الحموي الحامد.. ثوري جمع بين السلفية والتصوف

الموسوعة - محمد بن محمود الحامد/ سوري / أحد علماء الاخوان المسلمين بسوريا/ حماة

محمد الحامد، أحد قادة الجيل الأول من الإخوان المسلمين بسوريا، درس بمصر وصحب الشيخ حسن البنا، وبعد عودته لحماة كافح ضد الاحتلال الفرنسي، وعرف بتصوفه وسعة علمه وتأثيره على الناس.

المولد والنشأة
ولد محمد محمود الحامد عام 1910 في مدينة حماة السورية لأسرة علم وأدب. وقد توفي والداه وهو في مرحلة مبكرة من عمره فنشأ يتيما في كنف أخيه بدر الدين.

الدراسة والتكوين
ظروف اليتم والفقر منعت الحامد من تلقي العلم بشكل طبيعي مما اضطره للعمل في مهنة الخياطة نهارا والدراسة على المشايخ ليلا في المساجد.

وقد تلقى العلوم الشرعية على خاله الشيخ سعيد الجابي والشيخ محمد سعيد النعساني وتوفيق الصباغ وغيرهم.

في عام 1924 التحق بدار العلوم الشرعية بحماة ومنها توجه إلى المدرسة الخسروية الشرعية بحلب 1928 حيث درس على علماء كبار بينهم الشيخ أحمد الزرقا وأحمد الكردي وعيسى البيانوني وإبراهيم السلقيني، كما أخذ الطريقة النقشبندية الصوفية عن الشيخ أبي النصر سليم خلف الحمصي.

وفي عام 1938 سافر إلى القاهرة للدراسة في الأزهر ونال منه درجة العالمية عام 1942 في تخصص القضاء.

الوظائف والمسؤوليات
عمل الشيخ محمود الحامد خطيبا ومدرسا في جامع السلطان بحماة، وقد كرس جل وقته للتعليم والوعظ إلى جانب الإصلاح الاجتماعي والنشاط ضد الاستعمار الفرنسي.

التجربة العلمية
ابتداء من طفولته المبكرة، أظهر الشيخ الحامد ولعا بالعلم والأدب، وقد كان للوسط الأسري تأثيره الكبير عليه، حيث كان أخوه بدر الدين شاعرا، وأما خاله الشيخ سعيد الجابي فكان عالما وشاعرا بارزا.

في عام 1938 رحل الحامد إلى مصر للدراسة في الأزهر وكان رفيقه في الرحلة الشيخ مصطفى السباعي الذي قاد لاحقا الحركة الإسلامية في سوريا.

خلال إقامته بالقاهرة تعرف الحامد على العديد من العلماء المصريين وصحب مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا مما كان له الأثر البالغ في توجهه الفكري والسياسي.

يرى الحامد أنّ "حسن البنا مجدّد قرون وليس مجدّد هذا القرن فحسب"، ويقول عن علاقته به "والذي أثّر في نفسي تأثيرا من نوع خاص وله يد في تكويني الشخصي سيدي وأخي في الله وأستاذي الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله وأغدق عليه غيوث الإحسان والكرم، صحبْتُهُ في مصر سنين".

وبعد أن نال درجة العالمية من الأزهر بتفوق عاد إلى حماة وعندها لفت أنظار العلماء وتحلق حوله طلبة العلم وعرف بخطبه ودروسه في جامع السلطان.

استنفر الشيخ الحامد السوريين للكفاح ضد المستعمر فحرض على الجهاد ولعب دورا مهما في الثورة السورية التي توجت بخروج المستعمر الفرنسي عام 1946.

وكما كان مكافحا ضد الاستعمار، برز صوتا قويا ضد ما يسميه الاستبداد والظلم الداخلي، فحث على الحرية والعدل والمساواة.

طالب بتطبيق الشريعة الإسلامية ومحاربة البدع في شتى مناحي الحياة وحذر في ذات الوقت من الفتنة، وحث على الوحدة الوطنية.

وكان الحامد يعتبر واحدا من الرعيل الأول من الإخوان المسلمين في سوريا، وعندما قمع النظام البعثي احتجاجات حماة 1964 وقتل العشرات من الإسلاميين، لعب الحامد دورا وطنيا توفيقيا وعمل على تهدئة الوضع لتجنب الفتنة.

علميا، عرف عنه سعة اطلاعه وتحذيره من استسهال الاجتهاد كونه يؤدي إلى الفوضى في الفتوى.

يقول الشيخ علي الطنطاوي إن الحامد كان يذهب إلى التضييق على الناس، ولكنه شهد له بأنه كان "صادقاً مع الله، صادقاً مع نفسه، وقد جعل الله له من الأثر في الناس ما لم يجعل لعشرات من أمثالي أنا".

وقال عنه الشيخ سعيد حوّى "كان دائم التلاوة لكتاب الله، مداوما على الذكر اليومي وكان غزير العبرة كثير البكاء".

وإلى جانب موقفه المتشدد إزاء البدع كان الحامد صوفيا على الطريقة النقشبندية ونقل عنه قوله إن "السلفية الحقة مجتمعة مع الصوفية الصحيحة، متى حسن الفهم وصحّ العزم على الجمع الذي هو شأن الدعوة".

في الجانب الأدبي، لعبت البيئة وظروف النشأة دورا كبيرا في إنتاج الشيخ محمد الحامد، وقد كتب قصائد كثيرة في الحنين والرثاء والتوسل ومدح النبي صلى الله عليه وسلم.

المؤلفات
ومن مؤلفاته: ردود على أباطيل، التدارك المعتبر لبعض ما في كتاب القضاء والقدر، حكم الإسلام في الغناء، حكم اللحية في الإسلام، القول في المسكرات، حكم الإسلام في مصافحة المرأة الأجنبية، نظرات في اشتراكية الإسلام (وهو رد على كتاب مصطفى السباعي: اشتراكية الإسلام).

الوفاة
توفي محمد محمود الحامد عام 1969 بحماة ودفن بها.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية