قانون مكافحة الإرهاب "المعدل" بإندونيسيا 2018

JAKARTA, INDONESIA - OCTOBER 1: A general view as members of Indonesia's parliament gather to be sworn in during their inauguration at the House of Representative Building on October 1, 2014 in Jakarta, Indonesia. The House of Representatives on Friday voted 226 to 135 to approve the bill, according to which governors, district chiefs and mayors would be elected by the local legislatures. (Photo by Oscar Siagian/Getty Images)
البرلمان الإندونيسي يقر تعديلا لقانون مكافحة الإرهاب لعام 2003 (غيتي)

صهيب جاسم-جاكرتا

أدت تفجيرات بالي الشهيرة عام 2002 إلى تحول في السياسات الأمنية في إندونيسيا، مما جعل قضية الإرهاب مركزية في اهتمامات الأجهزة الأمنية، وتمثل ذلك في صدور أول قانون إندونيسي يختص بمكافحة الإرهاب، وتشكيل الوحدة 88 لمكافحة الإرهاب.

بعد نحو 15 عاما من تفجيرات بالي دفعت تفجيرات سورابايا في مايو/أيار الجاري وما تلتها من أحداث إلى تعديل القانون رقم 15 لعام 2003، مع زيادة مجالات تأثيره وعقوباته، وما زالت تفاعلات المؤسسات المدنية والمنظمات المجتمعة مستمرة تجاه الصيغة التي صدق عليها البرلمانيون الإندونيسيون في 25 من الشهر الجاري، وذلك بعد نقاشات وخلافات بين البرلمانيين والحكومة استمرت لنحو عامين.

وكان أول التغييرات الواضحة في القانون الجديد هو التفصيل في تعريف الإرهاب الذي ورد أنه "عمل يلجأ إلى العنف أو التهديد بالعنف يولد أجواء ترهيب أو خوف على نطاق واسع ويتسبب في سقوط ضحايا بأعداد كبيرة أو/وخراب ودمار في المباني والأماكن ذات الأهمية والإستراتيجية والبيئة المحيطة والمؤسسات العامة والدولية، ويكون بدوافع أيدلوجية وسياسية..".

اتساع نطاق العقوبات
ووسع القانون نطاق العقوبات وأشكال الجنايات التي تطبق عليها، فالعقوبات تتراوح بين ثلاث سنوات والسجن المؤبد، وقد تصل إلى الإعدام.

ومن الجرائم التي أضافها القانون أو فصل فيها حديثا:

– من يتعامل مع المواد الكيميائية والجرثومية والنووية تصديرا أو استيرادا بصورة غير شرعية، أو يخزنها.

– من يخطط وينظم أشخاصا للقيام بأعمال إرهابية داخل البلاد وخارجها، ويجرم من ينضم لتنظيمات صنفت إرهابية وهي خارج البلاد، أو المشاركة في تدريب عسكري أو شبه عسكري أو ترتيب ذلك والتخطيط له وتجميع أفراد ليتدربوا تدريبا عسكريا بهدف الإعداد لعمل إرهابي.

– من يجند أشخاصا ويجمعهم ويرسلهم للمشاركة في تدريب عسكري لأغراض إرهابية، أو من "يحرض" بخطاب أيا كانت صيغته شخصا أو مجموعة على القيام بأعمال إرهابية، وثبت القانون زيادة العقوبة بحق من يستغل القاصرين في أعمال إرهابية، وهي إضافة أخرى إلى القانون.

ومن النقاط التي ظلت تثير جدلا بين المشرعين الإندونيسيين ومؤسسات المجتمع المدني فترات سجن المشتبه فيهم أو المتهمين بالتورط في أعمال إرهابية، فالمشتبه في تورطه بأعمال إرهابية يمكن احتجازه لفترة ثلاثة أسابيع بقرار من الشرطة، وقد تمتد فترة الاحتجاز إلى سبعة أشهر بعد توجيه الاتهام إلى المشتبه فيه.

وبسبب إبداء بعض الجهات الحقوقية قلقها من احتمال وقوع أي انتهاك لحقوق الإنسان خلال عمليات الاحتجاز أو الاعتقال والسجن فقد أضيفت عبارة موجزة بأن كل تلك الإجراءات تتم وفق اعتبارات قيم حقوق الإنسان، دون تفصيل لتلك الاعتبارات.

ويسمح القانون بالتنصت على اتصالات أشخاص يشتبه في أنهم يخططون ويعدون لتنفيذ أعمال إرهابية، ويكون بداية لثلاثة أيام بدون إذن قضائي وقد يصل لفترة عامين.

وتضمن القانون الجديد مواد يمكن تصنيفها ضمن السياسات الوقائية أو الاستباقية في مكافحة الإرهاب من خلال ثلاثية: التأهب الأمني للدولة، وتنفيذ برامج متخصصة تستهدف "المتطرفين" المدانين سابقا أو السجناء منهم، والعنصر الثالث الجديد الذي أضيف هو ما عرف بمواجهة التطرف أو الراديكالية، وهي جزئية طرحت تساؤلات بشأنها من قبل شخصيات عديدة حول آلية تصنيف فئات من المجتمع بصفة معينة واستهدافهم ببرامج فكرية للتوعية بخطر التطرف.

 دور جديد للجيش
رغم أن القانون أكد على أن الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب تظل هي الجهة التنسيقية والتخطيطية العليا وتتبع مباشرة رئيس البلاد منذ تشكيلها عام 2010 وفصل مهامها الإستراتيجية والتنفيذية فإن مادة أخرى لفتت انتباه الأوساط الإعلامية والحقوقية والمجتمعية، وهي استحضار دور الجيش في مكافحة الإرهاب، فقد جاءت الإشارة إلى ذلك في نهاية القانون في مادة موجزة مع ترك التفصيل في ذلك لقرار رئاسي ينتظر أن يناقش لاحقا لتفصيل الخطوات التنفيذية، من اعتبار "مهمة الجيش في مواجهة الإرهاب على أنها جزء من العلميات العسكرية في غير حالة الحرب".

ويتوقع رئيس أركان الجيش الإندونيسي المارشال تشاهيانتو أن ذلك سيشمل مشاركة الجيش في إجراءات وقائية من الإرهاب وتعامل مع مظاهره وأحداثه حال وقوعها وما بعد ذلك من مرحلة التأهيل والتعافي منه، مؤكدا في تصريحات صحفية أن دور الجيش ضمن بهذا التقنين لدوره الجديد أنه لن يكون مجرد مساعد لدور الشرطة، بل سيبادر بالتحرك لمواجهة حالة ضرورية تستدعي تدخله، ويعود بذلك أيضا إلى قانون الجيش الصادر عام 2004 إلى جانب ما جاء في الإضافة الجديدة هذه لقانون مكافحة الإرهاب.

ويختتم القانون مواده بفقرة جاءت ردا على مطالب جمعيات عدة بشأن ضرورة وجود آلية لمراقبة جهود مكافحة الإرهاب لتكون أكثر شفافية وخاضعة للتقييم، حيث أشير إلى تشكيل لجنة برلمانية تراقب جهود مكافحة الإرهاب من قبل الجهات الأمنية والقضائية والعسكرية المختلفة مع تأجيل التفصيل في آلية عملها لقرار برلماني لاحق.

المصدر : الجزيرة