الجنرال برويز مشرف.. عسكري حكم باكستان 9 سنوات

رئيس سابق لباكستان وقائد سابق للجيش، وصل إلى السلطة بعد انقلاب عسكري على نواز شريف. دام حكمه 9 سنوات، تحالف خلالها مع الولايات المتحدة في حربها على ما يسمى الإرهاب، أجبره الائتلاف الحاكم سنة 2008 على تقديم استقالته. توفي يوم 5 فبراير/شباط 2023 في دبي في الإمارات.

المولد والنشأة

ولد برويز مشرف يوم 11 أغسطس/آب 1943 في مدينة نيودلهي قبل استقلال الهند وباكستان عن الاستعمار البريطاني، وانفصالهما إلى دولتين منفصلتين، أي أنه من مواليد ما كانت تعرف تاريخيا باسم "الهند البريطانية" ثم هاجرت أسرته إلى باكستان وفيها نشأ. تزوج من صحبة (صهبة) عام 1968، وله منها بنت اسمها أيلا وولد اسمه بلال.

التجربة العسكرية

تلقى تعليمه الأولي في كراتشي، ثم التحق بالكلية العسكرية وهو في الـ 18 من العمر، وسنة 1961 انضم لصفوف الجيش وتدرج في مناصبه المختلفة، فبدأ ضابطا في سلاح المدفعية، ثم قائدا لوحدة القوات الخاصة ومديرا للعمليات العسكرية، ثم قائدا للجيش، ورئيسا لهيئة الأركان المشتركة.

وخلال مساره العسكري شارك بحربين ضد الهند، أولاهما عام 1965 في ولاية البنجاب وتلقى نيشان البسالة، كما خاض الحرب الثانية عام 1971.

وقاد أيضا محاولة التصدي لهجوم هندي هدف إلى السيطرة على مرتفعات سياتشين عام 1984، وقد تكبدت فيه المواقع العسكرية الباكستانية خسارة فادحة.

قاد كذلك معركة كارجيل عام 1999 التي كادت أن تتسبب في حرب شاملة بين البلدين النوويين الجارين اللدودين.

وعام 2004 قاد أول عملية عسكرية للجيش الباكستاني بالمقاطعات القبلية ضد حركات مسلحة، وعُرفت العملية باسم "تمرد خيبر" وهدفت إلى ملاحقة مقاتلي تنظيم القاعدة وحركة طالبان الأفغانية الذين تمكنوا من تجنب الهجوم الأميركي على أفغانستان ولجؤوا للمقاطعات القبلية الباكستانية المحاذية للحدود.

التجربة السياسية

دخل مشرف إلى عالم السياسة عندما قاد انقلابا أبيض في أكتوبر/تشرين الأول 1999 أطاح بحكومة رئيس الوزراء نواز شريف، على خلفية اتهام الأخير له بمحاولة إسقاط الطائرة التي كانت تقله قادمة من سريلانكا.

وتقلد منصب رئاسة الجمهورية الباكستانية عام 2000 بعد استفتاء شعبي إثر اتهام المعارضة السياسية له بفقدان الشرعية لتمثيل البلاد في لقاء القمة مع الهند، وتنحى عن المنصب عام 2008 بعد تزايد الضغوط عليه.

عُرف بقربه الشديد من واشنطن بعد السماح لها باستخدام الأراضي الباكستانية لضرب حركة "طالبان أفغانستان" التي رفضت تسليم أسامة بن لادن، الذي اتهمته الولايات المتحدة بالوقوف وراء تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول 2001، فعدّ مشرف حليفا بعد انضمامه لحرب واشنطن ضد ما سمته الإرهاب. إلا أنها عادت واتهمته بالتلاعب ودعم طالبان سرا، مع الاستمرار بدعم واشنطن في العلن.

صافح مشرف -الذي تعرض لمحاولتي اغتيال فاشلتين نسبتا إلى القاعدة- رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل أرييل شارون على هامش القمة العالمية للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2005، وهو أول رئيس باكستاني يصافح مسؤولا إسرائيليا.

وجهت له المعارضة انتقادات كبيرة واتهمته بتوريط الجيش في عدة معارك داخلية، منها عملية اقتحام للمسجد الأحمر بالعاصمة إسلام آباد في يوليو/تموز 2007، وهجوم الجيش على مقاتلي الحركات الإسلامية بمنطقة القبائل المحاذية لأفغانستان شرقي البلاد.

وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2007 أكدت اللجنة الانتخابية الباكستانية انتخاب مشرف رئيسا لولاية دستورية ثانية لمدة 5 سنوات، إلا أن علاقته ساءت بالائتلاف الحاكم الذي يطالب بعزله ومساءلته، فأعلن في كلمة متلفزة استقالته يوم 18 أغسطس/آب 2008.

غادر مشرف باكستان بمجرد تخليه عن مناصبه العسكرية والسياسية، وعاش متنقلا بين لندن وواشنطن ودبي.

أصدرت ضده محكمة في فبراير/شباط 2011 مذكرة توقيف في إطار التحقيق في اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو، زوجة الرئيس السابق آصف علي زرداري، التي اغتيلت بمدينة راولبندي قرب إسلام آباد يوم 27 ديسمبر/كانون الأول 2007 أثناء حكم مشرف، إلا أن الأخير رفض من مقر إقامته في لندن الامتثال للمذكرة القضائية.

وأمضى مشرف 5 سنوات في الخارج قبل أن يعود عام 2013 ليُشكل حزبا سياسيا عُرف باسم "رابطة كل باكستان" الإسلامية، غير أن فشل الحزب في الانتخابات البرلمانية العامة لسنة 2013 وشعوره بالخذلان الشديد دفعاه لمغادرة البلاد مرة ثانية.

وفي أبريل/نيسان 2014 أدانت محكمة خاصة مشرف بتهمة الخيانة العظمى لإعلانه حالة الطوارئ وتعليقه العمل بالدستور عام 2007، إلا أن محكمة كراتشي قضت بالسماح له بمغادرة البلاد بعد أن رفع اسمه من قائمة الممنوعين من السفر يوم 12 يونيو/حزيران 2014.

وفي 14 يناير/كانون الثاني 2015 أدانت محكمة مكافحة الإرهاب في كويتا عاصمة إقليم بلوشستان مشرف ووزير داخليته أفتاب خان شيرباو وآخرين بقتل الزعيم البلوشي نواب أكبر خان بوجْتي.

المناصب والمسؤوليات

جمع الجنرال مشرف عدة مناصب في آن واحد، فكان:
– قائدا للجيش، وهو القائد السابع في تاريخ باكستان.
– رئيسا لهيئة الأركان المشتركة، وكان عاشر قائد لها في تاريخ البلاد.
– رئيسا للسلطة التنفيذية.
– رئيسا للجمهورية، وكان الرئيس العاشر في تاريخها.
– وزير الدفاع رقم 23 في تاريخ باكستان.

مرضه ووفاته

أصيب مشرف بمرض نادر يُعرف باسم "الداء النشواني" (amyloidosis) وهو حالة تترسب فيها البروتينات بأنسجة الجسم، وكانت عائلته قد أعلنت يوم 10 يونيو/حزيران 2022 أن وضعه الصحي غير قابل للعلاج.

وأعلن عن وفاته يوم 5 فبراير/شباط 2023 في دبي عن عمر ناهز 80 عاما.

المصدر : الجزيرة