جورج واشنطن.. مهندس سياسة أميركا وأول رؤسائها

George Washington Portrait from United States of America Banknotes. statesman, and Founding Father who served as the first president of the United States from 1789 to 1797. Previously.
صورة جورج واشنطن المطبوعة على عملة الدولار الأميركية (شترستوك)

أول رئيس للولايات المتحدة الأميركية. ومن مواليد عام 1732. كان خصما للانفصاليين، وقاد ثورة التحرير التي انتهت باستقلال الولايات المتحدة عن بريطانيا في الرابع من يوليو/تموز 1786، واختير بالإجماع ليكون أول رئيس للولايات المتحدة الأميركية. توفي عام 1799.

الميلاد والنشأة

ولد جورج واشنطن في 22 فبراير/شباط 1732م في ولاية فرجينيا لأسرة تمتهن الزراعة، كغالبية الشعب الأميركي في تلك الحقبة.

نشأ في مزرعة عائلته في بوبس كريك في مقاطعة ويستمورلاند، في مستعمرة فرجينيا البريطانية، أبوه أوغسطين واشنطن وأمه ماري بول واشنطن.

أمضى جورج معظم طفولته في مزرعة فيري، وهو ما حرمه من فرصة التعليم في الخارج، وبالضبط في إنجلترا، وهو الامتياز الذي مُنح لإخوته غير الأشقاء الأكبر منه سنا.

لم تتزوج والدة جورج واشنطن مرة أخرى، وهو ما أجبره على تحمل أعباء ثقيلة في سن 11 عاما، فساعد والدته في إدارة المزرعة بعد انقطاعه عن التعليم، وفي سن الـ16 أصبح مسّاحا، وبعد عام تم تعيينه مسّاحا لمقاطعة كولبيبر بولاية فيرجينيا، وهو أول منصب عام له.

عاد جورج واشنطن إلى الزراعة في ماونت فيرنون، وهي مزرعة ورثها عن أخيه غير الشقيق، وفي عام 1759 تزوج من مارثا كوستيس، وهي أرملة ثرية وأم لطفلين.

George Washington
جورج واشنطن انضم إلى جيش التحرير عام 1752 ثم رقي ليكون قائد قواته واستطاع الانتصار على بريطانيا (غيتي)

الحياة السياسية والعسكرية

في عام 1752 انضم واشنطن إلى جيش التحرير، وشارك في صفوف الجيش البريطاني في الحرب بين فرنسا وبريطانيا، المعروفة في أوروبا باسم حرب السنوات السبع، حيث كانت نزاعا بينهما للسيطرة على أجزاء من أميركا الشمالية، وذاع صيت شجاعته فيها.

في العام نفسه، دخل واشنطن مجلس النواب في فرجينيا؛ حيث عارض باستمرار ما اعتبره ضرائب بريطانية غير عادلة، وبحلول عام 1774، كان واحدا من الشخصيات الرائدة في فيرجينيا الداعمة للقضية التحررية. ومثّل ولاية فرجينيا في كل من الكونغرس القاري الأول والثاني في عامي 1774 و1775.

وفي يونيو/حزيران 1775، تم تعيينه قائدا لقوات جيش التحرير، ورغم أن حظوظه العسكرية كانت في بدايتها، إلا أن الانتصار الأميركي على بريطانيا في ساراتوجا في أكتوبر/تشرين الأول 1777 دفع الفرنسيين إلى الموافقة على التحالف مع الأميركيين، وهو ما عزز حظوظ واشنطن، وقاد جيشه إلى النصر واستقلال الولايات المتحدة الأميركية، وكان هذا النصر نقطة تحول في حرب الاستقلال.

اعتمد واشنطن سياسة عدم المواجهة مع بريطانيا، كما استعان بفرنسا لطرد البريطانيين من كورنوليز في مدينة يورك، واستمر في جهوده الرامية إلى إقرار النظام الفدرالي بين الولايات الأميركية، حتى تكللت بالنجاح بعقد مؤتمر دستوري في فيلادلفيا عام 1787.

الرئاسة

وبعد إقرار الدستور في مؤتمر فيلادلفيا اختارت الهيئة الانتخابية بالإجماع جورج واشنطن رئيسا للولايات المتحدة، ليبدأ حكم دولة قُدِّر لها أن تكون أكبر قوة في العالم.

وأدى واشنطن أول قسم دستوري في تاريخ الولايات المتحدة في شرفة مبنى مجلس الشيوخ في 30 أبريل/نيسان 1789، ليحكم أميركا لفترتين متتاليتين من 1789 إلى 1797.

تميز باحترامه العميق لقرارات الكونغرس، ولم يسعَ لتجاوز صلاحياته الدستورية، وعمل على تحييد أميركا وعدم إقحامها في الصراع الدائر بين بريطانيا وفرنسا، ورفض الأخذ بآراء العديد من وزرائه في التحيز لإحدى الدولتين.

شبكة جواسيس

كافح الجنرال واشنطن من أجل الفوز في الحرب بجيش كان يعاني من نقص في العدد والتدريب والإمدادات، فاعتمد بشكل كبير على سلاحه المخفي، وهو شبكة استخبارات سرية.

وطوال فترة الحرب ساعد الجواسيس واشنطن على اتخاذ قرارات جريئة وحكيمة كان من شأنها قلب مجرى الصراع.

