إعادة إعمار العراق.. تركة الغزو والفساد

BRUSSELS, BELGIUM - JUNE 22: (L-R) Benita Ferrera Waldner, Kofi Annan, Condoleezza Rice, Jean Asselborn, Hoshiar Zebari and Xavier Solana attend a press conference at the meeting of international Foreign Ministers to discuss the rebuilding Iraq at the Justus Lipsius building on June 22, 2005 in Brussels, Belgium. The conference was attended by representatives from more than 80 countries and U.N secretary General Kofi Annan said afterwards tht 'this conference marked a
مؤتمر لإعادة إعمار العراق عقد في بروكسل يوم 22 يونيو/حزيران 2005 (غيتي)

بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، انطلقت عملية إعادة الإعمار في هذا البلد، وعقدت مؤتمرات دولية عدة لحشد الدول المانحة، وقدمت وعود كثيرة بمليارات الدولارات لإعادة إصلاح ما دمرته سنوات الحرب، لكن النتائج لم تكن على قدر الوعود.  

وشابت عملية إعادة الإعمار ظاهرة الفساد المالي تورط فيها عراقيون وأميركيون، مما جعل صحيفة واشنطن بوست تورد في تقرير لها أن جهود إعادة الإعمار التي بدأت بآمال واسعة انتهت الآن في مستنقع الفساد وسوء الإدارة.

وزيادة على كل ذلك، رفض الأميركيون -الذين تعهدوا حينها بتقديم 20 مليار دولار للعراق- الالتزام بوعودهم السابقة، وأعلنوا عام 2006 أنهم لن يخصصوا أي أموال إضافية لإعادة إعمار العراق، ثم جاءت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتعلن أنها لا تعتزم المساهمة بأي أموال لهذا الغرض.

ويعود الاهتمام ببرامج إعمار العراق إلى يونيو/حزيران 2003، حيث عقد أول اجتماع تحضيري في نيويورك حددت خلاله الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والجانب العراقي القطاعات الرئيسية المعنية بإعادة الإعمار منها التعليم والصحة والنقل والمواصلات والكهرباء.

مؤتمرات
وقد عقدت مؤتمرات دولية عدة خصصت لإعادة إعمار العراق منذ عام 2003، ففي أكتوبر/تشرين الأول 2003 عقد أول مؤتمر للمانحين بشأن العراق في العاصمة الإسبانية مدريد، شاركت فيه 70 دولة بالإضافة إلى عدد من المنظمات الدولية والهيئات غير الحكومية.

وأنشأت الجهات الدولية المانحة صندوق إعادة الإعمار، وتعهدت بتخصيص مبلغ 33 مليار دولار لتمويل عمليات إعادة الإعمار من ضمنها مخصصات على شكل قروض ومنح واجبة السداد، واحتلت الولايات المتحدة حينها قائمة الدول المانحة لإعادة إعمار العراق تلتها اليابان.

وعقدت الجهات المانحة للعراق يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول 2004 مؤتمرا بالعاصمة اليابانية طوكيو بمشاركة نحو 55 منظمة ودولة، اتفق المانحون فيه على الإسراع في تقديم المساعدات التي وعدوا بها للمساهمة في جهود إعادة الإعمار.

وقدمت اليابان خلال المؤتمر 40 مليون دولار لتنظيم الانتخابات في العراق. ووعد الاتحاد الأوروبي بتقديم 247 مليون دولار، في حين عرض الوفد العراقي على مؤتمر طوكيو أكثر من 300 مشروع بتكلفة تصل 43.5 مليار دولار، بينها 53 مشروعا تتعلق بإعادة تأهيل البنية التحتية.

كما احتضنت العاصمة البلجيكية بروكسل يوم 22 يونيو/حزيران 2005 مؤتمرا آخر حول إعادة إعمار العراق تحت رعاية الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبمشاركة ممثلين لأكثر من 80 دولة أغلبهم من وزراء الخارجية.

وفي 18 يوليو/تموز 2005 عقد مؤتمر للجهات المانحة للعراق في الأردن، بمشاركة الأمم المتحدة والبنك الدولي وأكثر من 60 دولة وهيئة مانحة. وانتقد الوفد العراقي عدم التزام الدول المانحة بتعهداتها، إذ لم يحصل العراق حتى ذلك المؤتمر إلا على سبعة مليارات دولار أميركي أنفق معظمها على مشاريع إحلال الأمن وحماية المصالح الأجنبية في العراق، في حين شبه مبعوث الأمم المتحدة العراق بالمريض الذي يحتاج إلى مساعدة خارجية.

وقدرت الولايات المتحدة والمنظمات الدولية احتياجات الإعمار في العراق حتى عام 2007 بنحو 56 مليار دولار، بينما قال وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في مارس/آذار 2017 إن بلاده بحاجة لمشروع شبيه بـمشروع مارشال الذي ساهم في بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. وجاء ذلك خلال استقباله بيرت ماكغورك المبعوث الخاص للرئيس الأميركي والوفد المرافق في بغداد.

بعد إعلان العراق عن انتهاء حربه على تنظيم الدولة الإسلامية، شاركت أكثر من 70 دولة ونحو 1850 شركة عالمية يوم 12 فبراير/شباط 2018 وعلى مدى ثلاثة أيام، في مؤتمر للمانحين في الكويت. وسبق المؤتمر إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي احتياج العراق لنحو مئة مليار دولار  من أجل إصلاح البنية التحتية المتداعية والمدن التي تعرضت للدمار بسبب القتال ضد تنظيم الدولة.

أما الولايات المتحدة الأميركية التي تسبب غزوها في تدمير البنية التحتية للعراق، فقالت على لسان أحد مسؤوليها إن إدارة الرئيس دونالد ترمب لا تعتزم المساهمة بأي أموال في إعادة إعمار العراق

فساد مالي
تؤكد مختلف التقارير أن عملية إعادة الإعمار شابتها عمليات فساد مالي، ففي 30 يوليو/تموز 2007 كشف تقرير أميركي أن الحكومة العراقية فشلت في تولي مسؤولية مشروعات إعادة الإعمار، وأنها تواجه صعوبات في إدارة ميزانيتها خاصة قطاعات النفط والأشغال العامة والتعليم.

ولم يقتصر الفساد على العراقيين فقط، بل إن تقريرا صدر في نهاية 2005 للمفتش العام الأميركي لبرنامج إعادة الأعمار اتهم رئيس الإدارة الأميركية للعراق بول بريمر -الذي شغل منصب مدير إعادة الإعمار والخدمات الإنسانية في العراق- بتبديد تسعة مليارات دولار لتمويل الوزارات الجديدة تحت الاحتلال دون نجاعة.

كما خضع المفتش العام لعملية إعادة إعمار العراق ستيوارت بوين عام 2007 للتحقيق بتهمة إساءة التصرف في أموال عراقية وأميركية.

وكشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في موقعها الإلكتروني في فبراير/شباط 2009 نقلا عن مسؤولين أميركيين عن تحقيقات بشأن شبهات فساد شابت عمليات إعمار العراق، وقالت إنها توسعت لتشمل ضباطا أميركيين كبارا كانوا مسؤولين عن هذا البرنامج.

المصدر : الجزيرة + وكالات