جند الأقصى.. التنظيم السوري ذو التحالفات المتذبذبة

الموسوعة - شعار لجند الأقصى بسوريا

"جند الأقصى" أحد فصائل الثورة السورية الرامية للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد؛ عرف تذبذبا فكريا بين جبهة النصر" و"تنظيم الدولة الإسلامية"، وخاض معارك حاسمة مع كل من النظام السوري وفصائل الثورة السورية المسلحة. أدرجته وزارة الخارجية الأميركية في قائمتها للمنظمات "الإرهابية".

النشأة والتأسيس
تأسس "جند الأقصى" على يد محمد العثامنة المعروف بـ"أبو عبد العزيز القطري" (من مواليد العراق، وقتل في سوريا خلال يناير/كانون الثاني 2014) الذي دخل سوريا مع بدايات ثورتها، وانضم إلى جبهة النصرة (فتح الشام لاحقا) ثم انشق عنها ليؤسس فصيل "جند الأقصى".

نشأ "جند الأقصى" في ريف حماة واعتمد أساسا على تجنيد مقاتلين عرب ممن يُسمون "المهاجرين"، ويوصف بعضهم بأنهم يتميزون بخبرات قتالية نوعية ومتمرسون على العمليات الأمنية.

لكن هذا الفصيل سرعان ما توسع باتجاه ريف إدلب، وهناك كان ظهوره الإعلامي. ورغم إعلانه عام 2014 حياده في المعارك التي دارت بين "جبهة النصرة" وتنظيم الدولة الإسلامية في ريف إدلب، فإنه تحالف في تلك المنطقة مع الأولى في هزيمة "جبهة ثوار سوريا" بقيادة جمال معروف.

وحين تأسس تحالف "جيش الفتح" يوم 24 مارس/آذار 2015 بتوحد سبع مجموعات كبرى من الفصائل المسلحة في الثورة السورية؛ كان "جند الأقصى" ثالث أهم مكوناتها بعد كل من "أحرار الشام" و"جبهة النصرة". ثم غادر هذا التحالف إثر امتناعه عن مساعدتهما في قتال تنظيم الدولة.

التوجه الأيديولوجي
عُرف "جند الأقصى" منذ نشأته بقربه فكريا من "جبهة النصرة" التي نُظر إليها منذ نشأتها بوصفها فرعا لتنظيم القاعدة في سوريا، ثم انشق عنها وأصبح حليفا لتنظيم الدولة، قبل أن يعود للاندماج في "جبهة النصرة" بعد تغيير اسمها إلى "جبهة فتح الشام".

وقد أكد-في بيان أصدره يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول 2015- ولاءه لتنظيم القاعدة بقيادة أيمن الظواهري.

المسار الميداني
أعلن "جند الأقصى" في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 عثوره على جثة أميره ومؤسسه "أبو عبد العزيز القطري" -الذي فُقد قبل ذلك بأشهر- في بئر تسمى "جب كوكبة" على عمق 33 مترا، بمنطقة دير سنبل (جبل الزاوية) في محافظة إدلب شمالي سوريا.

وأوضح -في بيان أصدره- أن "جبهة ثوار سوريا" -المناوئة لجند الأقصى- كانت تستخدم هذه البئر مقبرة جماعية تلقي فيها جثث "من تختطفهم من المجاهدين وقادة الإصلاح".

وظهر الدور الميداني الأكبر لـ"جند الأقصى" أثناء وجوده داخل تحالف "جيش الفتح" الذي كان ذراعا ضاربة فيه لامتلاكه مجموعة من المقاتلين "الانغماسيين" (الانتحاريون)، وبعد خروجه منه -بسبب اختلافهما على استقطابه للمقاتلين الأجانب ورفضه الدخول في أي مواجهة مع تنظيم الدولة-تمدد وأصبح يقاتل بقوة بمناطق ريفيْ إدلب واللاذقية والريف الشمالي لمحافظة حماة ومحيط حلب.

وفي 19 سبتمبر/أيلول 2015 تمكن "جند الأقصى" من السيطرة على تلة الخربة الإستراتيجية التي تعتبر خط الدفاع الأخير عن بلدة الفوعة الموالية للنظام بريف إدلب شمالي البلاد، وذلك بعد تفجير سيارة مفخخة في التلة وتدمير مدفع 23 وسيارة ذخيرة، وقتل مجموعة من عناصر قوات النظام.

وقام مقاتلوه بالتمهيد للهجوم بإطلاق ناري الكثيف على جميع النقاط -التي تتمركز فيها قوات النظام والمليشيات- باستخدام عشرات القذائف من صواريخ وقذائف محلية الصنع، مما أدى إلى إرباك صفوف قوات النظام بسبب كثرة القذائف والسيارات المفخخة.

وفي 24 أكتوبر/تشرين الأول 2015 أعلن "جند الأقصى" انسحابه من "جيش الفتح" لأسباب عدة، من بينها -حسب قوله- تأييد بعض الفصائل المشاركة في جيش الفتح لمشاريع "مصادمة للشريعة الإسلامية"، كالتوقيع على بيان مبعوث الأمم المتحدة لسوريا ستيفان دي ميستورا والترحيب بالتدخل التركي، إضافة للضغط المستمر عليه للانخراط في قتال تنظيم الدولة.

وفي 7 مارس/آذار 2016 سيطر مقاتلو جند الأقصى -بالتعاون مع "جبهة النصرة"- على موقعين إستراتيجيين في ريف حلب الجنوبي هما قرية العيس وتل العيس. وتعود أهميتهما لكونهما تحصنان مواقع النظام في ريف حلب، وتوفران له وجودا أساسيا قريبا من الطريق الدولي المتجه جنوبا إلى العاصمة دمشق.

وفي 31 أغسطس/آب 2016 سيطر "جند الأقصى" -بالاشتراك مع فصائل من المعارضة المسلحة- على مدينتيْ صوران وطيبة الإمام في ريف حماة الشمالي بعد معارك مع قوات النظام، وقد بدأ الفصيل المعارك بتفجير عربة ملغمة في مواقع لهذه اقوات. وأسفرت المعركة عن مقتل عدد كبير من أفراد هذه القوات والاستيلاء على أسلحة وذخائر.

وفي 4 سبتمبر/أيلول 2016 أظهر "جند الأقصى" تطورا نوعيا في أدائه الميداني ببثه تسجيلا مصورا لاستخدامه طائرات بلا طيار ترمي قنابل ترمي قنابل بشكل عمودي على مواقع تابعة لقوات النظام في بلدة معردس بريف حماة. مشيرا إلى أنها عبارة عن منظومة إلكترونية لاسلكية قادرة على حمل قنابل صغيرة وكاميرات رصد.

واندلعت في أوائل سبتمبر/أيلول 2016 اشتباكات عنيفة بين "جند الأقصى و"حركة أحرار الشام" في ريفي حماة وإدلب على خلفية اعتقالات متبادلة بينهما، مما أدى إلى سقوط نحو سبعين قتيلا من الطرفين.

وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2016 أعلن جند الأقصى في بيان "مبايعته" لجبهة فتح الشام، وذلك بعد ساعات من إعلان ثمانية من كبرى الفصائل المعارضة وقوفها إلى جانب أحرار الشام ضده، مطالبة -في بيان مشترك- أن يعلن جند الأقصى معاداته لتنظيم الدولة الإسلامية، وأن يسلم أعضاءه المتهمين بالانتماء لتنظيم الدولة والمتورطين في اغتيال قادة في المعارضة المسلحة.

وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول 2016 أكدت "جبهة فتح الشام" أنها قبلت "بيعة جند الأقصى" وانضمامه إليها "حقنا للدماء"، بعد استنفاد كافة "الخطوات الشرعية" في إيقاف الاقتتال بينه وبين "حركة أحرار الشام"، ووعدت الجبهة بإحالة القضايا العالقة بين الطرفين إلى "قضاء شرعي" يُتفق عليه مع الجبهة.

وأكدت الجبهة أن قبول انضمام "جند الأقصى" جاء بشروط، منها: "قبولهم بمحكمة شرعية، وتسليم المتورطين ومن ترفع دعوى ضدهم، وحل الجند واندماجهم كاملا داخل فتح الشام وتبني سياستها كاملة".

يشار إلى أن وزارة الخارجية الأميركية أدرجت "جند الأقصى" في قائمتها للمنظمات "الإرهابية" يوم 20 سبتمبر/أيلول 2016 باعتبارها "وحدة في جبهة النصرة".

المصدر : الجزيرة