معارضا لنظام بن جديد ولسياسة الحزب الواحد، عاد بن بلة إلى الجزائر التي بدأت تشهد انفتاحا سياسيا بلغ ذروته بانتخابات ديسمبر/كانون الأول 1991 التشريعية التي فازت بها جبهة الإنقاذ الإسلامية (حُظرت لاحقا).

ومع أن حزبه لم يحقق شيئا يذكر في تلك الانتخابات التي كانت أول تطبيق عملي حقيقي للتعددية السياسية، إلا أن بن بلة اعترض على قرار إلغاء الانتخابات، واعترض بعد ذلك على حل الجبهة في مارس/آذار 1992 ليغادر مجددا إلى المنفى الاختياري.

وكان يرى أيضا أن المجلس الأعلى للدولة -الذي تشكل بعد إلغاء الانتخابات وإقالة الشاذلي بن جديد- غير شرعي. وبعد اندلاع أعمال العنف في الجزائر، كان بن بلة من الداعين إلى المصالحة الوطنية، وقد عاد نهائيا إلى بلاده في 1999.

الوفاة
فارق بن بلة الحياة في 11 أبريل/نيسان 2012 في الجزائر عن عمر ناهز 96 عاما.

المصدر : الجزيرة