وعندما اختار المؤتمر القاري الثاني واشنطن قائدا أعلى للجيوش القارية، عين جنديا يدعى توماس نولتون لتنظيم أول وحدة تجسس في الحرب.

ولعبت المجموعة المكونة من 130 رجلا تقريبا، والمعروفة باسم "نولتون رينجرز"، دورا رئيسيا في معركة مرتفعات هارلم في نيويورك عام 1776، حيث استكشفت الحرس البريطاني المتقدم.

قُتل نولتون وتعززت مكانته في التاريخ الأميركي حتى اليوم، فما زال ختم جهاز استخبارات الجيش الأميركي يحمل ختم "1776"، تكريما لوحدته.

الشخصية القيادية

أثبت واشنطن أنه شخصية قيادية إستراتيجية وعسكرية، لا تكمن قوته وعبقريته في ساحة المعركة فحسب، بل في قدرته على الحفاظ على تماسك الجيش الأميركي. فقد كانت قواته سيئة التدريب وتفتقر إلى الطعام والذخيرة والإمدادات، حتى إن الجنود كانوا أحيانا بلا أحذية في الشتاء، ومع ذلك تمكن واشنطن من تحفيزهم وتثبيتهم، وكانت قيادته للجيش خلال شتاء 1777-1778 بمثابة شهادة على قدرته في إلهام رجاله على الاستمرار والصمود.

28th June 1778: George Washington (1732 - 1799)at the Battle of Monmouth in New Jersey during the American Revolutionary War. (Photo by Three Lions/Getty Images)
رسمة تصور واشنطن عام 1778 خلال معركة مونماوث في نيوجيرسي أيام الثورة الأميركية على بريطانيا (غيتي)

الإنجازات

كانت الولايات المتحدة دولة صغيرة عندما تولى واشنطن منصبه، وكانت تتألف من 11 ولاية ويبلغ عدد سكانها حوالي 4 ملايين نسمة، ولم تكن هناك قواعد وآلية لكيفية قيام الرئيس الجديد بإدارة الأعمال المحلية أو الخارجية، فشكلت أفعال واشنطن وسياساته القواعد والسياسات التي سينتهجها الرؤساء من بعده.

فتميزت رئاسة جورج واشنطن بسلسلة من الإنجازات، إذ وقّع قانون حقوق الطبع والنشر في الولايات المتحدة، لحماية حقوق الطبع والنشر للمؤلفين، كما وقّع على إعلان عيد الشكر الأول، وهو ما جعل يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني يوما وطنيا لعيد الشكر بمناسبة نهاية الحرب والاستقلال الأميركي والتصديق على الدستور.

وتحت قيادة واشنطن صدقت الولايات على ميثاق الحقوق، ودخلت 5 ولايات جديدة إلى الاتحاد، وهي نورث كارولينا (1789)، رود آيلاند (1790)، فيرمونت (1791)، كنتاكي (1792) وتينيسي (1796).

أراد واشنطن التقاعد بعد فترة ولايته الأولى، لكن أعيد انتخابه لولاية ثانية عام 1792، ونجح في تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا.

وقد عمل واشنطن خلال رئاسته على إقرار العديد من السياسات والمؤسسات للحكومة الأميركية، مثل تشكيل الحكومة الفدرالية وإقرار الدستور الأميركي، وإنشاء السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية.

وفي ولايته الثانية أعلن واشنطن الحياد لتجنب الدخول في حرب 1793 بين بريطانيا وفرنسا، وفي عام 1795، وقّع معاهدة الصداقة التجارية والملاحية مع بريطانيا أو معاهدة "جاي"، التي ساعدت الولايات المتحدة على تجنب الحرب مع بريطانيا.

Portrait of George Washington - الموسوعة
بعد إقرار دستور أميركا بمؤتمر فيلادلفيا اختارت الهيئة الانتخابية بالإجماع واشنطن رئيسا للبلاد (غيتي)

ووقعت إدارة واشنطن معاهدتين دوليتين مؤثرتين، معاهدة "بينكني" في عام 1795، والمعروفة أيضا باسم معاهدة "سان لورينزو"، التي أنشأت علاقات ودية بين الولايات المتحدة وإسبانيا، وثبتت الحدود بين الأراضي الأميركية والإسبانية في أميركا الشمالية، وفتحت نهر المسيسيبي أمام التجار الأميركيين، ومعاهدة طرابلس التي وُقع عليها في العام التالي، ومنحت السفن الأميركية إمكانية الوصول إلى ممرات الشحن في البحر الأبيض المتوسط ​​مقابل ضريبة سنوية لباشا طرابلس.

تقاعد واشنطن من الحياة العامة عام 1797 مع انتهاء ولايته الرئاسية الثانية.

الوفاة

توفي جورج واشنطن في 14 سبتمبر/أيلول 1799. وبقي جثمانه 3 أيام قبل أن يدفن، وأقيمت جنازة كبيرة في 18 ديسمبر/كانون الأول، حيث دُفن في مع أفراد عائلته.

وحين وفاته كان يمتلك حوالي 300 من العبيد. إلا أنه كان معارضا للعبودية، فأمر في وصيته بإطلاق سراح عماله المستعبدين بعد وفاة زوجته.

المصدر : الجزيرة