تفاصيل مقتل رجال الشرطة بدالاس الأميركية

عملية شهدتها مدينة دالاس الأميركية مساء يوم 7 يوليو/تموز 2016 خلفت مقتل خمسة من رجال الشرطة، وإصابة نحو 11 شخصا بجراح، إلى جانب مقتل مسلح اشتبك مع الشرطة وأخبرهم أنه يريد قتل البيض تحديدا وخاصة رجال الشرطة منهم، فيما يبدو أنه رد فعل على مقتل مواطنين سود على يد رجال شرطة.

البداية..
الحكاية بدأت في الخامس من يوليو/تموز 2016 بعدما أظهر تسجيل في لويزيانا شرطيا يطلق خمس رصاصات على مواطن أميركي من ذوي البشرة السوداء يدعى ألتون سترلينغ فقتله، رغم أن الرجل كان مطروحا أرضا.

بالتزامن مع ذلك، أظهر شريط آخر -وهذه المرة بمدينة مينابوليس بولاية مينيسوتا- شرطيا وقد أطلق النار على مواطن آخر من ذوي البشرة السوداء يدعى فيلاندو كاستيل بعد إيقاف سيارته وكانت برفقته امرأة وطفل، ونشرت صديقة الضحية التسجيل المصور عبر استخدام خاصية البث الحي عبر فيسبوك.

سبقت الحادثتان حوادث مماثلة قتل فيها مواطنون من ذوي البشرة السوداء على يد رجال شرطة بيض، وهو ما أجج غضب المواطنين الذين خرجوا في مظاهرات بولايات إلينوي ولويزيانا ومينيسوتا وفلوريدا وميشيغان وواشنطن وتكساس وبنسلفانيا. كما تظاهر المئات في منهاتن بـنيويورك، واعتقلت الشرطة عشرة منهم بعدما عطلوا حركة السير.

وعلى الرغم من أن المظاهرات التي كانت تضم مئات أو عشرات الأشخاص لم تكن كبيرة، لكن انتشارها الجغرافي يشير إلى تصاعد الغضب، خاصة في أوساط الأقليات.

السلطات سارعت إلى تهدئة غضب المواطنين بفتح تحقيق على المستوى الاتحادي في حادثة قتل المواطنين الأسودين الثلاثاء والأربعاء في لويزيانا ومينيسوتا، لكن مثل هذه الخطوات لم تعد كافية، إذ أن تحقيقات ومحاكمات سابقة أفضت إلى تبرئة عناصر من الشرطة قتلوا مواطنين سودًا.

استهداف الشرطة
بعد حادثي لويزيانا ومينيسوتا، وتحديدا في السابع من يوليو/تموز 2016 بمدينة دالاس بـولاية تكساس، خرج مئات المواطنين الأميركيين في مظاهرة احتجاجية على استمرار بعض رجال الشرطة البيض في قتل مواطنين من ذوي البشرة السوداء، لكن حدث ما لم يكن متوقعا إذ قتل خمسة من رجال شرطة وأصيب سبعة برصاص "مجهولين"، قبل أن يتضح لاحقا أن الأمر يتعلق بعسكري احتياط سابق اسمه ميكا جونسون.

بيانات الشرطة في البداية أشارت إلى أن "مسلحين" كانوا في مكان مرتفع بدؤوا إطلاق النار على رجال الشرطة الساعة 20.45 من مساء الخميس 7 يوليو/تموز 2016 بالقرب من أحد شوارع وسط مدينة دالاس في المكان الذي كان فيه المحتجون يسيرون.

وقتها صرح رئيس الشرطة المحلية في دالاس (ديفد براون) أن حالة ثلاثة من عناصر الشرطة حرجة للغاية. 

ونقلت صحيفة "دالاس مورنينغ نيوز" عن شاهد عيان قوله إن مطلقي الرصاص كان يتعاملون باحترافية في إطلاق الرصاص، ولا يبدو أنهم هواة.

وخلال عملية إطلاق النار أصيبت سيدة ألقت بنفسها على أبنائها الأربعة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و17 عاما كانوا يشاركون في المظاهرة الاحتجاجية ضد قتل الشرطة للمواطنين السود، وأصيبت في إطلاق النار ونقلت إلى المستشفى.

"قتل البيض"
بعد منتصف الليل، اشتبكت الشرطة مع رجل مسلح (ميكا جونسون) داخل مرآب للسيارات وسط دالاس، حيث أخبر الشرطة أن "النهاية اقتربت" وأنه زرع قنابل، لكن سرعان ما انتهى النقاش معه حيث قُتل بعد أن فجرت الشرطة عبوة حملها روبوت صغير إلى حيث مكان وجود الرجل، وصرحت الشرطة بعدها أنها اضطرت إلى اللجوء إلى هذا الحل تفاديا لسقوط ضحايا من الشرطة.

قائد شرطة دالاس أعلن أن ميكا جونسون أبلغ مفاوضيه أنه أراد قتل الأميركيين البيض، خصوصا منهم رجال الشرطة، وأنه لا ينتمي إلى أي مجموعة.

وأوضح براون أن جونسون قال إنه كان مستاء بسبب عمليات إطلاق النار الأخيرة التي قامت بها الشرطة، وإنه كان مستاء من البيض وإنه يريد قتل الناس البيض، خصوصا عناصر الشرطة.

وعقب الحادث، صرح مسؤولون أميركيون أنه لا توجد مؤشرات على وجود صلة لأطراف دولية بواقعة إطلاق النار في دالاس.

الاشتباكات بدالاس خلفت مقتل خمسة من رجال الشرطة، وجرح 11 آخرين، ومقتل ميكا جونسون. من بين قتلى رجال الشرطة برنت تومسون (43 عاما) كان قد بدأ عمله في جهاز الشرطة عام 2009، وباتريك زاماريبا الذي نعاه أبوه على صفحته في تويتر قائلا "لا يجب أن يكون الأب هو من يدفن ابنه".

الشرطة الأميركية سارعت إلى احتجاز ثلاثة أشخاص مشتبه بهم، وحققت مع آخرين، سعيا منها لكشف خيوط الملف والقبض على مشاركين محتملين في الهجوم. كما بادرت سلطات الطيران الفدرالية إلى إعلان حظر مؤقت على رحلات الطيران فوق مدينة دالاس.

وفي واشنطن، أعلنت القوات الأمنية عن إغلاق مبنى الكونغرس لأسباب أمنية، وطلبت من جميع الموظفين والزوار الاختباء في أماكنهم بالمبنى، حيث تحدثت مصادر عن وجود امرأة مسلحة في قبو المبنى.

حادث إطلاق النار المباشر ضد الشرطة الذي اعتبر الأسوأ في الولايات المتحدة منذ عشرات السنين، أدانه الرئيس باراك أوباما، ووصفه -خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة البولندية وارسو حيث كانت تنعقد قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)- بأنه "هجوم بغيض وخسيس ومتعمد على جهات إنفاذ القانون".

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية