استفتاء كتالونيا.. الحصيلة والنتائج

BARCELONA, SPAIN - OCTOBER 01: People hold Catalan flags as they listen to Catalan President Carles Puigdemont speak via a televised press conference as they await the result of the Indepenence Referendum at the Placa de Catalunya on October 1, 2017 in Barcelona, Spain. More than five million eligible Catalan voters are estimated to visit 2,315 polling stations today for Catalonia's referendum on independence from Spain. The Spanish government in Madrid has declared
سلطات كتالونيا تؤكد أن 90% صوتوا لصالح الانفصال عن إسبانيا (غيتي)

تمكن إقليم كتالونيا من تنظيم استفتاء الانفصال عن إسبانيا يوم 1 أكتوبر/تشرين الأول 2017، في خطوة عدتها صحيفة البايس "أكبر تحد" للدولة الإسبانية منذ وفاة الجنرال فرانكو عام 1975. وصوت 90%من الناخبين، حسب سلطات الإقليم، بـ"نعم" في الاستفتاء الذي ترفضه مدريد.

كتالونيا من أغنى الأقاليم الإسبانية البالغ عددها 17 يتمتع بحكم ذاتي موسع الصلاحيات، لكنه يطالب بالانفصال عن إسبانيا منذ عقود طويلة، غير أن الحكومات الإسبانية المتعاقبة في مدريد وقفت له بالمرصاد، مستندة على دستور عام 1978 الذي ينص على "وحدة الأمة الإسبانية التي لا تنفصم"، و"يضمن ويعترف بحق الحكم الذاتي للقوميات والأقاليم التي تتكون منها إسبانيا".

وتجددت رغبة الانفصال عام 2010 عندما ألغت المحكمة الدستورية جزءا من قانون الحكم الذاتي الجديد الذي أقره مواطنو كتالونيا في استفتاء شعبي في يونيو/حزيران 2006، ويقضي بتوسيع صلاحيات الحكم الذاتي المالية للإقليم، حيث تظاهر وقتها آلاف الكتالونيين غاضبين "نحن أمة.. نحن الذين نقرر".

مع العلم أن الدستور الإسباني لا يعترف بشعب كتالونيا أمة منفصلة عن الشعب الإسباني.

وتحت ضغط التيار القومي أجري استفتاء رمزي في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، شارك فيه نحو 37% من مواطني الإقليم (كان أغلبهم من القوميين)، وصوَّتت الأغلبية الساحقة منهم لصالح خيار الاستقلال عن إسبانيا.

وبعد سلسلة من الصراعات السياسية والقضائية بين سلطات كتالونيا والسلطات في مدريد، تمسك الإقليم بإجراء استفتاء الانفصال في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2017، باعتباره خطوة مشروعة رغم أن المحكمة العليا الإسبانية حظرت قانون الاستفتاء الذي أقره برلمان الإقليم، بحجة أنه يخرق الدستور.

واستندت حكومة الإقليم في تحديها لمدريد على التأييد الواسع الذي تلقاه القوى القومية بكتالونيا، وفي طليعتها طلبة الجامعات وغيرهم من أبناء الإقليم الذين تظاهروا مرات دعما للاستفتاء.

التحدي الكتالوني
حاولت السلطات الإسبانية منع عملية الاقتراع بكل الطرق المتاحة لديها، من خلال السيطرة على العديد من مراكز الاستفتاء، ونشر تعزيزات أمنية كبيرة، ومصادرة أكثر من 12 مليون بطاقة تصويت، وإغلاق نظام إحصاء الأصوات، وغيرها من الإجراءات الهادفة لمنع التصويت.  

وحصلت مواجهات بين الشرطة الإسبانية ومؤيدي الاستفتاء في مختلف أرجاء الإقليم، خلفت، حسب سلطات كتالونيا، إصابة نحو 800 شخص. وتحدثت الداخلية الإسبانية من جهتها عن إصابة 12 من أفرادها أيضا في هذه المواجهات.

ورغم تلك الإجراءات والعنف الذي خيم على الوضع توجه أكثر من خمسة ملايين ناخب في برشلونة ومدن الإقليم الأخرى إلى صناديق الاقتراع يوم 1 أكتوبر/تشرين الأول 2017، للاختيار بين "نعم" و"لا" في الرد على سؤال "هل تريد أن تصبح كتالونيا دولة مستقلة على شكل جمهورية؟".

ونظم الاستفتاء في موعده المقرر وشارك فيه نحو 2.26 مليون شخص وأيده 90% من الأصوات، حسب أرقام حكومة الإقليم، وبنسبة إقبال بلغت نحو 42.3% من إجمالي عدد الناخبين في كتالونيا البالغ 5.34 ملايين.

وصوت 2.02 مليون ناخب كتالوني بـ"نعم" لصالح الاستفتاء، حسب ما كشف الناطق باسم حكومة كتالونيا جوردي تورول في مؤتمر صحفي، لتعلن الحكومة بعد ظهور النتائج أن "سكان الإقليم كسبوا حقهم في إقامة دولة".

رئيس الإقليم كارلس بويغديمونت من جهته، قال في خطاب متلفز في برشلونة إن الكتالونيين كسبوا الحق في أن تكون لهم دولة مستقلة بعد نزول "الملايين" منهم للمشاركة في الاستفتاء، ودعا الاتحاد الأوروبي إلى الانخراط مباشرة في النزاع بين إقليم كتالونيا والدولة الإسبانية، قائلا "نحن مواطنون أوروبيون ونعاني من انتهاكات لحقوقنا وحرياتنا".

وأعلن زعيم الإقليم أن الناخبين أقروا حق الاستقلال، وأنه سيطرح النتائج على البرلمان المحلي الذي يملك عندئذ سلطة بدء عملية الاستقلال. مع العلم أن قانون الاستفتاء يتضمن إعلان الاستقلال من جانب واحد من قبل برلمان الإقليم إذا صوتت الأغلبية بالانفصال عن إسبانيا.

بعد الاستفتاء
الحكومة الإسبانية من جهتها لم تقر بالنتائج، بل اعتبر رئيس الوزراء ماريانو راخوي بعد ظهور النتائج أن الاستفتاء "فشل"، مؤكدا أن حكومته أوفت بالتزاماتها.

وأعرب عن أمله بتراجع حكومة كتالونيا عن إعلان انفصالها عن إسبانيا، وقال راخوي "لن نسمح بإهدار أربعين عاما من الوئام من خلال ابتزاز البلد بأكملها. آمل أن يتخلوا عن هذا المسار الذي لا يقود إلى شيء". كما دعا الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان إلى اجتماع طارئ لمناقشة أزمة كتالونيا.

ويملك رئيس الوزراء الإسباني السلطة الدستورية لعزل حكومة الإقليم ووضعه تحت الإدارة المركزية لحين إجراء انتخابات جديدة.

وتجدر الإشارة إلى أن الموقف الإسباني للاستفتاء يجد الدعم من الشركاء الأوروبيين، وأعلن رئيس المفوضية الأوروبية جون كلود يونكر في تصريح له عن عدم قبول كالتونيا في الاتحاد الأوروبي.

وفي حال استقل إقليم كتالونيا، تتكبد إسبانيا خسائر جمة، حيث ستفقد مساحة تقدر بحوالي 33 ألف كيلومتر مربع، أي أنها ستفقد 8% من إجمالي مساحتها، زيادة على 16% من سكانها.

وستكون الخسارة الكبرى اقتصادية، باعتبار أن إسبانيا ستحرم من قوة اقتصادية هائلة، زيادة على ما سيجلبه ذلك من عدوى انفصال في الأقاليم الأخرى، ونقل عن وزير إسباني قوله "أخشى بشدة من أن استقلال إقليم كتالونيا سيؤدي بالفعل إلى وضع نهاية للدولة الإسبانية، لأن استقلال كتالونيا سيكون مثل توالي سقوط قطع الدومينو عند إسقاط القطعة الأولى".

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية