الانتخابات المحلية بالجزائر.. المشاركون وهاجس العزوف

حملة الانتخابات المحلية بالعاصمة الجزائرية.
الانتخابات المحلية تسبق الانتخابات الرئاسية المقررة في 2019 (الجزيرة)

نظمت في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 الانتخابات المحلية في الجزائر لتجديد المجالس الشعبية البلدية والولائية، وتأتي على وقع مخاوف السلطة والأحزاب (الموالاة والمعارضة) من عزوف المواطنين -خاصة الشباب- عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع.

المشاركون 
الانتخابات المحلية التي تأتي قبل انتخابات الرئاسة المقررة مطلع 2019، يشارك فيها أكثر من خمسين حزبا، بالإضافة إلى المستقلين، ويتنافسون جميعا على 1541 مجلسا بلديا و48 محافظة. ووفق وزارة الداخلية، فقد بلغ عدد المرشحين 165 ألف مترشح للمجالس البلدية، و16600 مترشح للمحافظات، في حين يتجاوز عدد الناخبين 22 مليونا.

وهذه سادس انتخابات محلية تعددية منذ الانفتاح السياسي في البلاد عام 1989.

وتشارك الأحزاب الفاعلة في هذه الانتخابات المحلية، وأبرزها حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم وشريكه التجمع الوطني الديمقراطي، بالإضافة إلى أبرز أحزاب المعارضة مثل حركة مجتمع السلم و"حزب طلائع الحريات" الذي يرأسه المترشح السابق للانتخابات الرئاسية علي بن فليس.

هاجس العزوف
وتراهن السلطة ومعها الأحزاب السياسية المشاركة على هذه الانتخابات للتقرب أكثر من المواطن من باب إدارة الشأن المحلي، في ظل الأزمة الاقتصادية التي فرضتها تراجع مداخيل النفط، والأوضاع المالية الصعبة التي تعرفها الخزينة العمومية الجزائرية، غير أن هذا الرهان يصطدم بصخرة العزوف التي باتت السمة البارزة في الانتخابية الجزائرية.

ففي الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو/أيار 2017 لم تتجاوز نسبة المشاركة 35%، حيث سُجلت أضعف نسبة مشاركة في تاريخ التعددية الحزبية منذ إقرار دستور فبراير/شباط 1989، أما نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية لسنة 2012 فكانت 44.27%.

وفاز حزبا جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي بالانتخابات المحلية عام 2012 بفارق شاسع عن الإسلاميين الذين تراجعوا إلى مراكز متأخرة، في حين شكل تقدم بعض الأحزاب العلمانية إلى المراكز الأولى مفاجأة الانتخابات.

ويذكر أن الجزائر دخلت عهد التعددية الحزبية بعد إقرار دستور جديد في فبراير/شباط 1989، الذي أنهى نحو ثلاثة عقود من حكم الحزب الواحد (حزب جبهة التحرير الوطني).

الأحزاب السياسية (موالاة ومعارضة) التي فقدت هي الأخرى مصداقيتها لدى المواطن حاولت خلال الحملة الانتخابية إقناع الناخب بجدوى الذهاب إلى صناديق الاقتراع خلال الانتخابات المحلية، ولذلك راحت تعزف على وتر التغيير الذي يأتي عبر الانتخابات، وتتسابق في ما بينها على تقديم الوعود المعهودة في كل المواعيد الانتخابية.

ورسم الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى صورة مشرقة للجزائر، بقوله في تجمع له في مدينة وهران بالغرب الجزائري في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 "إن الجزائر بخير، نحن نعيش في السلم والمصالحة". واتهم من سماهم تجار السياسة بأنهم يرسمون صورة سوداوية عن البلاد في الداخل والخارج.

أما الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس فصنع الحدث بتصريحاته التي خرجت عن سياق الانتخابات المحلية، ومن بين ما قاله "إنه وحده مع الله سبحانه وتعالى أعلم بمن سيكون رئيسا للجمهورية بعد 2019″، كما طمأن في تصريح آخر له الجزائريين بأن الأموال موجودة، وقال "أقسم بالله الأموال موجودة"، وكان بمثابة رد على أحمد أويحيى الذي قال إن الحكومة لم يكن باستطاعتها دفع أجور شهر نوفمبر/تشرين الثاني.

اتهام الإدارة
أما أحزاب المعارضة المتخوفة هي الأخرى من العزوف الانتخابي، فلم تدخر جهدا في اتهام السلطة بوضع العراقيل الإدارية أمامها، حيث اتهمت حركة مجتمع السلم (إسلامية) في أكتوبر/تشرين الأول أداء الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات، بسبب "غيابها "عن مراقبة عملية الترشيحات.

في حين قالت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون في تجمع انتخابي لها إن حزبها هو "الوحيد الذي يمكن له تغيير ميزان القوى من أجل منح السيادة للشعب"، وأشارت إلى أن المشكلة التي تعرفها البلاد هي "أزمة نظام وليست أزمة اقتصادية".

وبموجب التعديل الدستوري في فبراير/شباط 2016 شكلت السلطات الجزائرية هيئة عليا مستقلة لمراقبة الانتخابات، ترأسها عبد الوهاب دربال، تشرف على نزاهة العملية الانتخابية، وتضم 410 أعضاء، نصفهم قضاة، يقترحهم المجلس الأعلى للقضاء، والنصف الآخر كفاءات مستقلة من المجتمع المدني.

مخاوف السلطة والمعارضة من ظاهرة العزوف تعززها صرخات الشباب الجزائري على مواقع التواصل الاجتماعي، تنديدا بالأوضاع الصعبة التي يعيشها الجزائريون، وهو ما تطرق له الشاب أنس تينا الذي أصدر مقطعا على يوتيوب بالتزامن مع الانتخابات المحلية أسماه "راني زعفان" (أنا غضبان) شرح فيه الحالة الجزائرية، ونال الفيديو نسبة تفاعل عالية جدا أربكت السلطات.

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية