رؤساء أميركيون تعرضوا لمحاولات عزل

كومبو يضم صور الرؤساء الأميركيين الثلاثة: أندرو جونسون، ريتشارد نيكسون، بيل كلينتون.
من اليمين: بيل كلينتون، وريتشارد نيكسون، وأندرو جونسون (الجزيرة+وكالات)

يعرف النظام السياسي الأميركي حالة فريدة من الاستقرار السياسي والدستوري، والبعد عن الهزات والاضطرابات التي تشهدها الكثير من دول العالم وتعصف بأنظمتها السياسية، وتؤدي في أحيان كثيرة إلى الإطاحة برؤسائها أثناء مأمورياتهم الدستورية.

فمن جورج واشنطن أول رئيس أميركي (1789-1797)، إلى الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب (2017)، لم يعزل أي رئيس أميركي من منصبه على الإطلاق، وتعرض ثلاثة رؤساء فقط من أصل 45 رئيسا لإجراءات عزل فشلت في حالتين ولم تصل نهاية المسار في الحالة الثالثة.

ورغم أن محاولات عزل الرؤساء عبر الطرق الدستورية فشلت في الحالات الثلاث، فقد تمت الإطاحة برؤساء أميركيين آخرين بطرق غير دستورية؛ حيث شهدت البلاد عبر تاريخها السياسي اغتيال أربعة رؤساء، فضلا عن عدد كبير من محاولات الاغتيال الفاشلة.

محاولات العزل
تعرض ثلاثة رؤساء أميركيين (ديمقراطيان وجمهوري) لمحاولات عزل من مناصبهم لأسباب ومبررات مختلفة، وهؤلاء الرؤساء هم:

أندرو جونسون (1808-1875): رئيس أميركي ديمقراطي، انخرط في صراع مع الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون، بعد أن اتهم بمخالفة القانون على خلفية إزاحته وزير الحرب الأميركي من منصبه، وهو القرار الذي لم يكن يحق له كرئيس أن يتخذه في أعقاب الحرب الأهلية، وجرى سحب الثقة منه من قبل مجلس النواب، ولكن تمت تبرئته في مجلس الشيوخ بفارق صوت واحد.

ريتشارد نيكسون: (رئيس الولايات المتحدة الأميركية الـ37، عن الحزب الجمهوري، خلال الفترة 1969-1974) غادر نيكسون البيت الأبيض في عام 1974، قبل ما يقرب من ثلاث سنوات من انتهاء فترة رئاسته الثانية، بعد أن أجبر على الاستقالة كنتيجة لثبوت تورطه في فضيحة تجسس عناصر من الحزب الجمهوري على المقر الرئيسي للحزب الديمقراطي في واشنطن، في ما عرف بفضيحة ووترغيت.

وتعتبر ووترغيت أشهر فضيحة سياسية في تاريخ الولايات المتحدة؛ حيث أدت إلى استقالة الرئيس نيكسون من منصبه ليصبح الرئيس الوحيد المستقيل في تاريخ البلاد، وأصبحت بعد ذلك رمزا للفضائح السياسية في أميركا والعالم.

وكان يمكن -لو أن نيكسون لم يستقل- إدانته بثلاث تهم تتعلق بإساءة استخدام السلطة، وعرقلة سير العدالة، وتحدي قرار المحكمة باستدعائه.

بيل كلينتون: رئيس الولايات المتحدة الأميركية الـ42 عن الحزب الديمقراطي، قام مجلس النواب الأميركي بإقالته في 19 ديسمبر/كانون الأول 1998، بتهم الكذب في الحلف وعرقلة سير القانون على خلفية علاقته الجنسية بمونيكا لوينسكي المتدربة في البيت الأبيض، لكنه بُرئ من قبل مجلس الشيوخ في 12 فبراير/شباط 1999 وأكمل ولايته الرئاسية.

إجراءات العزل
ينص الدستور الأميركي على أنه يمكن للكونغرس عزل الرئيس أو نائبه أو القضاة الفدراليين في حال "الخيانة، أو الفساد، أو جرائم أخرى وجنح كبرى"، علما بأنه يثور الكثير من الجدل حول معاني ودلالات هذه المصطلحات.

وبعد عام 1967 أصبح من الممكن اللجوء إلى المادة 25 من الدستور الأميركي التي تمت المصادقة عليها في ذلك العام من أجل حل الإشكالات الطارئة التي قد تحدث في أي وقت، والتي برزت بشكل قوي بعد اغتيال الرئيس الأميركي جون كينيدي.

وينص هذا التعديل (25) على أنه يمكن أن يعلن نائب الرئيس الأميركي وأغلب الموظفين الرئيسيين في الإدارات التنفيذية أن الرئيس غير قادر على أداء مهامه، وفي هذه الحالة يتولى نائب الرئيس الصلاحيات والمهام كرئيس بالوكالة.

وتمر إجراءات عزل الرؤساء الأميركيين في الحالات العادية عبر مرحلتين؛ يصوت مجلس النواب في البدء بالأغلبية البسيطة على مواد الاتهام التي تفصّل الأفعال المنسوبة للرئيس، وهو ما يسمى "العزل"، وفي حال توجيه التهمة يتولى مجلس الشيوخ محاكمة الرئيس.

وفي ختام المناقشات، يصوّت أعضاء مجلس الشيوخ على كل مادة، ويتعين الحصول على أغلبية الثلثين لإدانة الرئيس، وفي حال تحقق ذلك يصبح العزل تلقائيا لا رجعة فيه، وفي حال عدم تحقق الأغلبية المطلوبة يُبرأ الرئيس، وهو ما حصل مع بيل كلينتون في فبراير/شباط 1999.

ويوضح المحاضر في القانون بجامعة كورنيل في أوهايو جنس ديفد أولن أن السلطة القضائية ليس لها يد في قرارات العزل، ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية "يكفي أن يقتنع الكونغرس بأن الرئيس ارتكب جرائم أو جنحا كبرى، إنهم يقومون بدور القضاة لتحديد إن كانت معايير الإدانة متوفرة، وهذا يجعل العزل عند مفترق السياسة والقانون، ولا يتطلب الأمر توجيه التهمة أصلا للرئيس"، حسب أولن.

المصدر : الجزيرة + وكالات